منذ بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة قبل شهرين من الآن، كان الحديث عن ما بعد الحرب ومن سيتولى الامر في القطاع وكيف سيكون شكل الحكم هناك على اعتبار أنها فارغة من اهلها، تولى الامر بالطبع كل من العدو الصهيوني ممثلا بحكومته الفاشية المتطرفة ومواليها من الدول الغربية على رأسهم الولايات المتحدة الامريكية، ووصل الامر الى اسماع العالم صوت نقاشاتهم للمقترحات التي تتناسب مع كل طرف على حدة.
بالمقابل هناك سكوت عالمي عن هذا الامر الا من رحم ربي، فكان الاردن في طليعة من رفض الحديث عن هذا الطبع واعتبره على لسان قيادته ومن ثم دبلوماسيته انه مجرد هراء وان للارض اهلها والجميع هناك مقاوم فـ»حماس» اصبحت فكرة متجذرة في عقل كل الشعب الفلسطيني، متجاوزا كونها حركة مقاومة، وان اهداف هذه الحرب الغوغائية هي افراغ القطاع من اهله اما بالتهجير القسري او القتل المتعمد والذي يرقى ليصبح في مرتبة الابادة الجماعية والتدمير الهائل في البنية التحتية حتى يصبح القطاع غير قابل للحياة.
في السابق حذر الاردن مرارا وتكرارا من التجاوزات غير المقبولة لجيش الاحتلال والقتل المتعمد في الضفة الغربية والاعتداءات المتكررة على المسجد الاقصى واستمرار حصار القطاع ....الخ، ولكن «لقد اسمعت لو ناديت حيا»، الامر الذي فجر الاوضاع هناك وكشف للعالم باسره مدى وحشية هذا العدو الصهيوني الذي تجاوزت وقاحته التلاعب في الالفاظ المتجلية في تدمير «حماس» حتى وان تطلب الامر قتل كل من في القطاع، طبعا هذا الامر فن بالنسبة لمثل هذا المجرم المسمى «جيش الاحتلال الاسرائيلي».
امس واليوم الذي سبقه هناك مبارزة اعلامية ما بين رأس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو والادارة الامريكية اضافة الى بريطانيا وبالطبع فرنسا والمانيا وايطاليا، الى كيفية ادارة القطاع بعد انتهاء الحرب ومن سيحكم هناك، فمثلا لا للتهجير ولا للقتل المتعمد للمدنيين وبجب اختيار سلطة في القطاع على مقاس يتناسب مع اسرائيل اولا ومن ثم المصالح الغربية لاحقا، وفي جانب النازية الصهيونية، لا لوجود شعب اساسا في القطاع وان وجد لابد من وجود قوات اسرائيلية ممتدة فيه والتحكم به اي احتلاله مجددا انما بطريقة مختلفة، وكل هذه الفرضيات قائمة على اساس قدرة هذا الصهيوني على القضاء على المقاومة، بعد التوصل إلى فكرة اغراق الانفاق بماء البحر المتوسط التي ستسهم بريطانيا من خلال طائراتها الاستكشافية بتحديد مواقعها.
يوما بعد الاخر تتكشف المصالح الغربية الداعمة بالعتاد والسلاح والدفاع عن العدوان الصهيوني على القطاع، فمثلا لابد من ابقاء فقر القطاع ومنع خروج مقدراته وثرواته من خلال تعطيلها لكن مع ابقاء الشعب فقيرا يحتاج الى مساعدات، لتقوم بذلك الولايات المتحدة من تحقيق مقترح الممر الاقتصادي الى دول غرب الكرة الارضية، فتعزز اقتصادها واقتصاد من يشاركها الممر وتدمر اقتصاد دول الشرق!، فيما تحافظ على دولة الاحتلال آمنة من المقاومة المسلحة بعد القضاء كما يقولون على حماس لا قدر الله.
الكوميديا السوداء في مشاهد المؤتمرات الصحفية سواء التي يعقدها الجانب الغربي او تلك الطافحة بمشاهد تمثيلية ركيكة واكاذيب مفضوحة على لسان قادة ما يسمى بمجلس الحرب الصهيوني المصغر، انها تتحدث كما قبل 75 عاما، وكأن شيئا لم يتغير، فهم يسمعون ان اهل القطاع والضفة الغربية على حد سواء غير راحلين وسيبقون صامدين، فقدوا احبتهم لاجل هدف نبيل سام فالارض ارضهم ولا استغناء عنها حتى لو ماتوا جميعهم.
هذا المفهوم مفقود عند المحتل والمستعمر من قبله، لكن اليوم كل شيء تغير فالمقاومة عقيدة في داخل الوجدان الفلسطيني، وهناك من والاه ويسعى معه للحفاظ على حقه وعلى رأسهم الاردن الذي يسعى بكل ما اُتي من قوة لمنع وقوع كارثة على كافة الصُعد ان استمر الامر بهذه الوتيرة الشرسة.
« الله غالب على أمره»....لكل بداية نهاية وهذه المرة سيرسم النهاية الفلسطيني ليس غيره.