زاد الاردن الاخباري -
بقلم د. طارق زياد الناصر
لا شك في أن حملات المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية والشركات الداعمة للاحتلال وحتى تلك التي تعمل بعلامات تجارية عالمية داعمة نجحت بامتياز وبات أثرها واضحا للعيان، لكن ما المانع في أن نقرأ حملات المقاطعة على أنها فرصة لإعادة تشكيل السوق والسلوك الاستهلاكي للمواطن الأردني.
ولأن الألم الكبير في نفوسنا وضمائرنا بحاجة إلى كل مبادرة ونتيجة تجعل العالم يعرف حجم الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة، ولأن المقاطعة يجب أن لا تكون مؤقتة وآنية فحسب، فإنه من الواجب على القطاع التجاري والصناعي بمؤسساته الأهلية والحكومية أن يحيي العلامات التجارية المحلية تحت عنوان "صنع في الأردن" باعتبارها بديلا دائما عن المنتجات محل المقاطعة.
وبعيدا عن النفع العام المتحقق من مثل هكذا خطوة، فإن النفع المعنوي هو الأهم فنحن اليوم بحاجة لانتصار صناعاتنا ومنتجاتنا على كل صناعة غزت ثقافتنا، وبحاجة لأن نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، وقد يقول قائل إن مثل هذه الخطوة قد تشكل ضررا على الشركات المحلية ذات العلامة التجارية العالمية، والرد سيكون مباشرا بأنه بات من الضروري أن تبادر مثل هذه الشركات باستثمار خبراتها الطويلة بعيدا عن هذه العلامات وبناء علامة تجارية أردنية، ربما تطرق باب العالمية يوما ما.
إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعزز ثقتنا بمنتجاتنا وأن تساهم في بناء ثقافة أبنائنا أولا تجاه دعم السوق المحلي باعتباره شكلا من أشكال الانتماء لوطنهم، وعنوانا لايمانهم بقضاياهم الوطنية، ناهيك عن تنشيط الحركة التجارية المحلية وتشجيع رأس المال المحلي على دخول المنافسة.
المطلوب فقط حملة تسويقية إحترافية تعزز قيمة المنتج المحلي،وتروج للعلامات التجارية المحلية في مختلف المجالات باعتبارها بديلا عن العلامات التي تدعم سلوكيات الاحتلال العدوانية ضد أهلنا في غزة، وبدلا من التركيز على المقاطعة فقط فلنعمل جميعا من أجل دعم ما يصنع في أوطاننا، وليساهم كل منا في رسم هذه الصورة المشرقة لقدرتنا على الاستغناء عن منتجاتهم بخبراتنا وصناعاتنا المحلية.