زاد الاردن الاخباري -
صعَّد الأردن من وتيرة حربه ضدَّ تجار المخدرات والمروجين لها، وبدأ حملة جديدة ومستمرة ضدَّهم في مناطق المملكة كافة، لا سيما لواء الرويشد، في خطوة من بين خطوات يقول أردنيون إنَّها وجبت لوقف أي تهديد من قبل العاملين على هذه التِّجارة الخاسرة والقاتلة للنَّاس.
وأكد خبراء أمنيون ومتخصصون اجتماعيون أنَّ القوات المسلحة – الجيش العربي في مقدِّمة الحراس على باب هذا الوطن من هذه الآفة، واليوم جاءت حملة جديدة ضدَّ كل من يتاجر بمواد ممنوعة ومخالفة للقانون وقاتلة للشَّباب ومفتتة للمجتمع ليكون مصيرهم الحُكم العادل والحازم بنفس الوقت.
وقال الخبير الأمني والقانوني، اللواء المتقاعد الدكتور عمار القضاة، إنَّ تهريب المخدرات أصبح يهدد الأمن الوطني، ولم يعد الأمر يتعلق بتهريب كميات محدودة من المخدرات بل هناك من يريد أن يجعل الأردن مليئة بهذه المواد.
وأكد أنَّ تهريب المخدرات إلى الداخل الأردني وصل حد العنف والإجرام ومحاولة قتل كل من يقف في طريقهم، حين رفعوا السلاح في وجه حرس الحدود ليتم التعامل معه بكل حزم وقوة.
وبين أن مستوى الحرب على المخدرات بدأ يأخذ أشكالا وأنماطا مختلفة بسبب الانتقال إلى مستوى جديد من عمليات التسلل المتعددة والمرافقة لعمليات تهريب أسلحة، لافتا إلى أنَّ على الدول المجاورة والشقيقة أن تدرك بأن الجيش الأردني لا يدافع فقط عن حدوده بل عن واجهة المشرق العربي ومنها إلى دول العالم التي يتم تصدير المخدرات إليها.
وقال القضاة إن السوق الأردني لا يستوعب هذه الكميات الكبيرة من المخدرات لذا فمن المؤكد أنها منطقة عبور، لكن الأردن لدوره الأخلاقي وللحفاظ على أبنائه من شرور هذه الآفة فإنه يقوم بواجبه.
وبين أنَّه من الواضح أن الحملة الأمنية ستمتد إلى الداخل الأردني لتشمل من يتعاون مع شبكات التهريب الخارجية ويحمي مرورها حتى لو تم ذلك بقوة السلاح، مؤكدا أنَّ المجموعات التي تقوم بالتهريب تحاول التشبيك مع تجار السلاح ومنهم إلى العناصر المتطرفة بهدف إثارة الفوضى والبلبلة داخل الوطن وفي الإقليم.
وأشار إلى أن قانون المخدرات الأردني حدد عقوبة الإعدام للأشخاص الذين يثبت قيامهم بتهريب المخدرات من خلال الاتصال مع العصابات الدولية، وهناك بعض النصوص القانونية التي تحتاج إلى أن يعاد النظر فيها، وتحديدا مادة ترويج المواد المخدرة، وأن قانون الأسلحة والذخائر النارية جرّم حيازة أو تهريب الأسلحة والذخائر النارية والمواد المتفجرة نظرا لخطورتها على المجتمع.
ولفت المحامي الدكتور صخر الخصاونة إلى أن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية وتعديلاته في الأردن من القوانيين الصارمة في تجريم التعامل بالمخدرات، فمثلا عقوبات الإدخال والنقل والحيازة حسب المادة (7) يعاقب بالأشغال المؤقتة وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار كل من قدم مادة مخدرة أو مؤثر عقلي.
وبين أن المادة (8): تشير إلى أنَّه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار كل من وضع مادة مخدرة أو مؤثر عقلي أو مستحضراً للغير بقصد الإضرار أو الإيقاع به أو شارك بذلك بأي صورة من الصور، ويعاقب بالأشغال المؤقتة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تزيد على عشرة آلاف دينار إذا ترتب على الفعل الوارد في الفقرة (أ) من هذه المادة مباشرة تحقيق قضائي، وكان من شأن ما أسند للمجني عليه أن يشكل جناية.
وأضاف أنَّ عقوبة إنتاج أو صنع أو استيراد أو تصدير هذه المواد حسب المادة (10) فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على 3 آلاف دينار كل من جلب أو أنتج أو استورد أو صدر أو خزن أو نقل أو أخرج من إقليم المملكة أي من المستحضرات في غير الحالات المسموح بها بمقتضى التشريعات المعمول بها. ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على ألف دينار كل من حاز أو أحرز أو سلم أو تسلم أو تعامل بالمستحضرات في غير الحالات المسموح بها بمقتضى التشريعات المعمول بها.
وقال اللواء المتقاعد والمحافظ السابق في وزارة الداخلية جمال محمود البدور: "إننا ندعم ما تقوم به القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي) وأجهزتنا الأمنية في مكافحة المخدرات والقبض على المهربين وملاحقتهم أينما كانوا وأينما حلو، وهذا الإجراء يصب بمصلحة الأمن القومي الوطني الأردني، لأن المخدرات تعتبر من أكبر وأخطر التهديدات التي تواجه الشعوب في كل أنحاء العالم ومن ضمنها المنطقة العربية”.
وأضاف أن الأردن يتصدى لهذه الظاهرة لمنع وصول المخدرات إلى البلدان المجاورة وإلى داخل المملكة، وهذا يشكل عبئا كبيرا على عاتق الدولة، ولا بد من تضافر مختلف الجهود الداخلية والإقليمية والدولية لمواجهة هذا الخطر الفتاك.
وتابع: وفي هذا المقام أسجل عاليا بأحرف من ذهب إلى الجيش العربي وأجهزتنا الأمنية على جهودهم الجبارة والكبيرة على مدار الساعة للمحافظة على الأمن الوطني وتحصينه لما فيه خير الإنسان على المستوى الداخلي وعلى المستوى الإقليمي والدولي.
من جهته، أكد اللواء المتقاعد عبدالله الحسنات، أن التحقيقات التي أجريت مؤخرا أفضت إلى وجود معلومات مهمة كبيرة وخطيرة جدا حول تواجد عدد من أوكار المهربين داخل المملكة سواء في الرويشد أو غيرها من المناطق، وتخطط لإدخال كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة إلى المملكة.
وقال إن العملية التي بدأتها الأجهزة الأمنية المعنية، تستند إلى قوة القانون وتأتي في إطار الحفاظ على الأمن الوطني، والتصدي لكل من يحاول المساس بأمن الأردن واستقراره و سلامة مجتمعه، مشيرا الى أن التطورات الأخيرة على الحدود الشمالية أظهرت تحولا نوعيا في عمليات التهريب والسلوك العدواني والإجرامي للمهربين؛ ما وضع الدولة أمام واجبها في التعامل بحزم وقوة مع هذا الأمر.
وأوضح الخبير الحسنات أن هذه التطورات أكدت أهمية التعامل أمنيا مع كل المتورطين في عمليات وشبكات التهريب الخارجية والمتعاونين معها داخل المملكة، ما يبعث رسالة ثقة وطمأنينة للمواطن الأردني، ويعكس قوة الدولة الأردنية وأجهزتها الأمنية ومؤسساتها الرسمية في تطبيق القانون وحماية المجتمع.
وأكد أن المواطن الأردني يقف خلف الدولة والأجهزة المعنية في محاربة المخدرات والتصدي للمهربين داخل وخارج المملكة، والتعامل معهم بحزم، متوقعا في هذا الإطار استمرار هذا النوع من الحملات لملاحقة تجار ومهربي المخدرات داخل المملكة في ظل المعلومات الاستخباراتية المتوفرة حول عصابات التهريب الإجرامية ونشاطها داخل المملكة.
من جانبه، قال الخبير الأمني و الاستراتيجي، عمر الرداد، إن هذه الحملة تأتي نتيجة طبيعية للعمليات والاشتباكات التي جرت على الحدود مؤخراً بين القوات المسلحة وعصابات التهريب، وشهدت تطورا في أشكالها وحدتها، وكما كشفته التحقيقات المرتبطة بها من أسماء لمتورطين ومتعاونين مع شبكات التهريب.
وأكد الرداد أن الحملة تأتي أيضا مدعومة بتأييد شعبي من الأردنيين كافة؛ نظراُ لخطورة المخدرات على الأمن الوطني والسلم المجتمعي، مشيراً في هذا الإطار إلى الأرقام التي تعلنها الجهات الأمنية وتظهر الكميات الكبيرة من المواد المخدرة المضبوطة والمتورطين في عمليات التهريب.
وبين أن الحملات الأمنية ضد أوكار المخدرات والمهربين ستسهم في تخفيف حدة ووتيرة عمليات التهريب من حيث الكم والنوع في ظل توفر كم كبير من المعلومات حول أماكن وصول المخدرات، والنجاحات المتواصلة التي تحققها الأجهزة الأمنية في القضاء على هذه الأوكار، في إطار الملاحقة والاشتباك الشامل.
واشار الرداد إلى بعض حملات التضليل والتشويه لحقيقة ما يجري من قبل بعض الخارجين عن القانون وبعض المشككين، ما يتطلب استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية الموثوقة، وما تثبته من حقائق مؤكدة حول عمليات التهريب و إلقاء القبض على المتورطين فيها، مؤكدا في هذا الإطار أن الأمر يتطلب المزيد من الوعي المجتمعي و الحملات التوعوية بضرورة مواجهة خطر المخدرات على المجتمع.
وقالت المتخصصة في علم الجريمة بالجامعة الأردنية، الدكتورة مجد خليل القبالين، إنَّه وبالنظر إلى منطقة الشرق الأوسط ومُتابعة وتحليل كُل ما يحصُل من توترات وحالة الإنفلات الأمني في العديد من الدول المجاورة للأردن نُلاحِظ ارتفاع وتيرة تهديد الأمن الوطني والقومي والأمن المُجتمعي للمُجتمع الأردني، وتكرار محاولات اختراق الحدود التي جميعها باءت بالفشل بفضل جهود الجهات الأمنية والجيش الأردني وحرس الحدود، على اعتبار أن الأردن يحتل موقعاً استراتيجياً وحيوياً يجعله أكثر عُرضةً لمخاطر آفة المُخدرات.
وأضافت أن هذه المخاطر تصل لشريحة الشباب وأيضاً زيادة الضغط على المؤسسات العلاجية (الحكومية والخاصة) المعنية بمُعالجة من وقع فريستها من المُتعاطين والمُدمنين من شريحة الشباب بشكل خاص، يُرافِق ذلك ارتفاع وتيرة الضغط على الأجهزة الأمنية التي تعمل بكل جهودها بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لمُكافحة هذه الآفة.
وتابعت إنَّ الأردن يُصَنف على أنه دولة عبور للممنوعات (المُخدرات والسلاح) على حدٍ سواء؛ نظراً لأن الأردن يقع وسط إقليم مُلتهِب، يُمكِن وصفه بالحزام الناسف الذي يشهد توتُراً ملحوظاً في الدول المُجاوِرة والمُحيطة بالأردن.
وقالت القبالين: إنه وبالنظر إلى سيكولوجية مروجي وتُجار المُخدرات وتُجار السلاح فإنهم يشتركون في نفس المبدأ بالنظر إلى تجارة المُخدرات والسلاح على أنها تجارة مُربِحة ومصدراً للرزق دون النظر إلى عواقب هذا النوع من التجارة التي تُحرِمها الشرائع السماوية، والأعراف الاجتماعية على حدٍ سواء وترفُضها ولا تعترف بها الأخلاق والقيم الإنسانية، وخصوصاً في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة آخذين بمبدأ الغاية تُبرِر الوسيلة حتى لو كانت تلك الوسيلة لتحقيق الثراء والغنى والمردود الاقتصادي والرزق (غير المشروع) تحمل في مضامينها الاختراق والانتهاك لحقوق وحُرمة المُجتمع والتهديد لشريحة الشباب، الذين يتخذ الكثير مِنهُم من تعاطي المُخدرات وسيلة للهروب من واقعهم المُعاش الذي يعانون فيه من الفشل الذريع في مواجهة تحدياتهم مثل ارتفاع نسب البطالة، وسوء التنشئة الأسرية، وغياب الرقابة على الأبناء من قبل الأهل، وحالة الطفح الجلدي المُستفحِل التي أصابت المنظومة القيمية، والأخلاقية، والاجتماعية، والأسرية على حدٍ سواء.
وقالت القبالين: لا نغفل عن أن تاجر السلاح يُهدد الأمن الاقتصادي، وليس فقط الأمن المٌجتمعي بتهريب أسلحة يُجرِم القانون والمُشرِع الأردني حيازتها والإتجار بها، وهي الأسلحة الأتوماتيكية كالرشاش والكلاشنكوف، بل أصبحت المُنافسة بين مُهربي السلاح على تهريب أحدث الأسلحة ومواكبة التطور التكنولوجي حتى في تهريب الأسلحة ودخولها بطُرق غير مشروعة، لذلك نجد في العديد من الأحيان بأن مُهرِب المُخدرات يحمل نفس أسلوب التفكير المُشابه لمُهرِب السلاح، فكلاهُما يتفقان على نفس مصدر الرزق غير المشروع، ضاربين بعرض الحائط كل القوانين والأنظمة والأخلاق والقيم الإنسانية والتعاليم الدينية، إضافةً لتأثير الإعلام وثقافة الصورة في الترويج للأعمال السينمائية والتلفزيونية التي تُناقِش هاتين الآفتين: المُخدرات وتهريب السلاح، في الكثير من الأحيان بطريقة تُعزِز من تقبل ذلك النوع من التجارة المُحرمة (عقائدياً ومُجتمعياً وقانونياً واخلاقياً) داخل المُجتمع بل ويتجاوز الأمر ذلك لتبرير جريمة المُجرم (سواءً كان مُتعاطيا، أو مُدمِنا، أو مروجا ومُهرِبا، أو حتى مُصنعا للمُخدرات، أو مهرب سلاح) واستثارة عواطف المُشاهدين للتعاطُف معه وذلك تحت بند أنه ضحية الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية، وضحية العُنف الأسري، وضحية البطالة، وضحية سوء التنشئة الأسرية، وكل ذلك ليست مُبرِرات تغفر لصاحبها ارتكاب جريمته البشعة.
وأضافت: نحن قد أنعم الله تعالى علينا بالعقل البشري الذي من خلاله نُميز بين الخطأ والصواب، والذي نتميز به عن الحيوان.
وقالت القبالين: إنه ومن أجل مُكافحة المُخدرات وتهريب السلاح وتعزيز الإجراء الوقائي فلا بُد من تعزيز دور أجهزة العدالة الجنائية (المحاكم، والسجون، ومراكز الإصلاح والتأهيل) وتبدأ تلك العملية من دور الأجهزة الأمنية وتعزيز جهودها من أجل مُكافحتها.