إن أميركا ليست دولة "تُخدع وتُقاد من قبل اليهود المتطرفين داخلها"، وأن واشنطن وتل أبيب تحتاجان لبعضهما البعض.
فإسرائيل بحاجة إلى الولايات المتحدة لكي تبقى على قيد الحياة، والولايات المتحدة تحتاج إسرائيل لكي تبقى في المنطقة.
لذلك لم يكن بإمكان إسرائيل أن تظهر كدولة وتكون قادرة على التطور كدولة عسكرية نووية لولا دعم واشنطن، ولا تملك الأخيرة أي دولة أخرى يمكنها الإعتماد عليها لتحقيق أطماعها الإمبريالية بالشرق الأوسط.
إن الفكرة الشائعة خاصة في الأوساط المحافظة في الأردن والبلاد العربية وغيرها من بلدان العالم بأن إسرائيل تقود الولايات المتحدة وحتى العالم كله، تستند إلى تأثير اليهود في إدارة الولايات المتحدة أو شركاتها، ويرافق هذا الرأي إدعاء بأن واشنطن تُدار من قبل قوة يهودية عميقة.
ونشير إلى أنه إذا كانت المسألة هي ممارسة الضغط، فإن مئات الآلاف من المواطنين والفاعلين العرب يوجدون في الولايات المتحدة ويمارسون ضغطا من أجل بلادهم.
و تجدر الإشارة أن أقوى وأكثر عبارة توجهنا نحو الحقيقة هي التي قالها الرئيس الأميركي جو بايدن، عندما كان نائبا للرئيس السابق باراك أوباما عام 2013 في اجتماع لمنظمة يهودية، حيث قال "لو لم تكن هناك دولة إسرائيل، لكان علينا أن نخترعها للتأكد من حماية مصالحنا، وأنه كان عبدا لجولدا مائير حتى العشق".
بهذه الكلمات، إعترف بايدن بإستحالة هيمنة الولايات المتحدة على المنطقة دون إسرائيل، مضيفا أنه ومنذ أوائل الثمانينيات بذلت الولايات المتحدة جهودا لبناء "إسرائيل الثانية" التي أشار إليها بايدن.
وأوضح أن "إسرائيل الثانية" هي دولة كردية في الأراضي التي يقطنها الأكراد في كل من تركيا والعراق وسوريا وإيران، لكنها لم تتحقق بسبب مقاومة الرئيس صدام حسين بشكل رئيسي.
و في عام 2016، تم إحباط الإستفتاء المدعوم من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل لتحويل الهيكل الإداري الذاتي في شمال العراق إلى دولة مستقلة بسبب التهديد المسلح من قبل تركيا وإيران والعراق وروسيا، لكن مخطط إنشاء "إسرائيل الثانية" لا يزال ساريا.
لذلك تعد إسرائيل هي رأس الحربة للولايات المتحدة في غرب آسيا وهو أمر يمكن أن يتغير غدا، فمن الممكن أن تفهم إسرائيل أن إحتلالها لا مستقبل له وتتخلى عنه، وتتبع مسارا متوافقا مع الفلسطينيين والدول العربية. وأن العدوان الذي تمارسه حاليا يتعلق بإحتياجات الولايات المتحدة، فإذا تخلت عنها هذه الأخيرة فلن تكون هناك إسرائيل.
إن إسرائيل معتمدة كليا على الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يغير وجود يهود في مواقع نفوذ بالولايات المتحدة هذه الحقيقة. فهؤلاء اليهود هم أميركيون يحبون إسرائيل، ويمكن أن يكون لديهم إرتباط ديني أو روحي بها، ويقدمون لها أي نوع من المساعدة.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي