واقع بتفاصيل كثيرة يتجلى عند كل حدث استثنائي أو ظرف غير مألوف، تشابك شعبي رسمي لا يشبه أي تشابك في العالم، ووحدة الصف والكلمة والاصطفاف خلف القيادية بحرفيّة الممارسات الوطنية، يسعى الجميع لتقديم الأفضل لكل محتاج، بدعم في كل ما نملك من إمكانيات وبكل ما أوتينا لذلك سبيلا، لا تختلف فيها الرؤى ولا الأفكار ولا النهج، إنما تسير جنبا إلى جنب شعبيا ورسميا، بشكل حقا لا نراه إلاّ بالأردن.
كثيرة هي الأحداث التي وضعتنا جميعا أمام مسؤولية تقديم العون والمساعدة وأخذ موقف الحق مع أشقاء، وكثيرة هي الظروف التي عاشها الأردنيون صفا بصف مع الأهل في فلسطين، ليكون دوما كما يؤكد الفلسطينيون والغزيون خير عون وسند وداعم لصمودهم ونضالهم، كما هو الحال اليوم بالموقف الأردني مع الحرب على الأهل في غزة، في مشهد عمليا لا نراه إلاّ بالأردن، تنسجم فيه المواقف وتتفق الرؤى لجهة الدعم المطلق للأهل في غزة والضفة الغربية، والمجاهرة بهذا الموقف وهذا التضامن عملا وقولا.
يعيش الأردن اليوم حالة مثالية من التناغم بين الموقفين الرسمي والشعبي تجاه الحرب على الأهل في غزة، وتعددت أشكال التعبير عن هذا الموقف، وقد أرسل الأردن «خبزه وقمحه ويعالج أبناء غزة ويرسل مساعدات للتحفيف عن أهالي القطاع، بتوجيهات ملكية سامية مستمرة للحكومة بتقديم كل سبل الدعم للأشقاء الفلسطينيين»، كما قال وزير الاتصال الحكومي الدكتور مهند المبيضين، في حين عبّر المواطنون بأشكال مختلف عن وقوفهم ودعم للغزيين، ليس هذا فحسب إنما خرجت عشرات المسيرات والوقفات التضامنية معبّرين عن مشاعرهم الوطنية ومشاعر غضبهم لما يحدث في غزة، في محافظات المملكة كافة، بحرية تعبير سقفها السماء، ودون المساس بأي من الممتلكات العامة أو الخاصة، تعبيرات أردنية تنسجم مع بعضها تنقل حقيقة ما نشعر به ونعيشه ونقدّمه للأهل في غزة، صورة لا نراها إلاّ بالأردن.
أيام عجاف، على قلوبنا وعقولنا تشتت بها المعاني التي طالما سمعنا عنها من حقوق إنسان وطفل ومرأة، حقوق صحية واجتماعية واقتصادية حقوق الغذاء والشراب، حقوق الصلاة في المسجد والكنيسة، كثيرة هي المعاني التي كبرت معنا كما كبرت أعمارنا، ما جعل من ردات الفعل على ما نراه ونتابعه بحجم هذا التشتت وبحجم هذه الخيبة التي نعيشها مع الأهل في غزة، وكانت كل ردود الأفعال متشابه متقاربة حدّ التناغم والانسجام الكامل، في وحدة الصف والكلمة والموقف، بشكل لا نراه إلاّ بالأردن، فلا يمكن ان ترى في أي بقعة على هذه المعمورة من يقدّم لقمة عيشه وكسائه وغطائه لشقيقه، فالأردنيون يقفون صفا واحدا اليوم رسميا وشعبيا لتقديم كل ما من شأنه مساعدة وعون الأهل في غزة، وكذلك الضفة الغربية، وفي هذه الصورة الوطنية الواحدة التي تجتمع بها كافة المواقف والآراء والرؤى والأفعال على قلب واحد ويد واحدة لا نراها إلاّ في الأردن.