إن الأقدار الإلهية هيأت للملك عبدالله الثاني، أن يسطع في هذا العصر سطوعًا باهرًا، وأن تبرز مواهبه وملكاته على النحو الذي يثير الإعجاب والتقدير، وأن يتبوأ بأعماله العظيمة مكانًا بارزًا بين قادة العالم، وصانعي التاريخ، لقد كانت وفاة الراحل الكبير الحسين بن طلال سنة (1999) نقطة تحوّل في حياة جلالة الملك عبدالله الثاني؛ إذ أصبحت الوحدة الأردنية التي بناها الراحل الكبير الحسين بن طلال معرّضة للضياع، ولم يكن هناك من يملأ الفراغ الذي خلا بوفاته، فتقدم الملك الشاب عبدالله الثاني ليكمل المسيرة، ويقوّي البناء، ويعيد الوحدة، وكان الطريق شاقًا لتحقيق هذا الهدف وإعادة الأمل.
لقد كان الملك عبدالله الثاني وبحق واحدًا من قادة العرب و الإسلام العظام، فقد حافظ على كفاح متساوي في معاركه السياسية العديدة والمتفوقة لمدة ربع قرن من الزمان، فقد إحتل مكانة عظمى في تاريخ العصر الحديث، ليس فقط للإنجاز العسكري بل أيظا لإنسانيته، فليس بالدماء تصنع المكانة التاريخية ولكن بالإنجازات ذات البعد الإنساني.
ذلكم الملك عبدالله الثاني الذي طبقت شهرته الآفاق، فهو الشخصية الأكثر رومانتيكية لعصر الحروب الغربية والصهيونية، تمكن من غزو الغرب و الصهاينة في نفوسهم وعقولهم وقلوبهم، وهذا ما لم يحدث بالنسبة لأي قائد أمريكي وصهيوني على نحو يكشف لنا تفوق العرب والمسلمين في صورة الملك عبدالله الثاني الذي يكاد يكون الشخصية العربية المسلمة الوحيدة في عصر الحروب الصهيونية – إن لم يكن في القرن الحديث- الذي نُسج بشأنه أسطورة عاشت في العقل الجمعي الأوربي، وأعجب به الغرب وصوره فارسًا على خلق ونبل، ولعل السبب الرئيس في تكوين تلك الأسطورة الملكية ، الطابع الإنساني في طبيعته وتمكنه من غزو قلوب أصدقاءه و أعدائه.
وما يزال وسيبقى مجلجلاً في أسماع الغرب، وذلك دليلاً على أن الملك عبدالله الثاني مازال وسيبقى أسطورة في عقول أعدائه. كما ظل هذا النمط من القيادة مشرعن في ثقافتنا وفي تاريخنا الإجتماعي، وهو جزء أصيل في المخيال الشعبي ضمن موروث فلكلوري تترابط فيه الحقيقة مع المتخيل والأسطورة.
ملك حقق لأمته ووطنه الوحدة المنشودة رغم كيد الكائدين ومؤامرات المتآمرين، وشيد بناء الأردن العزيز وقدم شعبه وصان كرامته، وصار هذا البلد الأمين بقيادة جلالته الرشيدة محط كعبة زوار ملوك ورؤساء الشعوب الإسلامية والعربية وغيرهما من زعماء العالم، ليتسنى الكل برأيه الصائب، ونصيحته الصادقة لما جبله الله عليه من صفاء وحب الخير، فنشر السلم ووحد الصف وبنى الأمة، ودافع لتركيز المشروعية وتحقيق العدل، لتنال الإنسانية على وجه العموم ما لها من حق مهضوم بقطع النظر عن دياناتها ونحلها ومللها ومعتقداتها، كل ما يدعو إليه أعزه الله هو نشر العدل والمحبة بين البشرية عامة.
ولقد كرس الجهد وحرص كل الحرص على نشر الإسلام وهديه، وإظهار عقيدته ومنهاجه السمح بالأساليب التي يدعو لها الكتاب والسنة، مبرزا ما لهذا الدين من يسر وعدم عسر، ولطف وعدم عنف، فهو دين الرحمة والرأفة وإصلاح الإنسانية بالدعوة إلى الله بالتي هي أحسن.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي