فايز شبيكات الدعجه - ترأس المدير مزهوا اجتماع عادي، او أقل من عادي، كان واثق من نفسه الى أبعد الحدود، مع كثير من الغرور، ومن العجرفة والتكبر كعادته. واحاط به حينها طاقمه الاعلامي لغايات التغطية والبث.. كاميرات وادوات اضاءة وميكروفونات كثيرة واوراق واقلام، ووضعوا له ماء، وورد، وعصير كوكتيل (طازج).
صمت كثيرا وهو يجول بنظره في اوجه الحاضرين، وتنحنح مرتين قبل ان يتكلم، وبدا ان مزاجه مش ولا بد.
تحدث كثيرا، وشجب ممارسات البعض، واستنكر تواضع اداء البعض الاخر ، ودعا الى ضرورة الالتزام باخلاقيات المهنة، وحثهم على المزيد من البذل والعطاء، ثم فتح باب النقاش.
أبدى احدهم بعض سلبيات المؤسسة ومعيقات العمل مقترحا تلافيها.. عندها المدير غضب ورد عليه بفوقيه. وقال ثائرا :-
قبل ان تتفلسف هكذا قل لي ماذا انجزت وماذا قدمت للمؤسسة؟ احكي.
كان ردا جارحا، وشعر الموظف بالإهانه والحرج، وكان ذاك الموظف اسمه (نكير) فاستهدفه على الفور بسؤال صاروخي وقال:- قل انت اولا ماذا انجزت وماذا قدمت للمؤسسة التي تديرها منذ عام وشهرين؟ قل لي بربك ما فعلت!؟
باغته العفريت بالرد ، وأصابت عطوفة المدير قذيفة السؤال، فبهت، واحمر وجهه، وتعرّق، وارتبك، وأخذ يتلعثم ويردد. ها. ها.. ها.. ماذا قدمت!؟ إيش حكيت؟. ما سمعت.. ما فهمت سؤالك.
تصعيد
حاول بلا جدوى ان يتذكر انجازا واحدا.. لم تخنه الذاكرة.. لكنه لم ينجز فعلا ما يمكن ان يخرس به هذا الشيطان الذي اقتحمه على نحو مفاجيء.
لقد كان الباشا - والحق يقال- كابوسا على مرؤوسيه، وتقييمه العام عندهم انه قائد غير مقنع ، روتيني وعسير الفهم، ولا يحترمهم، وتحيط به شله سيئة تعبث بالمؤسسة فسادا، وتهيمن على كل شيء.
واصل نكير تضييق الخناق على مديره وخاطبه هذه المرة بنبرة اقوى، مؤكدا على ضرورة سماع الاجابه، مضيفا عباره اخرى. وهذه العبارة الاخرى هي :- جاوب لو سمحت جاوب.
تحولت هنا شخصية الباشا الى شظايا، وازداد ارتباكا ،وعاد يردد مره اخري... ها ها ها ماذا انجزت.هاهاها.
انعقد لسانه، وخارت قواه، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت وقال.. انا بصراحه يعني احكيلك شي بالنسبه لسؤالك يعني قسما بالله اني يعني سؤالك وجيه. لكن صدقني يعني سألتني ماذا انا انجزت؟.
فشل في تركيب جملة مفيدة.
تصعيد ثالث.
لكن نكير لم يتوقف، فحاصره، وأصر على سماع الاجابة . قال له.. ما فهمنا شي من عطوفتك...قل لنا ماذا انجزت، احكي لو سمحت.
ولاحقت مديرنا لعنة السؤال.. وباستثناء قله من السحيجه والمنافقين كان وقوعه في هذه الورطة يدغدغ مشاعر الحضور لانه باختصار ( جلف).
على اي حال لم يستمر في ادارة المؤسسة بعد ذلك طويلا، فقد رصدت الجهات العليا ذلك الجدل، وتفاصيل ما دار في الاجتماع وأنهت خدماته مبكرا مع الشكر الجزيل.