لا يتوقف الدعم الاميركي المطلق لإسرائيل في عدوانها العسكري على غزة فهذا الدعم الذي له مسارات عديدة اخطرها المشروع السياسي لهذا العدوان والذي يتجاوز ضرب حماس عسكريا الى تصفية القضية الفلسطينية حتى وان كانت التصفية تحت عنوان حل الدولتين.
ليس مهما ان كان المشروع سيتم في عهد حكومة نتنياهو او من سيخلفه لكنه مشروع اسرائيل واول خطواته الكبرى ستكون في غزة لكن الهدف الكبير ايجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية يتم فيه الحديث عن حل الدولتين لكنه لن يعطي للفلسطينيين دولة فلسطينية بل حل سياسي اقليمي وحكم ذاتي سيتطور الى دولة لكن ليس على ارض فلسطين.
خطوات المشروع اولها اضعاف حماس عسكريا الى درجة يمكن معها الذهاب الى ادارة دولية، لكن الخطوة التي تعمل اسرائيل على إنجازها حتى قبل اضعاف حماس عسكريا هي التهجير وتغيير شكل غزة سكانيا، ومشروع تهجير نصف اهل غزة الى مصر تتبناه الادارة الاميركية وتتحدث عنه باعتباره خروجا مؤقتا ولأسباب انسانية الى مصر، وقد اعلنت الادارة الاميركية انها تحدثت به مع مصر ودول اخرى وما تزال، اما من يصنع ظروف التهجير فهو ما يجري كل ساعة من تفريغ لشمال غزة من السكان والخطوة القادمة تحويل جنوب غزة الى جحيم ايضا عبر القصف والحصار ثم بعد ذلك يتم وضع مصر في دائرة الاستهداف السياسي والاعلامي وانها لا تراعي الظروف الانسانية لأهل غزة ويتم الضغط عليها لفتح المعبر " لمن يشاء!" من اهل غزة للخروج المؤقت وبعدها يتم التهجير تدريجيا وتحت عناوين انسانية، ومن يخرج لن يعود لأن غزة ستبقى جحيما، وعندها يكون الحديث عن واقع سياسي وعسكري وسكاني جديد لغزة، اما من يقود المشروع فهي الولايات المتحدة وعبر الجيش الاسرائيلي.
وما يفكر به اهل المشروع مفاوضات سياسية لحل القضية الفلسطينية والشعار حل الدولتين، لكن المضمون ليس اكثر مما جاءت به منظمة التحرير في اوسلو او الشق الفلسطيني في اتفاق كامب ديفيد الذي لم ينفذ لأن الأردن بقيادة الحسين رحمه الله رفض المشاركة في كامب ديفيد نيابة عن الفلسطينيين.
وجوهر المشروع السياسي الذي قد ينتهي في هذه المرحلة او بعدها بزمن يقوم على ان يتم منح الفلسطينيين حقوقهم على حساب الجيران الأردن ومصر، والضفة هي المشروع الآخر التي لا تحتاج الى عمل عسكري واسع بل الى عملية سياسية، وما يخدم اسرائيل واقع السلطة الفلسطينية المتردي شعبيا، وايضا حاجة الفلسطينيين هناك الى استقرار وحاجة الفلسطينيين خارج الضفة الى إنهاء الوضع المؤقت لهويتهم وانتمائهم ولهذا يتم العمل على تفاوض لإحياء مايتم طرحه منذ عقود من فدرالية او كونفدرالية مع الأردن وتكون الدولة الجديدة هي فلسطين بأغلبية سكانية فلسطينية.
موضوعيا لا يمكن اقامة مشروع سلام كامل بوجود غزة بتركيبتها الحالية عسكريا وسكانيا وسياسيا، ولهذا فهي البداية وهي الخطوة التي يسهل بعدها التعامل مع السلطة وأهل الضفة، ولهذا فهي المرحلة التي ان افشلت الترتيبات الإسرائيلية والأميركية فإن الأمر يصبح مختلفا في الضفة.
ولأن اجتثاث حماس يبدو غير ممكن فاننا في مرحلة ما - إن حقق الاحتلال غايته المرحلية- قد نجد ضغوطات من حلفاء حماس في الإقليم لتدخل بوابة التفاوض بنا يتوافق مع قبولها المبدئي في وثيقتها السياسية بدولة على حدود 67..
المشروع السياسي والعسكري لاسرائيل يحظى بدعم غير مسبوق من واشنطن وربما يأتي يوم نرى فيه صفقة القرن التي طرحها ترامب انحيازا للفلسطينيين!