زاد الاردن الاخباري -
المفكر العربي الكبير طارق فايز العجاوي - قولنا ان البشرية لم تعرف الفلسفة بكافة معطياتها وقيمها كما الفناها وعرفناها اليوم الا فى الحضارة الاغريقية التى تعتبر المرجع والمستند لدراسة هذا العلم الذى بهر العالم وهى بحق الحجر الاساس لكل ما وصل اليه هذا العلم اذن كل حضارات العالم نهلت من هذا النبع ( الاغريقى ) وهذا العلم ( الفلسفة ) وبنت على اساسها كل الموروث الفلسفى العظيم فالغرب اعتمد العقل فى تحديد المشاكل ووضع الحلول لها اقصد كافة المشاكل بقضها وقضيضها بعكس الشرق الذى وائم بين العقلى واللاعقلى الا ان الغرب بداء يجنى ثمار اعتماده العقل وبالا ومشاكل لا حصر لها جراء انتشار الديانات كاليهودية والنصرانية التى تحتم بالضرورة اعتماد العقلى واللاعقلى وبالتالى برزت مشكلة فى غاية الخطورة الا وهى اصطدام الفلسفة بالدين فنجد مثلا فى الهند ان الفكر اداة عمل لا اداة معرفة وعليه فلا قيمة له تحديدا الا فى طاقته العملية فاليوغا هى ابرز ما يمتاز به الفكر الهندى وهى بالاختيار طريقة اظهار الروح على الجسد وفى الصين ايضا ان علم الماورائيات لا ينفك عن السياسة والاخلاق وعندنا فى الشرق اعتبار المادة والروح عنصر واحد روحانى فلا تباين بينهما بمعنى ان المعرفة طريقها الوحيد هى طريق الحدس الباطنى والفيض الصادر عن الروح الكلية وهو ما عرف عند علماء الفلسفة والمهتمين ب ( التاءمل المشرقى ) * الفكر المصرى الشاهد ان تاريخ الحضارة عندهم وصل من التقدم ما لم تبلغه اى حضارة من امم العالم القديم ففى الالف الخامس قبل الميلاد وجد المصريون اساسا للتوقيت ولمساحة الاراضى وكان عندهم نظام اجتماعى متقدم سواء فى مدنهم ام قراهم وفى الالف الثانى ايضا كانت طيبة عاصمة العالم تنشر فى اسيا اضواء الحضارة المصرية الا انه بعدما فقدت مصر سيطرتها وحكمها الاشوريون والفرس والرومان واليونان والعرب تفاعل كل هذا الخليط وهذا المكون ونتج عنه ( مدرسة الاسكندرية ) التى اعتبرت منارة من منارات العلم والمعرفة وعرف عنها القاصى والدانى وقد قطع المصريون شوطا كبيرا فى حقل المعرفة النظرية فهم اول من نظم الالهة وهم اول من امن بالحياة الاخرى واول من اثبت قضية الثواب والعقاب بعد الموت وهم اول من ربط الثواب والعقاب بسلوك الانسان واعماله ولقد اعتقدوا بخلود النفس ووضعوا اسس العقيدة الثنائية التى ترجع ما فى الكون الى جوهرين احداهما روحانى والاخر مادى وعليه نجد انهم اقرب للفكر الغربى من الفكر الشرقى الذى قال بالوحدة الكلية اذن قولنا ان مصر القديمة بحضارتها هى من اقدم جذور الحضارة الانسانية ان لم تكن اقدمها على الاطلاق * الفكر السومرى والبابلى والاشورى عملا بنظرية التاءثير والتاءثر كان للحضارة المصرية القديمة عميق الاثر فى غيرها من الحضارات كتلك التى كانت فى بلاد ما بين النهرين هذه الحضارة التى اغنت كل حضارات العالم بما فيهم اليونان والرومان فى الغرب وحتى وصل اثرها الى الشرق الاقصى وهذه الحضارة ترقى الى العصر الحجرى فالحضارة السومرية تعتبر الاساس والركن الهام والجوهرى لمجمل الحضارات الاسيوية والثابت قطعا ان الحضارة التى نمت وترعرعت وازدهرت على ضفتى الهندوس ايضا قبل نزوح الهنود اليهما هى بحق حضارة خليط من السومرية والدرافينية وكانت هذه البقعة من الارض ملتقى شعوب العالم منذ اقدم العصور ولما قطنها السومريون وانشاءوا فيها حضارتهم هبت عليهم من الجزيرة العربية عواصف الاموريين وهم فى الاصل شعب سام وكان دائم الترحال والتنقل ولم يثبت ويستقر الا فى بلاد ما بين النهرين حيث سيطر على سومر والبلدان المتاخمة وبرز فيه حمورابى مؤسس اول سلالة فى بابل وكان لحضار ة بلاد ما بين النهرين اثر جليل وواضح فى مجمل الارث الانسانى العالمى ممكن اجماله بالتالى : :: اعتقادهم بوجود قوة تسيطر على النظام الكونى ومصير البشرية جمعاء وهو الناموس الالهى وهذا فعلا اخذه اليونان عنهم ( الكلمة المولدة ) كما اخذه عنهم الهنود فكانت عندهم ( المرسوم الالهى ) :: اعتمادهم نظرية الزمان القائمة على النظام الكونى من رصد النجوم وحركة الافلاك وعبادة الشمس التى باعتقادى هى الاساس للديانات الفلسفية الشمسية وهذا نلمسه بصورة واضحة فى الفكر الهندى واليونانى الخ* الفكر الايرانى
لعل الاثر الايرانى هو اقوى ما تركته الامم القديمة للحضارة العربية والحضارة الغربية بشكل عام فكما هو معروف لدينا ان الفرس طغوا على غرب اسيا حتى الابيض المتوسط ولم تفلت من سيطرتهم مصر ايضا وكذلك الامبرطورية المقدونية التى اظهرت مقاومة وحملت اليهم حضارتها بعدما سيطرت عليهم جيوش الاسكندر لم تحمل اليهم الا بعض ما اقتبسته من تراثهم الفكرى
:: المذاهب الفكرية التى نشاءت فى بلاد فارس
> عبادة النار
> عبادة بعض القوى المجردة
> الديانة المزدكية التى نتجت من تمخض المعتقدات القديمة ذات المصادر المختلفة وهذه الديانة انتشرت فى ايران بصورة كبيرة والمزدكية معناها الاله الحكيم ( مزدا ) معناه الذكاء والاله مزدا هو الاله الحكيم العاقل الذى ظهر من بين الالهة المتعددين وهيمن عليهم كما برز اله اخر اسمه اهورا وهو الذى يمثل القوة العاقلة التى امتزجت بالعقل فاضحى اهورا ومزدا الها واحدا هو اهورامزدا او ( ارمزد )
وباحتلال ايران من قبل الفرس تبنى المجوس ارمزد وجعلوا منه الاله الاول وبالمقابل اقاموا حياله الها اخر يمثل قوى الشر الموجودة فى العالم لان ارمزد الاله العاقل الحكيم لا يمكن ان يكون الا مبداءللخير وهكذا تبلورت منذ عهد قديم فكرة ( الثنوية )
> الزردشتية ظهرت تنادى بالاصلاح ولئن حافظت على فكرة الصراع القائم بين الخير والشر ونادت :
* حملت على القرابين الدموية
* دعت الى احلال الطهارة الخلقية وتنقية النوايا
* دعت الى ما يشبه التوحيد وتمجيد اهورا مزدا
* مقاومة مبداء الشر
* مساعدة مبداء الخير
* الانتصار والتطهير الداخلى الذى يقود الى السعادة
> الزرفانية
هى فكرة موغلة فى القدم وقالت بالزمان المطلق او غير المحدود ولد تواءمين ارمزد و اهرمان مبداى الخير والشر وهما وحدتان متساويتان فى القيمة متنافرتان فى الخصام والنزاع وقوتان متعادلتان لا تقوم الواحدة منهما دون الاخرى ومن ثم نرى فى الزرفانية محاولة جادة لتوحيد المبداين فى مبداء واحد وهى لا شك مستمدة من المعتقد الكلدانى فى السماء والزمان اساسا لنظرية الزمان ( كرونوس ) ومنها اخذت فكرة العوالم المتعاقبة _ منها اخذت بعض الفرق الاسلامية _ التى يخرج احداها من انقاض الاخر اى فكرة الرجعة
> فكرة المخلص او المهدى الذى سيعود يوما الى العالم ليزيل الشرور ويحل العدل محل الجور وينقذ البشر
> المانوية اخذت الكثير من الديلنة اليهودية والنصرانية كما تاثرت بالغنوصية اما مانى فهو بابلى من اصل ايرانى قضى حياته يبشر بدين جديد ويحارب المجوس ويحاربونه حتى تغلبوا عليه وصلبوه ولكن فكرته باقية والمعروف ان والد مانى من المغتسلة وهى فرقة مسيحية ضالة وهذه الفرقة تدعو الى التطهير بالعماد وتلبس الثياب البيض رمز الطهارة
ادعى مانى انه المسيح الثانى اى البارقليط الذى وعد به يسوع وانه جاء للعالم بديانة الخلاص
وقد اخذت عن الديانات الايرانية تلك الثنوية التى تجعل فى العالم مبداين مبداء خير ومبداء شر ومبداء ظلام اما الكلمة المنورة لوغوس ابوفنتيكوس عند ارسطو فجاء مانى بدين عده قادرا على توحيد الشعوب قاطبة اما بخصوص الرواقيون والصينيون فقد نهلوا من ذات المعين بما يتمشى مع فكرهم ومعتقدهم
::: الفكر الهندى
فكان لفكرهم ملامح عامة نذكر منها
* تقسيم الهنود الى طبقات
* فكرة التناسخ وهذه الملاحظ انها ابعد بكثير عن فكرة انتقال الارواح فقط نعم هم يؤمنون بذلك ولكن فلسفتهم ونظرتهم اعمق من ذلك
* قولهم بالصيرورة التى لا تقاوم
* اليوغا التى يتم من خلالها السيطرة على النفس والروح
* الجاينية جينا معناه الظافر وجدت الحل بالظفر عن طريق التقشف والفكر الثاقب اللذين يجعلان من الانسان سيد نفسه وذاته وخالق اعماله
* البوذية فقد انكرت وجود النفس كجوهر وراءت ان حقيقتها ليست سوى حقيقة نسبية فهى مثل الجسد تنحل الى عناصر تعود كلها الى ظاهرات ذاتية
* التصوف الهندى المدرسة اليوغية هى ابرز المدارس الهندية فى هذا المجال ويرمى تصوفها بالدرجة الاولى الى اتصال النفس البشرية بمبداءها الروحى
اما مقامات التصوف الهندى كثيرة نذكر منها
* الندم
* المحبة والحلم
* تطهير الجسم بالغسل والعقل بالمعرفة
* التقشف
* التسليم المطلق لمشيئة الله
* تلاوة الترانيم المفروضة
* اتخاذ الاوضاع الجسدية التى تساعد على سير النار الروحية فى الجسم
هذا حقيقة الاناء الفكرى الانسانى السائد بالتقريب ودون تفصيل قد يبدو مملا حاولنا ان نتوخى ادق ما يمكن ان يوقعنا فى الزلل وهدفنا الحقيقة لا شىء غيرها فنرجو الله ان قد وفقنا فى ذلك
ولله الامر من قبل ومن بعد
*****************************************
عمر مصلح
أستاذنا الكريم .. طابت أوقاتك
جهد متميز جداً ، من حيث التمهيد ومن ثم التعرض لتفاصيل مهمة ، وانتهاءً بالتعريف لبعض الفرق.
وكنت آمل من جنابكم الكريم أن تتوغلوا أكثر في اسباب نشوء هذه الفلسفات ، وماهية تجاذب او تنافرها مع ماورد بالديانات الرئيسية أو الأشهر.
كي نستزيد من نور علمكم ، ونكوّن تصوراً عما يمكن تحليله أو مناقشته.
حقيقة انا مسرور جداً ، بالتعرف على جنابكم الموقر من خلال هذا المبحث .. متنمياً التواصل.
لك بالغ تقديري وأسمى اعتباري.
سولاف هلال
الأستاذ القدير طارق فايزالعجاوى
هذا الجهد الرائع والمميز جعلنا نطمع بالمزيد
شكرا لك
تقديري الكبير
طارق فايز العجاوى
الاستاذ عمر عساك مرفلا بحلل السعادة والهتاء
اسعدنى مروركم البهى
تقديرى
طارق فايز العجاوى
الفاضلة سولاف
اسعدنى وارف ردكم
تقديرى