عاهد الدحدل العظامات - تحولات وتطورات وصلت لإشتباكات لقوات حرس الحدود مع جماعات مهرّبة ومسلّحة تُحاول إختراق حدودنا الشمالية ، فماذا يعني ذلك؟ مُنذ سنوات والأردن يتصدى لمحاولات تهريب المخدرات الآتية من الجانب السوري، وبعد عودة العلاقات مع دمشق حاول الجانب الأردني إيصال رسائل مُباشرة وواضحة تُطالب بضرورة تحرّك وموقف سوري حاسم لوقف تدفق المخدرات على حدوده، ولم تتوقف هذه الآفة من تدفقها وتصدي قوات حرس الحدود لمنع دخولها إلى البلاد، في الوقت الذي صمّت دمشق أذنها عن سماع الصوت الأردني المُحذّر من تفاقم المشكلة التي قد تؤدي لإندلاع أزمة سياسية أردنية سورية، وأرسل الأردن رسالة عسكرية عبر عمليته التي إستهدف خلالها أحد تجار المخدرات داخل الأراضي السورية، ومع هذا واصل الموقف السوري صمته وتغاضيه عن كل ما يجري على حدوده مع الأردن.
المسألة بحقيقتها لم تعد مسألة مخدرات وتُجار مع أنها غاية في الخطورة ومُهددة لسلامة مجتمعنا وأمنه، وكان لها الأثر عليه في السنوات الأخيرة، لكنها أكبر من ذلك، فالأردن يواجه على حدوده الشمالية خططاً ومطامع إيرانيّة تستهدف إستقراره والنيّل منه والعبث بأمنه وهدمه كما فعلت طهران في العراق ولبنان وسوريا وغيرها من البلدان التي تسيطر على قرار وسياسة عواصمها، ذلك يجري عبر الأراضي السورية التي تُعطي الضوء الأخضر لإيران لتهديد الأردن، نفهم من ذلك أن القلب السوري ما زال يحمل الحقد الكبير على الأردن على الرغم من إعادة العلاقات والزيارات المتبادلة وفتح الحدود بينهما على مصارعيها. مع أن الموقف الأردني حيال الحرب في سوريا، والذي يدفع ثمنه اليوم لم يكُن متطرفاً أو مُعادياً أو مُنحازاً، وإنما نادى عبر سنوات الحرب إلى الحل السلمي والجلوس على طاولة الحوار.
لكنها الجارة السورية ناكرة الجميل للإردن في دوره الإنساني تجاه النازحين واللاجئين السوريين الذين هربوا من ويلات الحرب، ولا زالت تستضيفهم على أرضها وتُقدم لهم كافة أشكال الرعاية، وتُقاسمهم مع أبناء شعبها المأكل والمشّرب وغيرها من مناحي الحياة، تدفع اليوم بإتجاه الإنتقام من الأردن عبر إيران، العدو الأول للمنطقة، والوجه الثاني لإسرائيل، اللذان يتفقان على هدف تفكيك الدول العربية وتخريبها والسيطرة عليها.
أظن أن عمان لن تكون مكتوفة الأيدي أمام التهديدات على الحدود الشمالية، واننا في الأردن نملك كل مقومات وقدرات ردع تجار المخدرات والمليشيات الإيرانية، وأن الآوان قد آن لفتح جاد لملف عودة اللاجئين السوريين في الأردن إلى بلادهم وإغلاق المخيمات السورية الموجودة على أرضه؛ فلم يعد ثمة مُبرر لبقائهم، ولا مُبرر لتحمل فاتورته، في ظل الموقف السوري المُعادي لنا.
وأظن أن الآوان أيضاً قد آن ليفهم صبي طهران في منطقتنا بشار الأسد وأتباعه _إن كانوا يفهمون _ أن الأردن بعيدة عن شواربهم وعن أحلامهم وعن تدابيرهم، وأننا في الأردن إن لَزِم الأمر صغيرنا وكبيرنا سيلبس الفوتيك ويُدافع عن حدوده ووطنه، وأننا سنقطع اليد الإيرانية الطويلة ونُعلّقها في عُنق الموقف السوري المتواطئ.