كل أسئلة وأوراق أهل القرار وجهات التفكير تطرح أفكارا عن الجهة التي ستحكم غزة بعد انتهاء العدوان العسكري، وما بين رفض وقبول وتساؤلات صعبة ليس هنالك حتى اليوم خيار يحظى بقبول الدول التي لديها القدرة على الرفض او القبول، لكن سؤالا غائبا لا يتم تداوله او الحديث فيه وهو "- ماذا ستحكم الجهة التي سيرسو عليها عطاء اهل القرار؟
الجزء المهم هو ان غزة اليوم وليس بعد اسابيع وربما اشهر من العدوان العسكري فقدت شكلها كمدن وأحياء تصلح للحياة، فعدد البيوت والمجمعات السكنية التي تم تدميرها وما يزال التدمير مستمرا يتجاوز عشرات الآلاف الى مئات الآلاف من البيوت، والبنية التحتية من مدارس ومستشفيات وشوارع وصلت الى حد الدمار، وحتى لو تخلت اسرائيل عن مشروع التهجير الى مصر وانسحبت من شمال غزة ومناطقها الاخرى وسمحت لأهلها بالعودة الى بيوتهم فإنهم لن يجدوا بيوتا يعودون اليها، ولن يجدوا أساسيات الحياة.
الاحتلال لم يقتل البشر فقط لكنه صنع واقعا لم تعد فيه مناطق كثيرة تصلح للحياة، ولهذا فمن سيأتي لحكم غزة بعد العدوان ليس مطلوبا ان تكون جهة أمنية او تحمل سلاحا بل جهة لديها القدرة والصبر والمال لتعيد غزة الى الحد الأدنى الممكن من مقومات الحياة اي البيوت المدمرة وشبكات المياه والصرف الصحي والنظام الصحي من مستشفيات ودواء ومدارس وشوارع، انه مشروع اعادة بناء القطاع.
هذه المهمة الاهم والاولوية هي التي تحدد من سيحكم غزة بعد العدوان ومواصفاته، وماذا سيفعل لإزالة آثار العدوان ويعيد الحياة للناس عبر اعمار البيوت وكل ما يحتاجه الناس للحياة.
أبناء غزة النازحون اليوم في مناطق غزة المختلفة والمقيمون في مدارس وكالة الغوث او الخيام الصغيرة في الشوارع لن يعود معظمهم الى بيوتهم لأنها لم تعد موجودة، وستكون غزة حتى لو توقف العدوان اليوم بحاجة الى شهور من استمرار المعاناة حتى تبدأ عمليات الإعمار او اعادة اعمار أماكن السكن حتى يجد ابن غزة بيتا يؤويه وعائلته.
من سيحكم غزة بعد الحرب سواء كانت حماس او السلطة الفلسطينية او سلطة فلسطينية جديدة او اي طرف دولي ليست اولويته أمنية بل يحتاج الى عشرات المليارات من الدولارات وقدرة إدارية ودعم سياسي دولي حتى يعود بغزة الى امتلاك الحد الأدنى من أساسيات الحياة من مأوى وماء وشارع ومستشفى ومدرسة، فما فعله العدوان هو العودة بغزة الى مرحلة لا تصلح فيها الحياة.
من يبحثون عن إجابة لسؤال من سيحكم غزة بعد العدوان عليهم ألا ينسوا الدمار هناك.. فمن سيحكم غزة سيحكم دمارا ومجتمعا فقدت آلاف من عائلته الأب او الأم وفقدت أسر وجودها وفقد الجرحى اجزاء من اجسادهم بنيران الاحتلال، ومهمته الأولى إزالة الدمار وليس شيئا آخر..