يتراوح الألم مكانه كما تتراوح القذائف الاسرائيلية مكانها لابادة اهل غزة الذين يبذلون قصارى جهدهم بالصمود والعزة واحتساب من فقدوا من الشهداء عند الله تعالى من أجل مكان أجَل على الارض واحتسبوا من ضاع منهم ولم يستطيع حتى الآن ان يجد ذويه او اقاربه عند الله تعالى هذه المعاناة التي أضيف لها النقص في الدواء والغذاء علماً بأن قطاع غزة قبل عملية الابادة في ظل الحصار عليه لم تتجاوز حصة الفرد فيه من الناتج المحلي من 1.2 ألف دولار سنوياً مقارنةً بحصة قدرها 4.2 ألف دولار في الضفة الغربيةوفي إسرائيل فيصل نصيب الفرد من الناتج الإجمالي القومي إلى 51 ألف دولار في السنة.
تتلعثم الالسنة ويتيح التعبير بين ما يرى القادم أجمل ومن يرى القادم أسوأ والحقيقة بأن الفلسطينيين إجمالا ليسوا معنيين بإثبات أنهم شعبٌ يناضل ويضحي ويقاوم بعناد من أجل استعادة حقوقه العادلة والمشروعة، فهم أثبتوا ذلك طوال قرن في مواجهة الاستعمارية العنصرية الصهيونية، وما يحتاج له الفلسطينيون هو إثبات قدرتهم على تحويل تضحياتهم إلى إنجازات وطنية، وهذا الأمر يتطلب قيادة وطنية تعزز إجماعاتهم الوطنية، وتدير أحوالهم بأفضل وأنسب ما يمكن، وترشد كفاحهم أو تحميه في اقل حال، خاصة ان غزة تعيش راهنا فلسطينيا لا يطاق سِمته الأبرز إبادة صهيونية جماعية في حق الأبرياء، حيث اسقطت اسرائيل واقع أن الشعب الفلسطيني عاش النزوح الأكبر عام 1948، وعرف نزوحا لا يقلّ عنه مأساوية عام 1967 وبدأ يدرك أن لا مكان له خارج وطنه؛ لذلك فصموده في غزة معركة كبرى يقودها ضد اسرائيل التي تقتل اهالي غزة بهمجية وعنصرية وفاشية استثنائية أمام الجميع مما اعطى لطوفان الأقصى قبولا كبيرا، ليس فقط في المجتمعات العربية والإسلامية، ولكن في قلب المجتمعات الغربية.
فهذه الحرب الاسرائيلية المفتوحة على قطاع غزة إنما تأتي في إطار مرحلة جديدة من مراحل الصراع العميق الدائر لإعادة رسم خرائط المنطقة، بين مشروعين مشروع السيادة والاستقلال والتفلّت من التبعيّة لقوى الاستكبار(مشروع المقاومة) ، ومشروع إدامة السيطرة والهيمنة من جهة أخرى.
في كل بيت وعائلة ألم ومعاناة كبيرة تكفي لأجيال قادمة، في قلوبنا دميعا وخاصة اهل القطاع الذين يحملون بداخلهم هذه المحن، ليصنعوا منها قصة مقاومة جديدة لهذه المدينة العنيدة على مرّ التاريخ، لمواجهة منظومة استعمارية، وافق كل العالم على سفكها دماء أهالي غزة، ووقف موقف الداعم والمؤيد أمام هذه المشاهد المأساوية التي مثّلت الوجه الأكثر بشاعةً للصراع مع الاستعمار، وتذكيرنا بوجهه ونياته الحقيقية بإبقاء الأرض الفارغة وإزالة الآخر تماماً، من خلال إبادته ومحوه، ومحو كل ما يدلل على وجوده وثقافته وهويته.
حمى الله أمتنا، حمى الله الأردن