أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الجمعة .. ارتفاع آخر على درجات الحرارة الاحتلال يقصف مستشفى كمال عدوان شمال القطاع .. "الأوكسجين نفد" (شاهد) الأردن يوقع بيانًا لإقامة علاقات دبلوماسية مع تيمور الشرقية القناة 12 : “إسرائيل” ولبنان قريبان من اتفاق في غضون أيام المومني: دعم الصحافة المتخصصة أمر أساسي وأولوية بوتين يهدد بضرب الدول التي تزود أوكرانيا بالأسلحة .. "الباليستي رد أولي" شحادة: السماح لجنسيات مقيدة بدخول الاردن يهدف لتعزيز السياحة العلاجية وإعادة الزخم للقطاع ماذا تعني مذكرات التوقيف بحق نتنياهو .. ما القادم والدول التي لن يدخلها؟ جرش .. مزارعون ينشدون فتح طرق إلى أراضيهم لإنهاء معاناتهم موجة برد سيبيرية تندفع إلى الأردن الأسبوع المقبل مسبوقة بالأمطار خبير عسكري: صواريخ أتاكمز الأميركية ستنفجر بوجه واشنطن قروض حكومية بدون فوائد لهذه الفئة من المواطنين الأردن .. 750 مليون دينار العائد الاقتصادي للطلبة الوافدين ريال مدريد عينه على (الصفقة الصعبة). أيرلندا :نؤيد الجنائية الدولية بقوة السرطان يهدد بريطانيا .. سيكون سبباً رئيسياً لربع الوفيات المبكرة في 2050 أستراليا تتجه لسن قانون يمنع الأطفال من وسائل التواصل أمريكا ترفض قرار الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وجالانت النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات من جراء التوترات الجيوسياسية ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 44056 شهيدا
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة (داعش) : تأصيلاتٌ شرعيّة ، وتنبيهاتٌ واقعيّة

(داعش) : تأصيلاتٌ شرعيّة ، وتنبيهاتٌ واقعيّة

02-11-2023 10:43 AM

رصد ومتابعة - الاعلامي عيسى محارب العجارمة - وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ، ففي هذه الايام القاسية والاردن الهاشمي كالشاة الوليدة في الليلة الشاتية المطيرة ، حيث تمتد السلسلة الحدودية الاردنية مع الحرس الثوري الايراني بدولتين عربيتين مجاورتين اضافة للكيان الصهيوني ، اجد الحاجة ماسة للتنقيب عما هو اهم من البترول للاردنيين .

الا وهو فكر العلامة الوسطي المرحوم الشيخ علي الحلبي اسد السنة ليعطينا الراي الشرعي في تجمع المجاميع الارهابية للحرس الثوري الايراني قرب الطريبيل على الحدود الاردنية العراقية ، ولان الشئ بالشئ يذكر فلا بد من العروج على مقالة لشيخنا المفضال رحمه الله تحدث بها تأصيلا وتفصيلا عن خطر تنظيم داعش .

مع ابداء رأيي الشخصي الذي لن امل من تكراره عسى ان القى الله عليه في عرصات يوم القيامة الا وهو ان الخليفة الشرعي للامة وامير المؤمنين هو جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه وسمو ولي عهده الامين وجيشنا العربي واجهزتنا الامنية الباسلة .


(داعش) :
التنظيم..الجهاد..البيعة ..ثم الخلافة!

تأصيلاتٌ شرعيّة ، وتنبيهاتٌ واقعيّة

لمن لا يزالُ غيرَ عارفٍ معنى هذا اللقبِ-(داعش)-وسببَه ؛ أقولُ : هو اختصارٌ مِن بعض حروف عنوان حركتهم وتنظيمهم، الذي هو:«الـ(ـد)ولة الـ(إ)سلامية في الـ(ـعـ)ـراق والـ(ـشـ)ـام»-!

وإن كانوا هم-الآن!-من حيث الواقعُ-يَرون أنفسَهم في مرحلة جديدة : مِن (التنظيم) إلى (الدولة!)، ومن(الحركة)إلى (الخلافة)-مما سيكون-عملياً-سبباً في تذويبِ مُصطلح (داعش)شيئاً فشيئاً-!!!

وابتداءً : لا بُد مِن قول كلمةٍ-مهمة-فيما أَرى-:

التركيزُ –بل التضخيمُ!- الإعلاميُّ الكبير-الحالي-على (داعش)،وظهورها، وانتشارها، وبطشها، وعُنفها، و...قوّتها..أكثرُه ليس بريئاً ! وبخاصةٍ مع تَعانُقِه –كيفما كان الأمرُ-مع التخويف(!) الصهيونيّ-المستمرّ-لبلادنا الأردنية المبارَكةِ -وغيرها- منه!ومِن أخطارِه!

والحقُّ : أننا –بفضلٍ الله-تعالى-ورحمته-في هذا البلد الميمون-خاصّةً-بمَنأى بالغٍ-إن شاء الله- مِن هذه المخاطر المدّعاة،وتلكم التهويلاتِ المفتراة :لأسبابٍ كثيرةٍ –دينيّة ،ووطنية ،وسياسية ، واجتماعية ، وفكرية- ليس هنا موضعُ تعيين مجالاتِها،وتبيين مساراتِها ، ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله ﴾.

ولكنّ هذا الائتمانَ الحاضرَ-الواعيَ- لا يمنعُنا –كُلّاً في موقعه وموضعه- مِن الحذَر والانتباه-وهما موجودان-ولله الحمدُ-وعلى مستويات عالية- : مِن شيءٍ مِن مغامرات اعتباطية (فُجائية) قد يقوم بها بعضُ حمقى المتحمّسين العاطفيِّين –هنا أو هناك-!!

وعليه؛فأقول:

ظهر هذا (التنظيم) فجأةً..وتصدّر المشهد فجأةً..ثم توسّع فجأةً..ثم أعلن الخلافةَ-فالخليفةَ-فجأة!

كلُّ هذا..بتسارعٍ مُدهِشٍ يفتح أمامَ مجالاتِ التفكير المنطقيّ(!)-واحتمالاتِه المتكاثرة-أَلفَ بابٍ وباباً!!

ولكنّنا لن نخوضَ -قَطّ-بالظنِّ ،ولا بالتخمين ! وإنما سننطلقُ –بثبات وتحقيق- مِن باب العلم ،والحُجّة ، والبُرهان-مما هو منظورٌ للجميع-لا غير-:

فمِن ناحية عامة ؛ جذورُ هذا التنظيم مرتبطةٌ -تماماً-بالأُسُس الفكرية (والحركية) التي انبنى عليها (تنظيم القاعدة)-وهي: دعوى الجهاد!والغلوّ في التكفير!وما يُبتنى عليهما مِن..ومِن..-!وهو ما تنبّهنا لمخاطرِه ،وحذّرنا من آثارِه : مبكِّراً-ولله الحمدُ-منذ بضعة عشر عاماً : قبل أحداث (11/9-مباني نيويورك)،وأحداث (9/11-فنادق عمّان)-وذلك فيما كتبناه مِن كتب عدّة،ومقالات متعدّدة؛أهمّها:«التحذير من فتنة التكفير»،و«صَيحة نذير بخطر التكفير»-وغيرِهما-والله المستعان-.

وقد تفرّع –على ساحة الثورة السورية- عن (تنظيم القاعدة)-:(جبهةُ النصرة)، ثم كان ظهور(داعش) -أيضاً -على ساحة الثورة السورية -بعد ذلك!ثم وقعت بينهما (!) المقاتلُ والمهالك!!!

وعلى إثر هذا الظهور (الداعشي)-ولأسبابٍ وأسبابٍ!- : حصل فكُّ الارتباط مع (داعش)–وذلك مِن خلال تصريح مُعلَن-ومشهور-وعلى لسان أيمن الظواهري(الأمير الحالي لتنظيم القاعدة) ؛لتُجعلَ الصلات الحركية بين (تنظيم القاعدة) وفرعها الشاميّ (العلَني) -بكافة أشكالها- محصورةً بـ(جبهة النصرة)-لا غير-!

وعَوداً على بَدء:

* (التنظيم) : مِثلُه على الساحة الحزبية الإسلامية كثيرٌ –وفي كل مكان- ؛ولا يزالون-أجمعون!- ينخرون في جسد الأمة الواحدة ،ويفتّتونها،ويمزّقون شملَها-من غير انتفاع بتجرِبة!ولا عبرةٍ بنتيجة!ولا يزالون!!

* أما (الجهاد)؛فهو الورقة الرابحة التي لا تزالُ كثيرٌ من الأحزاب والحركات-إلى هذه اللحظة-تستخدمُها-بقوة!-لتكونَ الجاذبَ الأكبرَ لكثير من الشباب المسلم الطيِّب الصادق-شرقاً وغرباً--للانخراط الحزبيّ الأعمى في جماعاتٍ لا يعرفون ما/مَن=وراءها!

طمَعاً مِن هؤلاء الشبابِ-جميعاً-سدّدهم الله إلى مزيد هداه- بنَيل رضوان الله ، والفوز (سريعاً) بجنّته-تعالى-نسأل ربَّنا أن لا يحرمَنا منها-.

و(الجهاد)-مِن حيث هو-شاء مَن شاء!وأبى مَن أبى!-يمثِّلُ «ذُروة سَنام الإسلام»-كما قال نبيُّنا الكريم-،ولكنّ العبرةَ في وجوبه ومشروعيّته كامنةٌ في ضوابطه ، وقائمةٌ في موجباته،وأسباب وجوده!

فالفيصلُ بين التهوّر والشجاعة خيطٌ رفيع ؛كما أنّ الفرق بين (الجهاد) والإفساد -أيضاً- خيطٌ-لعلّه-أرفعُ!

ومِن دقائق الفقه الإسلاميّ العالي-في هذا الباب-ممّا يُغفله-أو يجهله!-عامةُ مُنظّري الجهاد (!) العصري-اليوم-فضلاً عن جمهور شبابِهم-ممّا أوقعهم بمهالكَ لا يكادُ يكونُ لها نهايةٌ!-:

ما قاله العلامة الإمام أبو المظفَّر السمعاني-المتوفى قبل نحو ألف سنة إلا خمسين عاماً-(489هـ)-في «تفسيره»-عند تفسير قول الله-تعالى-: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ . وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾-قائلاً ما نصّه-:

«...وَفِي الْآيَة قَول آخر - وَهُوَ الْمَذْهَبُ -الْيَوْمَ- وَعَلِيهِ عَامَّة الْفُقَهَاء -: أَنه إِن كَانَ الْكفَّارُ أَكثرَ مِن مِثليهم [من المسلمين] : جَازَ الْفِرَارُ من الزَّحْف؛ لقَوْله: ﴿ الْآن خفّف الله عَنْكُم﴾، وَلقَوْله: ﴿وَلَا تُلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة﴾.

وَلَو صَبَرُوا: جَازَ؛ اللَّهُمَّ [إلاّ] أَن يَعلمُوا –قطعاً- أَنه لَا يُمكِنهُم مقاومتُهم؛ فَحِينَئِذٍ : لَا يجوز الصَّبْرُ؛ لِأَنَّهُ يكون إِلْقَاءً لنَفسِهِ فِي التَّهْلُكَة... ».

ومثلُه-سواءً بسواء- : كلامُ الإمام الأصوليّ عزّالدين ابن عبد السلام-المتوفّى بعد العلامة السمعانيّ بنحو مئتي سنة-(660هـ)-في كتابه«قواعد الأحكام في مصالح الأنام»-حيث قال-:

«انْهِزَامُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْكَافِرِينَ مَفْسَدَةٌ ؛ لَكِنَّهُ جَائِزٌ : إذَا زَادَ الْكَافِرُونَ عَلَى ضِعْفِ المسْلِمِينَ -مَعَ التَّقَارُبِ فِي الصِّفَاتِ- تَخْفِيفًا عَنْهُمْ -؛لِمَا فِي ذَلِكَ مِن المشَقَّةِ، وَدَفْعًا لِمَفْسَدَةِ غَلَبَةِ الْكَافِرِينَ-لِفَرْطِ كَثْرَتِهِمْ عَلَى المسْلِمِينَ-...».

والتجارِبُ الجهاديةُ(!)المعاصرةُ-جميعاً-على ما بُنيت عليه مِن زَغَلٍ وخَلَل!-:فإنها تُثبت مَزيداً من الصوابِ والتحقيق لهذا التأصيل الجليل-بعد كل تلكم الأعوام والقرون-؛حيث لم تُثمر تلكم المغامرات(!)-جميعاً-إلا استجلابَ الويلات المتكاثرة على الشعوب! والمزيدَ مِن تشويه صورة الدين الإسلامي الحنيف في أنحاء العالم!!

فلا يُوجد مسلمٌ -حقٌّ- يُنكِر الجهاد الشرعي الحقَّ-بضوابطه الحقّة-؛حتى لا يُلَبِّسَ بعكس هذا التقرير الحقِّ المحضِ الجهلةُ المقلِّدون ! أو المموِّهون المدلّسون!!

* أما (البيعة !!) ؛ فهي شِنشِنةٌ نعرفها –بهذا الوضوح!- منذ أعلن شكري مصطفى المصري-قبل أكثر مِن ثلث قرن-قيامَ (جماعة المسلمين)،وأنه (أمير المؤمنين!) الذي تجب بيعته!

...إلى أن أُعدِم –في أواخر السبعينيّات-! ثم خَلَفه (أمير المؤمنين!) : (أبو الغوث محمد الأمين عبدالفتاح)، ثم-تالياً- (أمير المؤمنين!): (وحيد عثمان)-ولعلّه لا يزال!-!!

...ثم جاءت (جماعةُ طالبان)-في أفغانستان-،وأَعلنت (المُلا عمر!) أميراً للمؤمنين -أيضاً-وأظنُّه(!) باقياً-!!

وبين هؤلاء وأولئك : كان (تنظيم التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين) قد أعلن (سنة 2007) عن قيام (الدولة الإسلامية)-في العراق!-والذي تورّط-ولا أقول:تطوّر!-إلى:(دولة العراق والشام)،ثم إلى (دولة الخلافة)-العامّة!-كما هو الحالُ-اليومَ-وهو موضوعُ مقالِنا-!

وأتى-غيرَ بعيد-(أميرُ المؤمنين)أبو عيسى القُرشي(!)الأردنيّ-في الباكستان- (بالعمامة السوداء! والجُبّة السوداء!)لِيُعلنَ الخلافةَ-كذلك-خارجاً مِن مظلّة (طالبان) –بعد تكفيره لها!وخروجِه عليها-!!

... وهكذا في سلسلةِ مُتتالياتٍ -مُتوالياتٍ- مِن (البيعات):بدأت... ولم تنته-ولعلّها ..لن تنتهي-!!

والأمرُ في هذه (البيعات!)-وتَناميها-خطيرٌ -جداً-:له آثارُه الواقعية الكبيرة ، وتَبِعاتُه الفعلية المريرة ؛ إذ ليس هو بحثاً نظريّاً محضاً حتى نقولَ:(حنانَيك بعض الشرّ أهون من بعض!)؛ بل هو شرٌّ خالصٌ –في ذاته- ! وذو آثارٍ نكراءَ في نتيجته!

ومِن خلال هذا الواقع المُعاش- المَوّاج بالفتن-:طالَعْنا تحذيرَ (أمير المؤمنين:أبو عيسى القرشي!)-المذكور آنفاً-وذلك قبل نحو سبعة أشهر- لأبي بكر البغدادي(أمير داعش: الدولة : الخلافة!)-الحاليّ-، ومطالبتَه إياه بمبايعته كخليفة!!مستدلاً عليه بحديث النبي ﷺ : «مَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ: فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ؛ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ: فَاضْرِبُوا رَقَبَةَ الآخَرِ»-وفي لفظٍ:«..فاقتلوا الآخِرَ منهم»-!!

فَمَن خليفةُ مَن؟! ومَن يقتل مَن؟!ومَن (سابقُ!)مَن؟!

...في سلسلةٍ أُخرى(!!)-متواصلةٍ-مِن دعاوى البيعات!فالخلافة!فالخلفاء!!! فالقتل..والتقتيل!-في عَبَث لامُتناهٍ بهذه الأُمّة!ودينها!وعقيدتها!-!

ومِن جهة ثانية -تاريخية- : فقد كانت البِذرةُ الأساسُ لأمثال هذه (البيعات)-غير الشرعية-بصورة أو بأخرى!-فكرةً متدحرجةً –قبل كل هذه السنين بسنين- مِن خلال أفكار أكثر الطرق الصوفية- ووقائعها -!مروراً بسائر الأحزاب والجماعات الإسلامية-كجماعة الإخوان المسلمين!وجماعة الدعوة والتبليغ-ولاءً وبراءً!وسمعاً وطاعةً!-مما لا يُنكر أصلَه قادةُ هذه الجماعات وأتباعُها-أنفسُهم-!

ولْننظر –بعد هذه الجولة التاريخية- إلى ذلك الفقه العلمي الرشيد الذي يُؤصّله شيخُ الإسلام ابن تيميّة-رحمه الله-في حقيقة بيعة الخليفة الراشد الأول (أبي بكر ) الصدّيق، وحكمها،وكيفية ثبوتها له -رضي الله عنه- ؛قال-رحمه الله-:

«...وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ عُمَرَ -وَطَائِفَةً مَعَهُ- بَايَعُوهُ، وَامْتَنَعَ سَائِرُ الصَّحَابَةِ عَنِ الْبَيْعَةِ: لَمْ يَصِرْ إِمَامًا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَارَ إِمَامًا بِمُبَايَعَةِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ- الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْقُدْرَةِ وَالشَّوْكَةِ-.

وَلِهَذَا لَمْ يَضُرَّ تَخَلُّفُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ [لَا] يَقْدَحُ فِي مَقْصُودِ الْوِلَايَةِ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا تَحْصُلُ مَصَالِحُ الْإِمَامَةِ...»...

ولْنتأمّل غُرَرَ ما حواه هذا النصُّ مِن فوائدَ فقهيةٍ نفيسةٍ –لا يزال يجهلُها الكثيرون!- تُناقض دعاوى ذوي البيعاتِ البدعية العصرية-رؤساءَ وأتباعاً-:مِن أنّ بيعةَ طائفةٍ مِن الأمة الإسلامية-قلّت أو كثُرت-دون جمهور الأمة:لا يُعتبَر-شرعاً- ،وأنّ ذلك-كذلك-لا يتحقّقُ إلا بـ (أهل الشوكة) ؛ ممّا لا يكونُ-أصلاً-إلا بحصول القدرة والسلطان ؛اللذَين بهما –لا غير- تتحصَّلُ مصالحُ الإمامةِ.

...وهذه المفردات-كلُّها-جملةً وتفصيلاً-لم يتحقّق منها أدنى شيءٍ في أيٍّ من هذه البيعات العصرية المتوالية في (الخلافة والخلفاء)-وما سيتلوها مِن انشقاقات-ولا بدّ!-على مثلِ ما كان قبلَها مِن (بيعات)!!

وإنّنا لَنخوّف مَن كان تقيّاً -مِن ذوي (البيعات الباطلة)-تلك-جميعاً-ثم مَن اغترّ بهم!وانخدع بدعاويهم!وشتّت شملَ الأمة بصنائعهم!- :بما قاله الخليفةُ الراشدُ عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: «مَنْ بَايَعَ رَجُلا -عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ-؛ فَلا يُبَايَعُ هُوَ وَلا الَّذِى بَايَعَهُ- تَغِرَّةَ [حَذَراً] أَنْ يُقْتَلا-».

فالخلافةُ (الشرعيةُ) التي وَعد بها النبيّ العربيُّ القرشيُّ الهاشميُّ ﷺ أُمّتَه –في آخِر الزمان- هي الخلافةُ على (منهاج النبوة)- وهو : «الشورى» -بمعناها المنضبط، وأصولها العلمية الحقّة-.

وأمّا ما سواها-ممّا ليس كذلك-: فلا يَعدو أن يكون (حُكماً) خاصاً جزئياً فئوياً ؛كسائر الجمهوريات ، أو الممالك ، أو الدول العصرية المتناثرة-المتكاثرة-،والتي هي-جميعاً-عند (الدواعش)-صورةً وحقيقةً-خارجةٌ عن الدين!وليست من الإسلام في شيء!

فكيف إذا أدركنا-على وجه اليقين-أنّ معنى (الخلافة) عند (داعش!)-وأتباعِها-لا يخرج عن حدودِ التصوُّر الشيعيِّ الرافضيّ -الباطل- للخلافة!وذلك قولُهم:(أنّ الإمامة مِن أصول الدين! وهي مناطٌ للتكفير والإيمان)!وكفى بهذا البلاءِ قُبحاً وسوءاً!

ويؤكِّدُ ما قدَّمتُ مِن المعالمِ الصائبةِ للمنهج الإسلامي الحقّ في (الإمامة):ما ورد في«كتاب السُّنَّة»- للإمام الخلّال-عن الإمام أحمدَ بن حنبل-رحمه الله-:أنه ُسئل عن حديثِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَن مات وليس له إمامٌ : مات مِيتةً جاهلية»؛ ما معناه؟

فقال: (تدري ما الإمامُ؟ الإمامُ الذي يُجمع المسلمون عليه ؛ كلُّهم يقول: هذا إمامٌ).

وأما (أبو بكر البغدادي) -وجماعتُه (داعش)-في بضعة آلافٍ من بُسطاءِ المسلمين المتحمّسين!العاطفيِّين!-على ما هو ظاهرٌ منهم!- : فقد أعلنوا (الخلافةَ)-الشاملة- على عموم الأمةِ-شرقاً وغرباً!طولاً وعرضاً-كأنما هم في سباق مع غيرهم!أو مع الزمن!!-ضربةَ لازبٍ !- ومِن غير أدنى رجوعٍ منهم لأيّ عالمٍ معتبرٍ في الأمة-وما أوفرَهم-ممّا يكشفُ حقيقةَ موقفهم ممّن ليس منهم/ معهم= مِن العامّةِ أو العلماء-على حدٍّ سواء-!

إنّ (الشورى) الشرعيّة –النبوية- غيرُ التشرذم الفئوي ،والتسلُّط العصبيّ! ولا تكون (الخلافة) المعتبَرة إلا للأمة -جميعاً- ؛ لا للحزب!ولا للجماعة!!

ومِن أدنى -وأوضح- الشروط الفقهية لـ(الخلافة) المعتبَرة : معرفةُ أهل الحلّ والعَقد لـ (الخليفة)-الحقّ-شخصاً في ذاته، وحالاً في صفاته-،وهما مَعنيَانِ مفقودانِ-تماماً-في (أبي بكر البغداديّ)-هذا-!

وما أجلَّ كلامَ أستاذِنا العلامة الجليل محدِّث المدينة النبويّة المنوَّرة الشيخ عبد المحسن العبّاد البدر-نفع الله-فيما نقله عنه ولدُه الفاضل الأخ (الحسن بن عبد المحسن) -جواباً على سؤاله له عمّن بايعوا (أبا بكر البغداديّ)-قائلين:هو خليفة المسلمين!-؛فقال شيخُنا -حفظه الله-:(قد بايعوا الشيطان!)..

ويُعزّز صوابَ مجمَلِ ما قرّرناه-آنفاً- : ما تُدُووِل-قريباً –من كلامِ أبي محمد المقدسي-الذي هو –إلى أجلٍ قريبٍ!- ذو مكانة معتبَرةٍ ذاتِ شأنٍ عند أكثر الجهاديين (التكفيريّين!)-في بقاعٍ شتّى في العالَم-لاتفاقهم -جميعاً-حتى(داعش!)- في مجمل الأفكار والتوجُّهات!-: مِن وصفِه «المسؤولين الشرعيين» في (داعش) بـ : «التدليس واللفّ والدوَران والكذِب على قادة المجاهدين»!وأنّ (داعش) «قد سفك الدماء المحرَّمة»!و«أنَّ الغُلُوَّ قد نَخَرَ في صفوف بعض(!)أفرادهم-بل وشرعيِّيهم-»! و«أن في صفوفهم خوارجَ»!!
ومثلُه-كذلك-ما انتشر واشتهر مِن قويّ الطعن والقدح.. الذي وجّهه أبو قتادة الفِلَسطينيّ-وهو مِن أشهر رؤوس الجهاديِّين-اليومَ!- لداعش ،وأفكارِها،وخلافتها،وخليفتِها-بما يأتلف-تماماً-مع طعن المقدسيّ بهم، وقدحه فيهم-..

وليس خافياً على ذي بصرٍ أو بصيرةٍ : تلكم الوقائعُ الفظيعة ،والحوادثُ القبيحة –المنتشرةُ أخبارُها-بالتواتر-، وعلى صفحات الإنترنت- مِن التقتيل (الداعشيّ) –البارد الحاقد –بغير فقهٍ ولا رحمةٍ-لكلِّ (مسلمٍ) غايَر توجُّهَهم وناقَض حركتَهم- حتى لو كانت أفكارُه تلتقي أفكارَهم-كسائر أفراد «جبهة النُّصرة»-والحروبُ بينهما مستَعِرَةٌ !-؛فكيف الشأنُ-إذن-بمَن خالف اعتقادَهم-أساساً-! وردَّ غُلَواءهم-أصلاً-؟!

فبربِّكم: أين هاتيك الفظائع الشنائع-كُلّاً أو بعضاً-مِن هَدي ديننا الإسلاميّ العظيم، الرحيم، الذي يريد الخيرَ والهدى للناس-أجمعين-﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾؟!

وبعد:

فهذا كلُّه شيءٌ ، وبَغْيُ (الشيعة)- الشنيعة- على أهلنا –مِن أهل السُّنَّة – في العراق –: شيءٌ آخر...

وهو شأنٌ مخيفٌ يفوق الوصفَ ؛ مِن التنكيل بأهل السُّنَّة ،وتقتيلِهم، وتشريدِهم، وظلمِهم: مما يستدعي وقفةً حازمةً مِن أولياء أمور المسلمين-خاصةً-،وسائر إخوانهم المسلمين-عامةً-؛ يستنقذون بها البقيةَ الباقيةَ مِن أهل السُّنَّة -هنالك-؛الذين يكادون يَفْنَون ويَذوبون –ما بين تهجير! وتعذيب! وتقتيل!-!!

﴿ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾،﴿ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ واللهُ وَلِيُّ المُتَّقِينَ . هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾..

وتفريعاً على هذه النقطة-بما يكاد يكون تأصيلاً بحدّ ذاته- أقول-وبه أختم-وبكلِّ صراحة ووضوح-:

إنّ غيابَ المنظومةِ الموحَّدةِ التنسيقيّةِ الواعيةِ الأمينةِ الصادقةِ : (أولاً- بين دول منطقة بلاد الشام وما حولها)-تعاوناً على البِرِّ والتقوى –،و(ثانياً- بين العلماء والحكّام)-اعتصاماً بحبل الله-جميعاً-،و(ثالثاً- بين أهل السُّنَّة-بعضِهم مع بعضٍ-)-تَواصُيِاً بالحقّ والصبر والمرحمة- : ساهَمَ في ظهور(داعش)-ثمّ إعلانِهم خلافتَهم المزعومة!-،ولَعلّه -إن لم يَستدرك العقلاءُ -وبسرعةٍ- ذلك الخطرَ الداهمَ مِن مبدئهِ!-؛فإنَّ تأخُّرَهم قد يُساهِم في ظهور غيرها-مما لا يُستَبعَد أن يكونَ أسوأَ منها-!!

وتَحَقُّقُ ذلك المعنى الإيجابيِّ -المأمول-كلّه- على أرض الواقع- : سيُؤدّي-باليقين-إلى تكامُلٍ مجتمَعيٍّ مُنتظِمٍ خلّاق يَقضي على كل صُوَرٍ التآكُل والتمزُّق والاختراق ؛ لِيكونَ -بعدُ- مآلُ أكثرِ أولئك المشكِّلين لهذه المجموعات الحزبيّةِ المنحرفة-بكافّةِ أسمائها وتنوُّعِ أشكالها !-: إمّا أن يَذوبوا ! أو أن (يتوبوا)..

و(توبتُهم)-والله- هي أغلىُ ما إليه نَسعَى معهم ، وأعلى ما نريد ونَبغي منهم ؛ فـ « أهلُ السُّنَّة أعرفُ الناس بالحقّ،وأرحمُهم بالخَلْق»..

المصدر / منتديات كل السلفيين بتصرف








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع