كتب ماجد القرعان - انطلاقا من حضورها الدائم في الشأن العام الأردني ومختلف قضايا الأمة تأتي دعوة الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة لكافة القوى السياسية والمجتمعية الى لقاء تشاوري لمناقشة دورها ومسؤوليتها في ظل الظروف الراهنة وكيفية تحصين جبهتنا الداخلية والذي يستوجب منا جميعنا الإستعداد لما قد يحمله المستقبل في ضوء الهزة الكبيرة التي احدثتها عملية طوفان الأقصى وادت الى ارباك قيادات الكيان الصهيوني وتحقيق انجازات معنوية ابرزها اعادة القضية الفلسطينية الى واجهة الأحداث اقليما وعالميا وأنها لم ولن تموت .
قيمة وتقييم عملية طوفان الأقصى وفق محللين عسكريين وكذلك سياسيين ليست فقط بما تسببت به من خسائر فادحة للكيان الغاصب بل رسالة للعالم أجمع ان الحق سينتزع يوما وستعود الأرض المغتصبة لأصحابها وان حلم الكيان في دولة من النيل الى الفرات سيبقى حلما واصرارهم على ذلك بمثابة النهاية وزوالهم وعلى المجتمع الدولي ان يسارع الى حل هذه القضية .
اردنيا لا يستطيع احد ان يزواد على مواقفنا الصلبة الثابتة وما نسمعه هنا أو هناك محليا عبارة عن " غثبرات مندسين ومفصومين " وهم قلة والحمد لله فالأردن بفضل قيادته التاريخية التي هي من عمر الدولة وشعبه المتماسك عصي على المؤامرات وفي مستوى التحديات ولنا صولات وجولات يعرفها العدو قبل الصديق ويكفينا فخرا مكانة دولتنا عالميا التي يشار اليها بالبنان رغم صغر مساحتها وقلة مواردها .
وللدلالة على أهمية بعض المواقف التاريخية تعود الذاكرة بي لمجموعة من القرارات والمواقف الحاسمة ومنها موقف الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه من توقيع الأردن على معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني حيث قال رحمه الله والذي اتصف بسعة الإطلاع وبعد الرؤيا بأنه " خيار استراتيجي" نظرا لواقع الأمة المؤلم من جهة وتفاهمات الدول التي تتحكم بمصير العالم من جهة اخرى والتي كانت وراء زراعة هذا الكيان الغاصب في منطقتنا .
وبخصوص المعاهدة يحضرني حين طلب الملك الراحل من قادة الكيان الصهيوني الإختيار ما بين الغاء الأتفاقية أو انقاذ القيادي الفلسطيني خالد مشعل الذي تعرض للإغتيال بمادة قاتلة على يد الصهاينة والإفراج عن المجاهد الكبير المرحوم أحمد ياسين حيث سارع الكيان باحضار الترياق وتم انقاذ مشعل وكذلك بالإفراج عن المجاهد الكبير أحمد ياسين وهذا مؤشر أخر لما قاله رحمه الله بخصوص المعاهدة بانها ستبقى خيار استراتيجي وفقا لما تقتضيه المصالح العليا للدولة الأردنية .
وموقف أخر يوم شنت الدول العظمى تلك الحرب المدمرة على دولة العراق الشقيق بذريعة امتلاكها لأسلحة فتاكة وثبت لاحقا زيف الإدعاء وانه كان من صناعة أجهزتها الإستخباراتية والإعلامية للنيل من الدولة الشقيقة رفض الملك الراحل ان يدخل المعركة أو يرسل جندي واحد الى حفر الباطن وتذكرون يومها الحصار الذي فرضته دول التحالف على ميناء العقبة ولم نرضخ .
وتذكرون معي الضغوطات الشديدة التي تعرض لها الأردن للمشاركة كذلك في الحرب على سوريا وكذلك للدخول في التحالف الدولي للمشاركة في حرب اليمن حيث رفض الملك ان يرضخ لتلك الضغوط ولم ندخلها بحمد الله .
ولا انسى المواقف الصلبة للدولة الأردنية حيال ما يتعرض له الأهل من تمادي وعدوان مستمر في الأراضي الفلسطينية كافة ومعها قطاع غزة وكذلك في القدس ومقدساتها التي تقع تاريخيا ضمن الوصاية الهاشمية حيث الحراك الدائم لجلالة الملك في المحافل الدولية نصرة للقضية العادلة .
خلاصة القول ان علينا في الأردن ان لا نستهين بتهديدات الكيان الذي يضمر الشرور لكل الأمة العربية والذين يعتبرون الأردن بوابة اختراق الأمة والعنصر الفاعل والأقوى في مناصرة الشعب الفلسطيني ما يُحتم علينا مجتمعين ان نعد العدة لنكون في اعلى مستويات الجاهزية وان نلتف واثقين خلف قيادتنا وأجهزتنا مقدمين الأفكار المقترحات المنطقية والموضوعية باعتبارنا جسد واحد الى جانب اخوتنا في فلسطين والقطاع وهو المأمول من كافة القوى الوطنية حين مناقشته للاحداث الراهنة وسبل تحصين جبهتنا الداخلية .
وسيبقى الأردن شاء من شاء وأبى من أبى المنافح عن ترابه وشعبه المصطف بصدق الى جانب مصالح امته وقضاياها التي تتصدرها قضية العالم الاولى القضية الفلسطينية