إستمراراً لجهود القيادة الهاشمية في الحفاظ على القدس ومقدساتها وحرصاً منها على القضية الفلسطينية منذ عهد المغفور لهم أصحاب الجلالة الملك المؤسس والملك طلال والملك الحسين طيب الله ثراهم، فما زالت القضية الفلسطينية والقدس هما محور النشاط السياسي والدبلوماسي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين منذ توليه سلطاته الدستورية في السابع من شباط 1999م.
لقد حمل جلالته هاتين القضيتين ((ومعهما الطموح الفلسطيني في التمتع بحقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على ترابه الوطني في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين وعاصمتها القدس الشرقية)) حيثما رحل وحل في شتى أنحاء المعمورة باعتبارها قضايا وطنية، فضلا عن أنها قضايا قومية وإسلامية. ولهذا ظلت تلك القضايا تستحوذ على تفكير جلالته, ومحور أحاديثه في كل لقاءاته مع مؤسسات ودوائر صنع القرار السياسي الدولي. ويقول جلالته في هذا الصدد: “إن الجهود التي نقوم بها لتوفير الدعم العربي والدولي لدفع عملية السلام هدفها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
ومما يؤكد إهتمام جلالة الملك بالقدس، مواصلة دعمه للجهود التي تقوم بها المملكة الأردنية الهاشمية من خلال دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، وجهود لجنة إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، واللجنة الملكية لشؤون القدس، وصدور الأمر الملكي لتشكيل الصندوق الهاشمي لإعمار الأقصى وقبة الصخرة المشرفة الذي تم تأسيسه سنة 2007م. بهدف توفير التمويل اللازم لرعاية المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة والمقدسات الإسلامية في القدس، لضمان إستمرارية إعمارها وصيانتها وتجهيزها، وتوفير جميع المتطلبات اللازمة لتأكيد أهمية هذه المقدسات وحرمتها لدى العرب والمسلمين على وجه العموم، والهاشميين على وجه الخصوص .
كما أكد جلالته خلال خطاباته في المحافل الدولية على ذلك ، وقد حظيت لقاءات جلالته المتعددة مع الإدارة الأمريكية أهمية خاصة نظراً لأهمية دور الولايات المتحدة الأمريكية في العالم بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص ومدى تأثيرها في القضايا العربية لأنها دولة عظمى وهي إحدى الدول الفاعلة والراعية للسلام في المنطقة ومن الضروري التأثير على موقفها الداعم لإسرائيل، لذلك فقد وجد جلالته من الضروري توضيح الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية وقضية القدس لأصحاب القرار الأمريكيين، فقام جلالته بعدد من الزيارات وأجرى كثيراً من الاتصالات مع القيادات الأمريكية المتعاقبة .
فالأمة إذاً، مطالبة اليوم بالإستجابة العاجلة لنداء جلالة الملك عبدالله الثاني بوضع إستراتيجية عربية للدفاع عن القدس. فالمدينة ذات البعد الثقافي والعقائدي والوجداني بالنسبة لنا وديعة الأمة بكل عمقها التاريخي ووعيها الثقافي وإنجازها الحضاري، وهي في أعناقنا، لذلك علينا أن نسارع لإنقاذها ومواجهة إجراءات المحتل بحقها وتعرية المواقف المتخاذلة أو المتواطئة مع المشروع الإسرائيلي ضدها. وسيبقى الأردن بقيادته الهاشمية بعون الله حِصناً منيعاً وملاذاً لكل أبناء أمتنا وأحرارها، وكما كان على الدوام سنداً وشريكاً وأخاً لكلَ أبناء فلسطين يقف معهم دائماً وأبدا في السراء والضراء إلى أن تستعاد القدس عاصمة لهم.
وسيواصل الأردن، إنطلاقاً من مسؤولياته التاريخية، وإنطلاقاً من الوصاية الهاشمية التاريخية التي يتولّاها جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين، دوره في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية، وحمايتها، وتثبيت عروبة القدس وأهلها، وتعزيز صمودهم على أرضهم، بالتنسيق الكامل مع الأشقاء في دولة فلسطين، وبدعم من الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم.
الدكتور هيثم عبدالكريم أحمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي