ليست خيبة أمل بل تفاصيل وحيثيات في قصة عملية حماس في السابع من هذا الشهر وردت على لسان د.موسى ابو مرزوق في حديث لقناة الجزيرة يقول فيها ان حماس كانت تنتظر الكثير من حزب الله ومن الضفة الغربية ووصف موقف السلطة الفلسطينية بأنه "مخز".
هذا التصريح في الأسبوع الرابع من العدوان يكشف عن اتفاق او توقع وغالبا كان اتفاقا بين حماس وايران او حزب الله بأن تكون هناك مساندة لها من حزب الله لكن خيبة أمل حماس تكررت في اكثر من تصريح ومنها التصريح الاخير، ولعل هذا الشعور بالخذلان مقصود من حزب الله لحماس ردا على ذات الامر عبرت عنه سورية في بدايات الحرب في سورية عندما غادرت حماس دمشق والاهم انها انحازت في ذلك الوقت الى المحور المعادي لبشار الاسد وعملت حتى عسكريا على اسقاط النظام من خلال مساعدة تنظيمات عسكرية معارضة للنظام على حفر انفاق في مناطق دمشق عادت حماس وسلمت خرائطها للنظام السوري ببادرة حسن نية حين كانت تسعى لإعادة علاقاتها مع نظام بشار الاسد قبل سنوات.
أما ما قاله القيادي في حماس حول الضفة يتلخص بموقفين، الاول يخص التحرك الشعبي وحتى العسكري من الضفة وهو مرتبط بموقف السلطة الذي اعتبر انه مخزي لأنها لم تفتح الباب حتى للتعبير عن تضامن فلسطيني الضفة مع فلسطيني غزة.
والحديث عن الضفة يقودنا للحديث عن فصائل منظمة التحرير مثل الجبهة الشعبية والديمقراطية.. فمسار السلطة الفلسطينية الذي رسمه لها اتفاق أوسلو لم يترك أثرا على حركة فتح فقط وهي التي تقود السلطة وتحكمها لكنه ترك أثرا على فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي لا يكاد صوتها ولا صورتها تظهر في اي حدث بما فيها الأحداث الكبرى مثل ما جرى في جنين ومخيمها قبل شهور والعدوان الحالي على غزة.
لم يعد احد يسمع عن الجبهة الشعبية ولا الديمقراطية ولا بقية الفصائل التي كانت تملك مقاتلين، وكانت قبل ان تدخل إلى الضفة تختطف الطائرات في دول عربية بل وتمارس أعمالا مخلة بأمن تلك الدول وتقوم باغتيالات، لكنها منذ أن دخلت إلى الضفة حيث المكان الطبيعي لمواجهة الاحتلال تراجع حضورها حتى اصبحت اليوم غائبة في أصعب مراحل القضية الفلسطينية حيث يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة إلى الموت.
"أوسلو" ابتلع حركة فتح وأعاد إنتاجها سلطة ووزراء وأجهزة أمنية ورجال أعمال وسفراء، وايضا هضم فصائل أخرى كانت تملأ دولا عربية فوضى واغتيالات بحجة تحرير فلسطين لكنها ذهبت إلى فلسطين حيث الاحتلال قريب منها بلا حدود ولا "أنظمة رجعية!!"، كما كانوا يسمون دولا عربية تحولوا إلى جزء من السلطة ليس لهم وجود في الشارع، ولا تأثير في السلطة التي نزعت إسرائيل منها الدسم السياسي لصالح الدور الأمني.
خريطة الفصائل الفلسطينية تغيرت بشكل جذري، وحتى تلك الفصائل التي تعمل في سورية فليس لها أي دور في قضية فلسطين بل ان بعضها قاتل إلى جانب النظام السوري اكثر مما قاتل من أجل فلسطين، فكل حركة محسوبة وكل شيء يحتاج إلى موافقة الجهات الأمنية السورية، وفي لبنان لايستطيع لي فصيل إطلاق العاب نارية في الجنوب الا بموافقة حزب الله .
فصائل المنظمة التي كانت إلى ما قبل أوسلو ذابت في أوسلو وتم إعادة إنتاجها، باستثناء بعض من كانوا فيها وما يزالون يعملون في ساحات عربية مثل الأردن عبر أحزاب مرخصة وفق قانون الأردني، هؤلاء يطالبون كل الأطراف بكل شيء لكنهم لا يطالبون تنظيماتهم الام التي ما تزال على قيد الحياة في مناطق السلطة دون أي حضور.
الخشية من دخول الضفة الغربية في فوضى أمنية وشعبية وسياسية والحاجة الأميركي الإسرائيلية للتنسيق الأمني مع السلطة هي التي تبقي حتى الآن فصائل السلطة بما فيها حركة فتح خيارا سياسيا وممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني رسميا في العلاقات مع الدول، لكن خريطة الساحة الفلسطينية وتحديدا في الضفة الغربية تحمل تفاصيل جديدة، وربما رغبة اهل الضفة في الاستقرار المعيشي والحياة الطبيعية هو الذي يعطي لخيارات السلطة السياسية قوة دفع، لكن لو تغيرت معادلات إسرائيل في الضفة او حاولت السلطة كسر الدور الأمني فإن تغييرات في الأشخاص ستحدث وربما تغييرات فيما هو اكبر.
الجبهة الشعبية والديمقراطية وكل فصائل المنظمة تغيب عن فعل مؤثر، بينما بعض مما يزالون يحملون ارتباطا ما معهما ينادون الدول بفتح الحدود والقتال، لكن الاهم ان تلك الفصائل اختارت ان تكون في مكان بعيد في أقرب نقطة لغزة والأهم للاحتلال.