حتى نبقي على المكاسب التاريخية التي حققها القطاع السياحي خلال العام الحالي 2023 علينا أن نجتهد أكثر وعبر جميع الوسائل بترويج الركيزة الأولى للسياحة في الاردن وفي أي بقعة في العالم ألا وهي «الامن والاستقرار».
تراجع السياحة (الوافدة) في الاردن بعد 7 اكتوبر، والغاء العديد من الحجوزات و»الجروبات» نابع من اعتقاد كثيرين في الخارج بأن المنطقة برمّتها غير آمنة.
القطاع السياحي في جميع العالم هو الأكثر التصاقا بالأمن والأمان، فلا سياحة دونهما، ولا سياحة في منطقة حرب..وهذا مفهوم وطبيعي، وتتأثر الدول بحسب قربها و/ أو بعدها من مناطق الحروب وهذا مفهوم وطبيعي أيضا، ولكن في موضوع «السياحة والامن» لا بد من الاشارة الى النقاط التالية:
1 - الاقتصاد الاسرائيلي مدمّر منذ 7 اكتوبر وبالأخص القطاع السياحي.
2 - بحسب التقارير الدولية، وتحديدا التقرير الأخير لوكالة «ستاندرد أند بورز» أشار الى تأثر سلبي على القطاع السياحي في الدول المجاورة للعدوان على غزة وتحديدا لبنان والاردن ومصر.
3 - بحسب توقعات «الوكالة الدولية « فان حجم خسائر القطاع السياحي في الدول الثلاث قد يصل الى نحو 16 مليار دولار، وتقدر خسائر القطاع السياحي في الاردن ما بين (600 مليون دولار) الى (4 مليارات دولار) في حال طال أمد الحرب أو توسّعت رقعتها.
4 - القطاع السياحي في الاردن من القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية وهو يشكل نحو 14 % من اجمالي الناتج المحلي ويرتبط بالعديد من القطاعات ويعوّل عليه الكثير في سبيل تحقيق مرتكزات «رؤية التحديث الاقتصادي» حتى 2033 وتحديدا قدرة القطاع على جذب استثمارات قادرة على رفع معدلات النمو وخلق مزيد من الوظائف.
5 - القطاع السياحي في الاردن بنهاية أكتوبر الماضي حقق نتائج تاريخية مذهلة منها على سبيل المثال لا الحصر:(4.5 مليار دينار إجمالي الدخل السياحي / 5.5 مليون زائر).
6 - ..لكنّ القطاع السياحي بعد 7 اكتوبر تراجع وقد يتراجع أكثر كلما طال أمد الحرب، وسيتراجع اكثر اذا امتدت الحرب الى الاقليم -لا قدّر الله -.
*ورغم كل ما تقدم، إلاّ أنّ القطاع السياحي «اليوم» قادر على أن يكون أفضل مما هو عليه، حتى ولو لم يكن كما الحال قبل 7 اكتوبر والسبب في ذلك ما يلي:
-التحديات التي يواجهها القطاع السياحي اليوم ليست نفسها التي واجهها إبان جائحة كورونا -كما يقول وزير السياحة - والتي توقفت فيها السياحة في العالم كله مع الاغلاقات الكلية ثمّ الجزئية، فكان في مقدمة الحلول (لاحقا) تنشيط السياحة الداخلية وبرنامج «أردنا جنّة «واعادة تنشيط السياحة العلاجية ثم توقيع مزيد من الاتفاقيات مع شركات الطيران منخفض الكلفة والطيران العارض، وغيرها من الحلول.
- في «الحرب الروسية الاوكرانية»، تأثرت قطاعات اقتصادية في الاردن مرتبطة أكثر بسلاسل التوريد والشحن الخارجي وغير ذلك، لكن القطاع السياحي استعاد نشاطه وعافيته اكثر، وتراجعت السياحة بالدول المجاورة لمنطقة الحرب في اوروبا، وتلك الدول التي كانت تعتمد كثيرا على السائحين الروس والاوكرانيين.
- في حرب «العدوان على غزة» تأثر القطاع السياحي في الأردن (داخليا /بتراجع السياحة الداخلية لانشغال المزاج العام بما يحدث في غزة) وتأثرت (السياحة الخارجية الوافدة / لاعتبار الاردن منطقة قريبة جدا من الحرب وبالتالي ينظر لها في الخارج بأنها منطقة غير آمنة).
من هنا نقول: إن المطلوب بهذه المرحلة تجاه القطاع السياحي المهم جدا في الاردن العمل باتجاهين:
الاول: اعادة ترويج الاردن اعلاميا وسياحيا على أنه بلد آمن ومستقر، وهذا يكون من خلال كل أدوات التسويق الالكتروني والرقمي، وحتى المباشر باستهداف دول بعينها عبر كافة وسائل الاعلام والتواصل المتاحة، وتفعيل دور سفاراتنا في الخارج، وجالياتنا الاردنية من المغتربين في الخارج، وعبر المشاركة في المعارض والمؤتمرات الاقليمية والعالمية وغير ذلك من وسائل وبالتعاون بين القطاعين العام والخاص، وتقديم مزيد من حوافز الجذب السياحي.
ثانيا: دعم القطاع السياحي من قبل الحكومة والبنك المركزي والبنوك في الاردن بتقديم تسهيلات واعفاء من غرامات قروض وأقساط بهدف الحفاظ على صمود شركات السياحة الاردنية وقطاع السياحة العلاجية وقطاع النقل السياحي وتشجيع الاستثمار في سياحة المؤتمرات والمعارض، ودراسة امكانية مساهمة الضمان الاجتماعي بتقديم عروض «كما في ظروف جائحة كورونا «لدعم الشركات السياحية المتضررة وتمكينها من الحفاظ على العاملين فيها والحيلولة دون الاستغناء عن خدماتهم.
باختصار: القطاع السياحي بحاجة الى دعم حقيقي (سريع ومستدام) والى «خلية أزمة» من القطاعين لوضع سيناريوهات إنقاذ سريعة وقادرة على التعامل مع تطورات ما يجري في المنطقة.