بعد مرور أكثر من سبعين يوما على حرب غزة، يلوح بالأفق إعلان صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين الكيان الصهيوني والمقاومة الإسلامية «حماس»، هذه المرة سيكون لعملية التبادل طعم وطريقة وشروط مختلفة عن سابقاتها، كونها ستكون الأكبر وضمن الخطة المرسومة من قبل المقاومة.
هذه الصفقة التي تطبخ على نار هادئة من قبل المقاومة «حماس» بدأت رائحتها تفوح، بعد التحقيق الذي كشف عن ملابسات قتل الجيش المحتل لثلاثة من المحتجزين الصهاينة لدى المقاومة عن طريق الخطأ، هذا التحقيق أربك قيادات مجلس الحرب السياسي والعسكري لدى الكيان على حد سواء، كون هذه العملية ليست الأولى التي يخطئ ويفشل بها الكيان الصهيوني في تحرير أسراه.
فقادة الجيش المحتل تحملوا مسؤولية فشل عملية تحرير الأسرى الثلاثة، مشيرين إلى أن أسباب ذلك كانت الصعوبات التي يواجهها الجنود في ساحات القتال «المعقدة» في غزة، وهذا بالفعل ما جعل عمر الحرب أطول وصمود المقاومة يبهر العالم.
هذه الأخطاء المتكررة زادت من الضغوط الداخلية على قادة الكيان الصهيوني وهزت مجلس الحرب وأرضخته لقبول فكرة إبرام صفقة جديدة مع المقاومة «حماس» وضمن الشروط التي ستضعها رغم مرارتها.
هذا الرضوخ الصهيوني والقبول بوساطات للتفاوض على عملية تبادل جديدة ضمن شروط حماسية ستكون أقل قسوة ومرارة على رئيس وزراء الكيان المحتل نتنياهو ورئيس أركانه من الضغط المتزايد من قبل أهالي الأسرى لدى المقاومة على مجلس الحرب الذي يرأسه.
أما الشروط المحتملة للهدنة القادمة فستكون أكبر من تلك التي سبقتها، فمن المحتمل أن تكون وقفا أطول لإطلاق النار، وذلك لزيادة دخول شاحنات المساعدات الإمدادات إلى داخل القطاع، ومن ثم إطلاق عدد أكبر وأسماء أهم من الأسرى وهو ما يرفضه مجلس الحرب اليوم ويؤخر الهدنة كون هذه الشروط إعلان انتصار للمقاومة وهزيمة للكيان.
وفي الحديث عن الضغوط الإضافية التي تمارسها المقاومة على الكيان الصهيوني فإن أبرزها وأهمها عدم قدرته للوصول إلى أي أسير حياً، بما يعني أن الكيان قد فشل في عملياته البرية التي كلفته ثمنا باهظا بشريا وماليا.
فإخفاقات الوصول الى المحتجزين تلك زادت الضغط الدولي على الكيان لإنهاء هذه الحرب ووقف إطلاق النار، إضافة إلى الأسلوب الإعلامي الحمساوي الذي يعد مدروسا من خلال الفيديوهات التي نشرت من أرض المعركة والعبارات الرنانة التي جاءت على لسان ناطقها الإعلامي أبو عبيدة وهزت نفوس الكيان وأهالي الأسرى.
فالحرب الإعلامية التي تمارسها المقاومة «حماس» على الكيان أشد وأقسى من تلك التي يشنها الكيان على القطاع، وهو ما سيقلب موازين المعركة لصالح المقاومة، كون الوقت بدأ بالنفاد ولم يعد للكيان قدرة على التحمل كما في السابق.
ومن هنا يمكنني التحليل بأن تحميل المسؤولية من قبل المقاومة لما يحدث بالأسرى لقادة مجلس الحرب الصهيوني سيجبرهم على امتصاص موجة الغضب المتصاعدة في داخل الكيان المحتل والسير نحو هدنة ولو كانت مشروطة.