زاد الاردن الاخباري -
لم يكد يمر يوم واحد على قطاع غزَّة منذ بداية العدوان الاسرائيلي عليها دون إسقاط منشورات تنذر الغزيين بإخلاء منازلهم تحت التهديد بقصفها على رؤوسهم بيدَ أنَّ أبناء غزَّة خاصَّة وعموم فلسطين كانوا يفوّتون على العدو أهدافه وغاياته الرامية الى تشريدهم تمهيدا لتهجيرهم وتكرار النكبة، فتشبثوا صامدين حتى وإنْ كانت النتيجة استشهادا.
فالغزيون تمرسوا على معاندة الاحتلال ومقاومة أساليبه النفسية، ولهم تاريخ طويل في الدفاع عن أرضهم والثأر من العدو الغاصب باعتبار ذلك في صلب العقيدة والدين كما يؤكد مختصون وخبراء في حديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) حيث توالت من قبل 10 محاولات لتهجيرهم خارج وطنهم الى عشرات من دول العالم لكنهم استماتوا في الثبات والصمود وكانوا في كل مرة يردون كيد الأعداء الى نحورهم خائبين رغم ما يتعرضون له من تهديد وأذى له أبعاده النفسية العميقة
المتخصص في القانوني الجنائي الدولي وقانون التحكيم الدولي المحامي الدكتور يزن حدادين بين أنَّ إسقاط الاحتلال منشورات على الغزيين تنذرهم بإخلاء منازلهم تحت التهديد بقصفها فوق رؤوسهم هو نوع من الإرهاب الذي يهدف الى تهجير المدنيين قسرا ومحو تاريخهم وتراثهم.
وأكد أنَّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بُني على عدّة أُسس من ضمنها أن "يكون البشر أحراراً ومتحررين من الخوف والفاقة"، وبالتالي فإن المنشورات التي من شأنها بث الرعب والخوف في حياة المدنيين تحرمهم من التمتع بأدنى حقوقهم الانسانية والمدنية، لافتا الى المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني تنص على حظر التسبب بالمعاناة النفسية للمدنيين، وبالتالي فإن أي معاناة يتكبدها المدنيون الفلسطينيون جرّاء قراءتهم لمنشورات تدعوهم للتهجير القسري يُعد مخالفاً للقانون الدولي وعدواناً على المدنيين.
وقال المتخصص في علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي إن آثار إلقاء المنشورات التهديدية على أهالي غزة بمغادرة منازلهم التي عاشوا فيها سنوات عمرهم تتداخل مع المعاناة والضغوط النفسية الناجمة عن فقدان ووفاة الأهل والجيران وهو ما يتسبب بـ "صدمات نفسية".
وأشار الخزاعي إلى أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية التي تضغط على أهالي غزة في ظل الدمار الذي لحق بمنازلهم وبالبنية التحتية، لافتا الى أن الغزيين مروا بهذه التجربة القاسية سبع مرات منذ 1968 حين كان عددهم 400 ألف نسمة حيث عُرضت عليهم الهجرة إلى 25 دولة حول العام، لكنهم يتمتعون بـ "الصلابة النفسية" التي فوتت كل مخططات تهجيرهم، لافتا إلى أن أهالي غزة لهم تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال والدفاع عن أرضهم والثأر من العدو الغاصب باعتبار ذلك في صلب العقيدة والدين.
الحملة الوطنية لـ "نظام الهجرة العمالية البديل" طالبت في بيان لها المجتمع الدولي بضمان حق المهجرين قسرا بالعودة الفورية الآمنة لمنازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم، وتوفير مأوى لائق وكريم يحترم الكرامة الإنسانية لكل من دمرت منازلهم.
ودعت الحملة الى إدانة سياسات الاحتلال التى تنتهك الحظر المفروض على التهجير القسري للسكان وفقا لأحكام اتفاقية جنيف ومحاكمة العدو ومحاسبته، وتعويض المهجرين ماديا ومعنويا، وحماية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أرضه.
وقالت الحملة إن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة أسفرت عن استشهاد أكثر من 14 ألف مدني أغلبهم من النساء والأطفال، وفقدان ما يزيد على 6 آلاف، ونزوح أكثر من 840 ألفا بسبب تدمير أحياء سكنية كاملة في انتهاك صارخ للقانون الدولي والمواثيق الدولية التي اشتملت على نصوص صريحة جرمت التهجير.
وأوضحت الحملة المكونة من جمعية اتحاد المرأة الأردنية، والمركز الأردني لحقوق العمال، ومركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، والنقابة المستقلة لعمال الزراعة في الأردن، أن القانون الدولي الحقوقي والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف تجريم التهجير القسري.
وأشارت الى أن العدوان تسبب بصدمات نفسية شديدة على جميع أهالي قطاع غزة خصوصا النساء والأطفال، بالإضافة الى تدمير المنازل والبنية التحية والمرافق العامة وعلى رأسها المرافق الصحية والخدمات الأساسية، ومصادر المياه والكهرباء وشبكة الانترنت، وقطع الطريق أمام المساعدات الإغاثية والطبية والغذائية بما في ذلك الحاجات المستجيبة لاحتياجات النساء بشكل عام والحوامل بشكل خاص، وهو ما يشكل جرائم حرب كاملة الأركان ضد الإنسانية.