الوطن كلمة لا تقاس بمقياس الحب أو حتى العشق لأن الوطن كلمة تعادل الروح والجسد معا تسقط أمام هذه الكلمة كل الأحرف وكل المصطلحات.
الوطن هو الهوية «اسمي وعمري، ايامي واحلامي، طريقي في البداية والنهاية.. وطني» تاريخ وعنوان كرامة وعز وامتنان».
كلمة وطن لا تقاس بمقياس منطوق اللسان بل هو مكنون القلب.. كلمة مزروعة في ثنايا الروح ولب العقل.
حب لا يخضع لشروط ولا لمقياس توازن ولا للتعامل بالمثل ولا بكلمات وشعارات رنانة.. حب لا يخضع للمساومة أو المزايدة.
الوطن هو ثلاثية «الانتماء والإيمان والهوية»، ثلاثية مجبولة بتاريخ ممتد من العطاء والإباء والعنفوان.
قد «نغضب.. نتململ»، مشاعر قد تنتاب الجميع لصعوبة الحياة، لقلة الموارد، مشاعر من القلق على المستقبل، غضب من هنا وهناك لموقف في مؤسسة أو حتى في الشارع قد نتوه احيانا وترتجف البوصلة قليلا لأي سبب ولكن ليس بسبب الوطن.
قد اغضب في إجراء معاملة أو حتى من أجل مخالفة سير، قد تغضبني فاتورة الكهرباء أو الماء، قد اغضب لأي سبب كان ولكن كل ذلك لا يختزل في كلمة وطن.
قد نختلف على موقف أو حتى على شخص، وقد نختلف على مجلس او حتى على هيئة ولكن ذلك لا يختزل الوطن.
الوطن هو المكان الذي نشتاق إليه قبل مغادرته.. هو الحد الفاصل بين الحياة والموت.. هو بيتي وسقفي الذي يحمي وجودي وكياني.. هو المكان الذي لا يرتجف فيه القلب ولا تخشى فيه الروح في وطني أملك كياني ووجودي وهويتي.
قيمة الوطن مرهونة فقط بتجربة بسيطة لا تتعدى وقوفك على سلم طائرة مغادرا لأي جهة كانت قريبة أو بعيدة ستشعر عندما تهبط في وجهتك بقيمة الوطن ستعد الأيام حتى ولو انتابك شعور الفرح والتغير للعودة.
ستختلف هناك الشوارع والوجوه.. ستختلف الانوار وحتى الشمس والهواء.
خارج حدود وطنك فقط سيرتجف القلب وتخشى الروح غربتها.
في مجريات الأحداث الدائرة حول وطننا الصغير والكبير في مكانه ووجوده المحاط باقليم مشتعل بألسنة من اللهب لا بد أن نشعر بأهمية الوطن والهوية بأهمية الاستقرار والأمان ولابد ان نشعر بالامتنان لمن يمنحنا كل هذا.
عندما اغمض عيني اعلم ان هناك عيونا تحرس أمني وأماني، وعندما استيقظ اعلم ان من يحمي حدود وطني ما غمضت اجفانهم ولا أسلمت للنوم أعينهم.. اعلم ان هناك من يحمي سمائي وحدودي ويحمي كياني ووجودي ما فرط يوما في ساعاتي ولا حتى في ثواني نبض حياتي.
استسلم للنوم وانا على يقين بأن الجباه السمر المخضبة برائحة الارض ترصد كل متسلل إلى الحدود وكل من حلم ان يعبث بامن الوطن وكل من سولت له نفسه التفكير في التخريب والفتن فقطعت يده قبل أن تمتد إلينا بليل ليحموا أحلامنا وأيامنا نهارنا وشمسنا ليحموا الوطن من التدنيس والعبث.
يحق لنا الاختلاف في كل شيء الا الاختلاف على الوطن وحماته.. إلا الاختلاف على منظومتنا وكيوننتنا وعلى حماة ديارنا.
يحق لنا الاختلاف في كل شيء إلا الاختلاف على حقيقة معاركنا التي نخوضها بكل شرف وحكمة.
علينا ان لا نختلف ان قيمة الوطن في «الأرض والانسان» الذي ينتمي إليه بكل أحواله فلا قيمة لإنسان بلا وطن وبلا هوية ولا ماض أو مستقبل.
الوطن هو «حب من الصعب أن يدخل في وحدة قياس».
الوطن بداية الدنيا وآخر الزمنِ.. وترابك كان لي مهدا وفي أحضانه كفني.