زاد الاردن الاخباري -
بخُطى واثقة يطل الشيخ عكرمة صبري بعد كل تحقيق يخضع له في مركز شرطة الاحتلال، تساعده عكازه على المشي، يحمل هموم المسجد الأقصى على كتفيه رغم تجاوزه الخامسة ثمانين عاما.
هو رئيس الهيئة الإسلامية العليا، وخطيب وإمام المسجد الأقصى المبارك ولقّب بأمين المنبر، لا تخلو خطبة من خطبه من ذكر المسجد الأقصى وما يتهدده من مخاطر التهويد والتقسيم، ولا ينفك يدعو الى الرباط والثبات فيه، والأحداث اليومية والفتاوى بأمور الدين حاضرة دائما في خطبه وهو ما تعتبره سلطات الاحتلال والجمعيات الاستيطانية تحريضاً ودعماً لما تسميه "الارهاب".
الاعتقالات والاستدعاءات المتكررة للشيخ صبري تأتي ضمن حملة التحريض على شخصه، ومحاولة لردعه عن مواصلة الدفاع عن الاقصى، بحسب ما قاله طاقم من المحاميين.
في اليوم الثالث لمعركة طوفان الأقصى، أطلق المستوطنون منصة عبر "التلغرام"، يقومون من خلالها بالتحريض على رجال دين، أسرى محررين، نشطاء، صحفيين، محاميين، وشبان وشابات، من مختلف المدن الفلسطينية.
من أبرز التهديدات عبر منصة اطلق عليها اسم "صيادو النازيين" كانت للشيخ عكرمة صبري ونشرت رسالة للشيخ" ليس هناك مكان آمن، انظر دايما للأعلى عندما تسمع ضجيج الطائرة، يشجع الإرهابيين الانتحاريين والتحريض على العنف، صبري هو أحد الأهداف التي سيتم القضاء عليها وهو في مرمى النيران في أي لحظة"، ونشرت صورا للشيخ ومنزله، إضافة الى "خارطة جوية تظهر موقع المنزل".
وخلال الأسابيع الأخيرة، اقتحم منزل الشيخ عدة مرات، لتسليمه قرار "منع سفر"، و"تعليق قرار هدم لمنزله" ولكامل البناية التي يسكن فيها، إضافة الى استدعائه للتحقيق الأخير الذي كان الأحد الماضي، والذي تركز حول خطبته في الأقصى مطلع كانون الأول، وحديثه عن تبادل الأسرى، واقتحامات المستوطنين، ساعات من التحقيق المتواصل ثم افرج عنه بشرط عدم التعامل مع 4 فضائيات "الميادين، الأقصى، المنار، والعالم" لمدة أسبوعين.
ما جرى مع الشيخ صبري هو ترجمة لمطالبة وتهديد قناة "صيادو النازيين"، حيث تطالب "الجهات الأمنية" بالقبض عليهم والتحقيق معهم وانتزاع كل التفاصيل منهم "إشارة لاسم كل شخص ينشر عنه عبر القناة".
وحول الملاحقات الدائمة للشيخ، أكد المحامي مدحت ديبة أن شيخ المنبر الشيخ صبري مستهدف، من خلال اقتحام بيته وتسليمه أوامر مختلفة، منها هدم البيت، منع السفر، استدعاء للتحقيق، وكان يوم الأحد الماضي على موعد مع التحقيق على إثر خطبة جمعة قبل أسبوعين، وكان الحديث يدور حول الشروط التي كان يتحدث بها الشيخ عن الأخلاق الإسلامية في المعاملة مع الأسرى، وكيفية التبادل، من المهم أن يكون هناك تبادل، وسنن الصالحين في عملية التبادل الأسرى.
مضيفاً :"هذه الأمور لا تدعو إلى التحريض، لكنهم يستدعون الشيخ صبري "بحجة أن الخطبة تدعو للتحريض" كونه رجل دين واعي ومؤثر".
وأكد المحامي ديبة ان الهدف من هذا التحقيق إرضاء الجماعات المتطرفة التي تستهدف الشيخ، وهي المرة ال11 يتم فيها تقديم شكاوى ضده على خطبه الدينية، ودروسه الدعوية التي هي شغلته الرئيسية في فلسطين التاريخية.
وقال ديبة :"هذا يعتبر استهدافاً لنشاطه الديني، ونشاطه الثقافي العلمي في مدينة القدس وخارج مدينة القدس، إرضاء لليمين المتطرف الذي يهدف ويدفع لتقديم لوائح اتهام بحق الشيخ".
بدوره أوضح المحامي خالد زبارقة أن الشيخ عكرمة صبري تعرض خلال العامين الأخيرين لملاحقة سياسية وفكرية ودينية، بدافع من المجموعات اليهودية المتطرفة، والتي هي جزء من الحكومة الإسرائيلية والتي تحرك أذرعها في داخل السلطات الإسرائيلية من أجل شرعنة ملاحقة الشيخ عكرمة صبري.
وأكد زبارقة أن الشيخ عكرمة صبري يقوم بدوره الديني والدعوي والشرعي في كل مكان، مشاركة في خطب الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، وتوضيح الحكم الشرعي للأحداث الإقليمية التي نعيشها طبعا في تفريعاتها المختلفة.
وقال :"ما يجري مع الشيخ صبري هو تعد على حريته وحقه في ممارسة عمله الديني والدعوي داخل مدينة القدس، وأيضا هي مؤشرات وبوادر للحرب الدينية التي تقودها الحكومة الإسرائيلية، والتي نرى مؤشراتها في كثير من الأماكن سواء في هدم المساجد أو الاعتداء على قدسية المساجد، كما رأينا في الأسبوع الماضي في جنين، أو ملاحقة الأئمة والخطباء، وخاصة الشيخ عكرمة صبري".
وجدد المحامي زرباقة تحذيره من هذه الممارسات وهي "ممارسات حرب دينية"، وعلى السلطات الإسرائيلية أن التفكير بعقلانية والتصرف بعقلانية بعيدا عن التطرف وبعيدا عن إشباع غريزة التطرف لدى مجموعة متطرفة من المجتمع الإسرائيلي."
من جهته قال المحامي حمزة قطينة أن الاستدعاء للتحقيق ليس بمعزل عن الإجراءات التعسفية التي تم اتخاذها منذ بداية هذا الشهر، وتحديدا أيضا منذ بداية الحرب على غزة، بمنع سماحة الشيخ من السفر، والتحريض على المنزل الذي يسكن فيه ، بل وكل العمارة التي يسكن فيها لتفعيل أمر هدمها، وأيضا توثيق تهم لسماحة الشيخ، واصطياد أي كلمة لتلفيق تهم التحريض ضده.
وأضاف قطينة :"كل هذه الإجراءات التعسفية بحق الشيخ عكرمة صبري، لا يمكن أن ننظر لها إلا بأنها حزمة واحدة، وأن السلطات الإسرائيلية تٌفعل كافة أذرعها من أحزاب متطرفة، وكذلك كل الجهات الرسمية في ظروف الطوارئ، من أجل اتخاذ إجراءات انتقامية تعسفية بحق سماحة الشيخ، الأمر الذي نرفضه رفضا تاما".
محملا السلطات الإسرائيلية تبعات كل هذه الإجراءات التعسفية التي لا تراعي مكانة سماحة الشيخ، ولا وضعه الصحي.