يعتبر الإعلام "السلطة الرابعة" بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بحيث بإمكانه أن يزلزل الأرض تحت أقدام كبار الساسة، ويسلط الضوء على قضايا الفساد، ويحرض على محاسبة كبار المسؤولين إزاء أي تجاوز أو هفوة. كثيرا ما نقرأ في بعض بلدان العالم عن فضيحة أخلاقية او مالية أو رشوة أو إختلاس.
يفترض أن تنطلق إستراتيجية المملكة الإعلامية قبل كل شيء بعمل أكاديمي لإعداد دراسة دقيقة ومفصلة لكل دولة عربية على حدة. تطور أسئلة تتناول سمعة المملكة وموقف العرب من أدائها في العمل العربي المشترك في القضايا الكبرى كالقضية الفلسطينية والسورية وعن الأثر الإعلامي للمواقف الأردنية الخارجية.. إلخ. ستسهم هذه الدراسة في التوصل إلى معرفة الموقف السلبي من المملكة الذي تتوجب إزالته والموقف الإيجابي الذي يتوجب تعزيزه».
وقد أشرت في مقالات سابقة أن: «... المملكة الأردنية الهاشمية هي أكثر دولة داعمة للأشقاء في فلسطين، فقد دعمت القدس والقضية الفلسطينية بالأعمال لا بالأقوال، هنا تكمن مشكلة الإعلام الأردني. ثمة دول دعمت الفلسطينيين بالأقوال فقط ونسب لها فضل لا يدانيه فضل، بينما المملكة تتعرض لحملات تشكيك فتبدو أمام المواطن العربي بصورة معاكسة لدورها الإنساني والقومي. لا يقع اللوم على المشككين ولا على المواطن العربي وإنما يقع على الإعلام الأردني و دوره في إظهار الموقف الأردني المتنبي للقدس وفلسطين وغزة».
اليوم مع وسائل التواصل الإجتماعي وتغولها المتزايد في حياة الناس أصبحنا نواجه تحديّاً أكبر. في عالم السوشل ميديا تختلط النوايا الحسنة مع النوايا السيئة، النقد البريء الصادق مع النقد الخبيث المرتب من أجهزة محترفة. لا يمكن أن نتصدى للحملات التي تسيء للمملكة بعفوية المغردين أو بمقال هنا أو هناك، ولن نحقق كبير فائدة إذا عملنا على تحصين الداخل، فالداخل والخارج يختلطان. ثمة وسائل يمكن تتبعها وأخرى لا يمكن. حسب وجهة نظري أن ننتقل من الدفاع إلى الهجوم. نبدأ بدراسة الشعوب التي نتوجه لها والتي يتوجه لها الخصوم، أن نعرف الشعوب العربية جيداً، و أن نحدد موقف هذه الشعوب من أداء المملكة في خدمة العرب والمسلمين بحيث ينحصر الموقف السلبي من المملكة فيما تعمله الأجهزة المغرضة فقط. ننتزع المواطن العربي من تأثير الدعايات المعادية.
كل عمل إعلامي يجب أن يبدأ من وزارة الإعلام. تشكل وزارة الإعلام مظلة دعم وتقويم وراسمة للإستراتيجيات الإعلامية لكل إعلام ينتسب للمملكة بما فيها الإعلام الأهلي، وهذا لن ينجز إلا بتوفر إستراتيجية واضحة الأهداف ومحددة بوقت وطريق وقابلة للتطوير والتحديث. من لا يعرف أين هو ذاهب لن يصل أبداً.
ويبقى السؤال المطروح «متى ستستطيع وزارة الإعلام أو الإتصال الحكومي في الأردن أن تتفاعل مع الجسم الإعلامي ككلّ وتصبح سنداً قوياً له في ظل الإنحدار الذي يعيشه؟ ومتى سيفتح المجال أمام هذه الوزارة بأن تستفيد من مكونات أرشيف تلفزيونها وإذاعتها الضخمين فتزوّد نفسها بنفسها بميزانية مالية لا يستهان بها؟ وهل الوزير الجديد الذي تسلّمها سيسير على خطى سابقه ويتابع القوانين المقدمة و المرسومة في محاولة لتفسيرها؟ أم أنه سيغادرها كما أتى دون إحراز أي تقدّم فيها؟».
الدكتور هيثم عبدالكريم أحمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي