يخرج أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية ويطالب بإنشاء مناطق أمنية عازلة ومُطهرة من الفلسطينيين حول المستوطنات والطرقات في الضفة الغربية، ومنع دخول الفلسطينيين إليها.
تأتي هذه التصريحات في توقيت يستشهد فيه أكثر من 170 في الضفة الغربية، مع اعتقال اكثر من 2000 فلسطيني، والمؤشرات تقول إن إسرائيل تواصل عمليات القتل والاعتقالات في الضفة الغربية، بحيث سترفع عدد الأسرى لديها، لتكون أي صفقة تبادل أسرى لاحقا غير منتجة، مقارنة بعدد الأسرى الفلسطينيين الذين تتم مضاعفة عددهم مقارنة بالإسرائيليين في غزة، ولتكون أيضا مؤلمة سياسيا من حيث عدد الذين استشهدوا وجرحوا في غزة، مقارنة بعدد الفلسطنيين الذين سيتم إطلاق سراحهم في حال تم الوصول إلى تسوية.
سيناريو المناطق العازلة حول المستوطنات يعني بشكل واضح مصادرة أراضي الفلسطينيين وعقاراتهم لتوسيع المستوطنات، وستتحول مناطق الفلسطينيين إلى مجرد أحياء سكنية مغلقة.
كانت الضفة الغربية خالية تماما من المستوطنات عام 1967، ويبلغ عددها مع بداية العام الحالي نحو 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية، يسكنها 726 ألفا و427 مستوطنا، وتشكل المستوطنات الإسرائيلية ما نسبته 42 % من مساحة الضفة الغربية، إضافة إلى أنه تمت السيطرة على 68 % من مساحة المنطقة "ج" داخل الضفة الغربية لمصلحة المستوطنات، وهي منطقة تضم 87 % من موارد الضفة الغربية الطبيعية، بما في ذلك موارد المياه والآبار، و90 % من غاباتها و49 % من طرقها، بما يعني أن مخطط المناطق العازلة سوف يستولي على بقية الضفة الغربية.
هذا السيناريو سيؤدي إلى نتائج كارثية في حال تنفيذه، فهو سيخنق الضفة الغربية تماما، وسوف يصادر أراضي الفلسطينيين، ومزارعهم وبيوتهم وسيحولهم إلى سكان في أحياء مغلقة بالحواجز الإسرائيلية دون هوامش أرض للبناء أو مزارع ملحقة بقرى الضفة وريفها، وهو أيضا سيخنق أهل الضفة الغربية اقتصاديا، خصوصا، ان الكل يعرف أن أغلب عمالة الضفة الغربية تعمل في التجارة الداخلية، أو الزراعة أو التعليم، أو بقية المهن أو في فلسطين المحتلة 1948.
تصل التقديرات على صعيد العمالة الفلسطينية في فلسطين 1948 إلى وجود أكثر من 170 ألف فلسطيني، تخطط إسرائيل الآن لاستبدالهم بعمالة هندية، وهذا يعني مع سياسات الاعتقالات والقتل وفصل المدن عن بعضها البعض وإعادة إنتاج جغرافية التجمعات الفلسطينية، والاستفراد بغزة، نهاية ساحقة لحل الدولتين.
هذا يقودنا إلى تأثيرات الوضع في كل الضفة الغربية، إضافة إلى ما يجري في القدس، والحرم القدسي، ومهددات المسجد الأقصى، بما يعني عدة احتمالات من حيث النتائج، أبرزها انفجار الضفة الغربية الآن بالتوازي مع غزة، أو حتى حدوث الانفجار في وقت متأخر ولاحق، بما يفتح الضفة الغربية أمام انتفاضة مسلحة، أو عمليات حربية دموية من جانب الإسرائيليين، تقود بالنتيجة إلى سيناريو تهجير أهل الضفة الغربية نحو الأردن، بشكل اجباري، مع معرفتنا أن الفلسطينيين اليوم لا يغادرون حتى تحت وطأة العمليات الحربية من جانب الاحتلال، لكن الخطورة تكمن في تصنيع الظرف الذي قد يجبر الأبرياء على الخروج.
علينا أن نحلل هنا قدرة سلطة أوسلو على البقاء كسلطة سياسية وأمنية، إذ أن مساعيها الحالية لتقييد الضفة الغربية تجنبا لما يقوله الرسميون في السلطة أي تجنب سيناريوهات إسرائيلية بالانتقام من الضفة الغربية، مساع سوف تنهار نهاية المطاف، لانها لا تقرأ الاخطار الاستراتيجية على كل وضع الضفة الغربية، وبحيث يبدو تقييدها للضفة الغربية، بمثابة تقييد مؤقت، حتى تكمل إسرائيل عملياتها ضد الأهل في غزة، ثم تعود لاحقا للتفرغ وتنفيذ مخططاتها في الضفة الغربية، ويشار اليوم إلى احتمالات انقلاب أفراد الأمن الفلسطيني فيها على ذات السلطة أمام ما يتعرض له الفلسطينيون، وبما يفسر سحب الذخيرة المسبق من موظفي أمن السلطة، وابقاء القليل جدا منها، بحوزة هؤلاء، وسط تقارير استخباراتية تحلل بعمق الغضب الشديد في أوساط الفلسطينيين، بشأن دور السلطة الوظيفي.
وسط النار في غزة، لا بد من فتح العيون جيدا على ما يجري في الضفة الغربية، والقدس تحديدا، وإسرائيل قد لا تريد توسيع الحرب على مستوى الإقليم، لكن ما يبدو قد تتورط في محاولة توسيع الحرب في داخل القدس والضفة الغربية، من خلال تنفيذ مخططات كثيرة.