من أفضل نتائج الحرب التي زادت على الأسبوعين أن قضية فلسطين-لا بل حتى اسم فلسطين- التي ظنت اسرائيل ومن معها أنه قد محي من ذاكرة المواطن العربي والمسلم والمسيحي، فاذا بفلسطين والقدس وغزة عناوين تتصدر معظم وسائل الاعلام في العالم، وجماهير تخترق عواصم العالم الغربي كما العربي تهتف لفلسطين وحريتها.
-من الواضح جدا أنه كلما طال أمد الحرب على «غزة العزّة» كلما تكشّفت أكاذيب الاعلام الصهيوني الذي اتخذ من كثير من وسائل الاعلام العالمية -وهو المالك الاكبر لها -منصّات لاطلاق أكاذيبه وسمومه ضد الانسانية وبمنشورات ومطبوعات وفيديوهات ورسائل كاذبة وملفقة، حاول ولا زال يحاول من خلالها تبرئة الجلاد وجلد الضحية، عبر وسائل اعلامه المتعددة التي يستخدمها كسلاح فتاك في معركة مفعول سلاح الاعلام فيها يفوق في كثير من الاحيان ما تحدثه الصواريخ، ..أقول كلما طال أمد الحرب كلما تكشفت الحقائق أكثر وظهرت الاكاذيب بكل وضوح..وقد ساعد ويساعد على ذلك عدة أمور منها:
1 - المقاومة ومنذ 7 تشرين الاول الحالي وانطلاق عملية «طوفان الأقصى» استخدمت سلاح «الاعلام الحربي» لاظهار ما ألحقته بالعدو الاسرائيلي من خسائر ستبقى وصمة عار في تاريخ جيش لفّق بإعلامه المزيف أنه الجيش الذي لا يقهر، وأن استخباراته هي الأمهر والأميز في العالم، فاذا بكل ذلك ينهار في سويعات، وقد نجح الاعلام الحربي للمقامة -الذي لا زال يبث رسائل وفيديوهات للقطات من بطولاته وخروقاته لمنظومة الجيش الذي لا يقهر ومستوطناته..نجح باظهار صورة نجاحاته مقابل الفشل الذريع لاسرائيل ومنظومتها الأمنية .
2 - ومع بدء العدو الاسرائيلي بلملمة جراحه اتخذ هجوما اعلاميا مضادا ضد الاعلام الحربي للمقاومة من خلال رسائل اعلامية موجهة للعالم الغربي بالدرجة الاولى يزوّر فيها الحقائق، وليبدو أنه الضحية في كل ما يجري وأن أطفاله قد قطّعت رؤسهم وأن نساءه وشيوخه بين قتيل وأسير، لتنقشع الغمّة وتظهر الحقيقة بكذب الروايات الإسرائيلية جميعها.
3 - مهما حاول الاعلام الاسرائيلي وخلفه الاعلام الغربي الذي ظهر بأبشع صوره، وقد كنّا نعلم ذلك ولكن كثيرين منّا ربما لم يتوقعوا الصلافة لهذه الدرجة، مهما حاول الاعلام الغربي تزوير الحقائق أو تغييبها أو حتى دفنها تحت كل عمارة أو بيت أو مسجد أو كنيسة أو مستشفى قصفها بحجج الدفاع عن النفس الا أن كل ذلك انقلب عليه في الاعلام الغربي.
الذي كشف الوجه البشع لاسرائيل المدجج والمعوم من أعتى جيوش العالم ممن هبوّا لنجدته بكل ما أتوا من آليات الدمار الحديثة.
4 - من إيجابيات منصات «التواصل الاجتماعي» في هذه الحرب أن كثيرا منها نقل حقائق لم تنقلها محطات فضائية منحازة، فشاهد العالم بكل وضوح صورة الجرائم التي ترتكب بحق الانسانية.
5 - ..بالمناسبة كثيرون في العالم لم يكونوا يعرفون فلسطين على الخارطة..فصاروا يعرفون اليوم فلسطين وغزة والقدس والاقصى.. ويتعاطفون مع اهلها الذين تجردهم وسائل الاعلام الاسرائيلية والغربية بمجملها من أية مسميات أو صفات بشرية.
6 - من حسن الطالع أن ما تحاول اخفاءه عن الاعلام جهة تكشفه أخرى، ربما ليس حبّا أو تعاطفا مع قضية فلسطين العادلة، بل مناكفة وعداوة بين تلك الجهات..فعلى سبيل المثال تكشف وسائل الاعلام الروسية الانتهاكات الامريكية وتتهمها بالكيل بمكيالين ضد الفلسطينيين في حين تتعاطف مع لاجئي اوكرانيا..وغيرها من الدول الحريصة على مناكفة امريكا وكشف خداعها .
7 - ..حتى داخل الولايات المتحدة الامريكية فإن «المناكفات السياسية» بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي تفضح ما يرتكب في غزّة وفلسطين من فضائع وجرائم حرب، فالحزبان - وان اتفقا على دعم وتأييد اسرائيل المطلق -لكنها يختلفان حول حجم الدعم وآلياته وسبل ادارة الصراع في المنطقة.
8 - يضاف الى ذلك كله النجاحات التي يحققها اعلاميون عرب برزوا خلال الاحداث بقدرة تأثير هائلة عبر وسائل الاعلام الغربية، ساعدهم بذلك لغة انجليزية واضحة ومؤثرة وفي مقدمة هؤلاء بلا شك السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زملط والاعلامي النجم باسم يوسف.
9 - من كل ما تقدم ندرك تماما حجم تزايد التأييد الجماهيري في العالم لفلسطين وغزة تحديدا بفضل الاعلام الذي يكشف الحقائق يوما بيوم ولحظة بلحظة..وخير شاهد على ذلك مسيرة لندن امس الاول التي شارك فيها اكثر من 100 ألف مشارك رافعين أعلام فلسطين ..اضافة للمسيرات الجماهيرية في مختلف عواصم العالم.