زاد الاردن الاخباري -
يحذّر رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، الجنرال في الاحتياط تامير هايمان أن الحرب على غزة ستطول، وأن أيّ نتيجة لن تمحو عار السابع من أكتوبر، مشدداً على أن تعزيز الأمن القومي الإسرائيلي لن يتحقق إلا بتسوية سياسية طويلة الأمد.
في مقال نشره موقع القناة 12 العبرية، يقول هايمان إن الضغط العسكري على كتائب “حماس” الثلاث الأخيرة في شمال القطاع مستمر، وإن هذا الواقع يخلق تعقيداً عالياً، إذ إن الجيش الإسرائيلي موجود في قلب منطقة مكتظة، يوجد فيها “مخربون”، ومدنيون، ومخطوفون. هذا الضغط العسكري والتضاريس الصعبة تخلق فرصة لا تتكرر، وهي تختفي في جزء من الثانية، وأن هذا الأمر يبعث على الإحباط.
ويقول محذّراً إن إخضاع جميع كتائب الألوية الشمالية لـ “حماس” في غزة على مشارف الانتهاء، لكن “تطهير المكان” سيستمر وقتاً طويلاً.
ويمضي في تحذيراته: “علينا أن ندرك أن المعارك التي تتم وجهاً لوجه، هي معارك يتضاءل فيها التفوق النسبي للجيش الإسرائيلي في مواجهة “حماس”، على الرغم من الشجاعة الكبيرة التي يبديها مقاتلونا، والتي يثبتون فيها كفاءتهم كمقاتلين. ليس علينا تسريع هذه الخطوة، لا مكان لمقاتلي “حماس” كي يهربوا إليه. إذا تصرفنا بصورة صحيحة إزاء الولايات المتحدة، فسنحصل على كل الوقت الذي نحتاج إليه. لقد استغرقت الولايات المتحدة نفسها ثلاثة أعوام للتوصل إلى إنجاز مماثل في مواجهة “داعش” في الرقة”. زاعماً أن الجانب الأمريكي يدرك ذلك جيداً، كما أن الضغط الأمريكي الهادف إلى نقل الحرب من مرحلة القتال المكثف إلى المرحلة التالية، لا علاقة له بمدينة غزة (حيث استطاع الجيش فعلاً احتلال أغلبية المدينة)، ولذا، فلا معنى للتنقل بين المراحل.
ويضيف: “في إمكاننا مواصلة العمل، كما عملنا في بداية المعركة، بصورة بطيئة ومكثفة، وبواسطة استخدام النيران المكثفة، وغيرها من الوسائل. في بقية المواقع في القطاع، التحول إلى أسلوب آخر مطلوب، ليس فقط إرضاءً للأمريكيين. علينا أن نُخضع كتائب أُخرى، لكن نظراً إلى الظروف الجديدة: فإن كثافة السكان المدنيين في منطقة مكتظة، ووجود المخطوفين، على ما يبدو تحت الأرض، يتطلبان منا العمل ببطء ودقة أكثر. ولذا فإن التحول في اتجاه طرق عمل أُخرى ينسجم مع ما تلمّح الولايات المتحدة إليه، بشأن رؤيتها للمرحلة المقبلة”.
أثمان الحرب تثقل كاهلنا
ويرى هايمان أن خلاصة القول هي أنه لن تتمكن صور النصر جميعها من محو الإحباط والإهانة الناجمَين عن الكارثة التي وقعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ويتابع: “لقد اتضح أن تركيع “حماس” لن يغيّر المشاعر الصعبة، وأثمان الحرب تثقل كاهلنا أكثر. ومع ذلك، علينا الاعتراف بأن هذا هو كل ما يمكن للجيش الإسرائيلي تقديمه في مجال النصر العسكري. الحقيقة البسيطة تقول إن تغيير الوضع من أساسه، ممكن فقط من خلال العمل السياسي، الذي يستغل الإنجاز العسكري بهدف تغيير الواقع الأمني”.
كما يرى أنه على الجيش الإسرائيلي أن يضمن أن “حماس” لن تشكّل بعد تهديداً أمنياً، وأن يستعيد الكرامة المفقودة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، لكن هذا نفسه لن يعيد لنا أمننا القومي.
ويقول إن التسويات السياسية الطويلة الأمد هي ما يضمن ذلك، وإن الإسرائيليين لا يهتمون بذلك بصورة كافية، لافتاً إلى أنه في الانتقال من مرحلة القتال العنيف إلى مرحلة القتال المستمر، لا بد للفعل السياسي من أن يتصدر. وعن ذلك يضيف: “نحن بحاجة إلى عمل مشترك من لجان الوزارات التالية: الخارجية، القضاء، والداخلية، والأمن الداخلي، والمالية، والاقتصاد، وتناسي سفاسف السياسات الداخلية، والانشغال بالعمل السياسي الحقيقي”.
ويتوقع هايمان أن تكون هذه الحرب طويلة، ويقول إنه كما لا أحد يتذكر ما هو التاريخ الفعلي لانتصار حملة “السور الواقي”، فلن يتذكر أحد في المستقبل تاريخ تحقيق النصر في حرب “السيوف الحديدية”.
ويتابع: “سنقوم بالتنقّل بين المراحل، ونغيّر الوتائر، وندخل في روتين العمل الحربي، وفي نهاية المطاف، لن يعود هناك وجود لـ “حماس” كتنظيم “إرهابي” يسيطر على قطاع غزة”.
إدارة مغلوطة للحرب
في التزامن، تتواصل عملية توجيه الانتقادات الإسرائيلية لإدارة الحرب، ويرى المعلق السياسي في إذاعة الجيش رازي بركائي أن “استعادة المخطوفين من غزة هي الهدف الأول، والأهم لأن ذلك ينطوي على قيمة إنسانية وأمنية عليا، حتى بثمن وقف الحرب لفترة طويلة، خاصة أنها تتيح لقوات الجيش مستقبلاً مهاجمة الأنفاق بقوة دون تردد ودون حذر. انتهكنا الاتفاق غير المكتوب بين الدولة ومواطنيها. قتل المخطوفين الثلاثة دليل على صحة ذلك”.
ويؤكد النائب السابق، الباحث، والضابط في الاحتياط عوفر شيلح، في حديث للقناة 13 العبرية، أن “استمرار القتال في الطريقة الحالية لن يؤدي لتحقيق أهداف الحرب، لا تدمير “حماس” ولا استعادة المخطوفين”.
ويعلل شيلح رؤيته هذه بشكل مثابر، منذ أسابيع، بالقول: “هذا ليس فقط بسبب تراجع أو فقدان غطاء الشرعية الدولية، بل لأنه يخطئ من يعتقد أن الجيش، بما تبقى من وقت، قادر على التنقل من مكان لمكان، وقتل هذا “المخرّب” أو ذاك، وتدمير فتحة نفق هنا ونفق هناك. هذا غير ممكن، ويضاف لذلك الكلفة الباهظة للحرب. هذا لن يتحقق، وكل تاريخ الحروب الإسرائيلية يؤكد هذه الخلاصة”.
وينسجم شيلح مع تلخيصات إسرائيلية متزايدة تشكّك بجدوى واحتمالات الحرب على غزة، لأنها لا تحدّد أهدافاً واقعية واضحة ويمكن تحقيقها، لا تكتفي بشعار “تدمير حماس”، ما يفاقم بالتالي حالة التململ الداخلي، ورفع منسوب استياء الإسرائيليين من أداء حكومتهم وجيشهم، وهذا ما كشف عنه استطلاع للرأي نشرته القناة 12 العبرية، ليلة أمس، علاوة على تعمق أزمة الثقة بنتنياهو شخصياً، الذي يبحث عن إطالة أمد الحرب لحسابات شخصية غريبة، كما يتجلى في انشغاله الآن بالبحث عن اسم ديني للحرب (سفر التكوين الاسم المقترح)، في محاولة لتهويش اليهود والحفاظ على تأييدهم لحرب مفتوحة على غزة.