يوم المعلم
فارس ذينات
سابقة تاريخية في وزارة التربية والتعليم , بأن يُعمم وزير التربية المحترم , بكتاب رسمي على مدارس الوطن , أن تحتفل المدارس بيوم المعلم العالمي , إجراء يحدث لأول مرة , بأن يكون يوم المعلم له أهمية لدى صانعي القرار في وزارة التربية , فما الذي تغير حتى تتغير لغة الخطابة لدى هؤلاء الذين اعتادوا على النظرة الدونية للمعلم , وتهميشه في كل سياساتها التربوية وأنظمتها وتشريعاتها .
والسابقة التاريخية الأخرى , أن يوضع على زاوية شاشة التلفزيون الأردني عداد تنازلي , يشير إلى موعد اليوم العالمي للمعلم, ما الذي يحدث ؟؟ ما هذا الغزل يا معلم ؟؟
إنهم يدعون إلى الاحتفال بالمعلم..!!!
حراك المعلمين , الذي مثل الإرادة الجمعية لهم في تحقيق الحلم الذي راود أجيال متعاقبة في انتزاع حقهم الدستوري والشرعي , هو الفعل التاريخي للفكر الجمعي الذي ألزم الجميع بإعادة النظر في المعلم من منطلق حسابات القوى المتقابلة والبحث عن التوازنات .. نعم هي نقابة المعلمين .
حراك المعلمين , هذا الربيع الأردني الذي مهد لربيع عربي , قد برهن للجميع بأن الإرادة الجمعية قادرة على تحقيق الغاية , وتحرير الفكرة من خلف أسوار الخوف , لتنطلق في فضاء الحرية , حراك المعلمين الذي تجاوز كل العقبات , التي افتعلتها العقول الرجعية وعباءات العُرفية التي جسدتها بعض الإدارات والمناصب , ليبرهن أن الإنسان قادر على انتزاع حقوقه , بالتصميم والمثابرة والتضحية , فطوبى لمن سلك طريق الحرية والكرامة , تاركاً خلفه من استسلم أو باع نفسه لعرفية القرار وتردد في قول الحق ملبساً نفسه قناع الخوف .
حراك المعلمين هذا التاريخ النضالي الذي مهد لدخول الأردن بوابة الإصلاح , فيعيد التاريخ نفسه أن المعلم هو صاحب الفعل والحسم.
يوم المعلم في هذا العام , ينأى بنفسه شكلاً ومضموناً عن كل الأعوام التي مضت , إلى غير رجعة , بما حملت من نكران المجتمع لذاته بنكرانهم لمعلميهم , ومن تهميش وحرمان وتضييق لأهم قادة المجتمع وصانعي الأجيال , فهو المسؤول الأول عن تنفيذ التوجهات العامة للدولة , وغرسها في النفوس بإكسابهم المهارة اللازمة , لإبقائه في خضم الأهداف العامة ومرتكزاتها , من خلال تشكيل السلوك وغرس القيم الوطنية .
هذا اليوم , نصادق على فشل كل المخططات والسياسات والتشريعات التي أهملت المعلم ودوره , إذ يقف المعلم وفي هذا اليوم بين أبناءه الطلبة وحاله شامخاً مـُفعماً بروح النصر لنفسه ووطنه , وفي هذا اليوم أيضاً يحقق المعلم ذاته بأنه القائد الحقيقي في الميدان التربوي , والذي لا يمكن لأيّ أحد من أصحاب القرار في تجاوزه أو تهميشه .. ما يتطلب توفير كل الإمكانات اللازمة له للحصول على أفضل النتائج في النظام التربوي الأردني .
قامات المعلمين , تعانق الغيوم افتخاراً بتحقيق ذاتهم التي ناضلوا لأجلها , وذلك للوصول إلى التغيير الذي يرتقي بهم وللعملية التربوية والمجتمع , لإبراز حقيقة من حالة جديدة , تتماهى والضرورات الوطنية , فالنقابة أصبحت أمراً واقعاً بعدما كانت خطاً أحمر , لتعزز بذلك من قدرة المعلم للارتقاء بواقع العملية التعليمية برمتها , والإعلاء من مكانته وكرامته , وتحقيق أمانيه الوطنية الصادقة لتمهد له حياة كريمة تغنيه عن العوز .
هذا اليوم , هو يوم تاريخي لمعلمي الوطن , ويختلف فيه عن بقية معلمي العالم , فهو يحتفل بتحقيق حلمه الذي ناضل من أجله , ليحظى بالحق , في نقابة المعلمين التي انتزعها شرعاً من خلف الخطوط الحمراء.