زاد الاردن الاخباري -
اليمين المتطرف يتوجه الى المحكمة العليا لإجهاض الصفقة أو تأخيرها, ولكن التقديرات تشير الى انهم سيفشلون
تخوفات اسرائيلية من اعتداء فلسطيني على شاليط واعتداء اسرائيلي على الأسرى المحررين
أعلن مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية, بنيامين نتنياهو, مساء أمس, عن إتمام المحادثات في القاهرة بنجاح بين ممثلين عنها وعن حماس لوضع آخر الترتيبات من أجل تنفيذ صفقة شاليط من دون أية عوائق. وقال الناطق بلسان الحكومة ومسؤولون آخرون في اسرائيل إن المشكلة التي نشأت, أمس الأول, حول عدم ضم 9 أسيرات إضافيات الى الصفقة, لن تؤدي إلى أي تراجع عنها. والأسرى المقرر أطلاقهم في المرحلة الأولى (27 أسيرة و450 أسيرا), سيتم اطلاقهم في عملية كبيرة للجيش الاسرائيلي والشرطة والمخابرات ومصلحة السجون نهار اليوم, الثلاثاء.
وكان المندوب الاسرائيلي, دافيد ميدان, قد عاد من القاهرة, أمس, بعد أن أجرى محادثات استمرت طوال الليل مع ممثلي حماس بوساطة ضباط المخابرات المصرية. وقد طرح ممثلو حماس في البداية مشكلة الأسيرات التسع. فقالوا إن اسرائيل خدعتهم عندما أعطتهم أسماء 27 أسيرة, بينما عددهن هو 36 أسيرة. ولكن الاسرائيليين ردوا بأن هذه مشكلة حماس, "ففي اسرائيل يوجد ستة آلاف سجين فلسطيني ونحن لم نعطكم أسماءهم جميعا, لأنكم أنتم اخترتم الأسماء وليس نحن". وقال ميدان أنه لا يستبعد أن تؤدي النوايا الطيبة من الطرفين إلى تسوية هذه المشكلة, ولكن الاتفاق الموقع هو الذي سينفذ حاليا.
ورفض الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني إعطاء تفاصيل عن الترتيبات النهائية لتنفيذ الصفقة, وذلك لأن الاسرائيليين تحدثوا عن "وجود أخطار ينبغي عدم الاستهانة بها لتنفيذ اعتداءات دامية تعرقل هذه الصفقة". وكشفت مصادر أمنية اسرائيلية أن قسما من هذه الترتيبات سيظل سريا, في إطار "الحذر من خطر اعتداء على شاليط يقوم به معارضون فلسطينيون للصفقة أو الحذر من اعتداء على الأسرى الفلسطينيين المحررين يقوم به معارضون اسرائيليون للصفقة". وقد أعلنت مسلحة السجون الاسرائيلية عن حالة طواريء, أمس, لمجابهة مثل هذه الأخطار إلى حين الانتهاء التام من تنفيذ الصفقة. فألغت الإجازات وجندت طلاب مدرسة التدريب, وبالمقابل جندت الشرطة قواتها وكذلك فعلت المخابرات والجيش. وأطلقوا على هذه العملية اسم "ساعة الإقفال", وأقيم لها طاقم قيادي رفيع وغرفة عمليات تشبه غرف العمليات الحربية في رئاسة هيئة الأركان في الجيش.
وأكدت تلك المصادر أنه في حال عدم نشوء عراقيل مفاجئة, فإن تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة سيتم في يوم غد الثلاثاء. وقالت إن الجيش الاسرائيلي سيتسلم شاليط من المصريين على إحدى نقاط الحدود مع سيناء. وبعد إجراء فحوصات طبية له, ستنقله طائرة مروحية إلى قاعدة سلاح الجو "هار نوف" في وسط اسرائيل, حيث ينتظره والداه وأفراد آخرون من عائلته. وهناك سيستقبله نتنياهو, ووزير دفاعه, ايهود باراك, ورئيس الأركان, بيني غانتس, وغيرهم من القادة السياسيين والعسكريين. وكذلك سيلتقي شاليط مع والديه وشقيقه. وبعد حفل قصير ينقل بالمروحية العسكرية الى بيته في الشمال.
وأما الأسرى الفلسطينيون, فسيبدأ تحريرهم أولا بإطلاق سراح 27 أسيرة, اثنتان الى الخارج والبقية الى اسرائيل (فلسطينيي 48) والقدس الشرقية والضفة الغربية. ثم يطلق سراح الأسرى الرجال (40 مهم الى تركيا و107 الى الضفة الغربية والبقية الى قطاع غزة). وأما الدفعة الثانية من الأسرى (550 أسيرا), وبينهم الأطفال والمرضى, فإن محادثات لوضع الترتيبات النهائية لإطلاقهم ستبدأ لاحقا, بعد الانتهاء من تنفيذ هذه المرحلة بشهرين.
وقد بدأت مصلحة السجون الاسرائيلية, أمس, بنقل الأسرى الفلسطينيين من 11 معتقلا في شتى أنحاء اسرائيل إلى سجنين اثنين, أحدهما "كتسيعوت" في الجنوب, على مقربة من قطاع غزة, والثاني "هشرون" على مقربة من الضفة الغربية. وقد نقلوا وهم مقيدون بالأغلال بالأيدي والأرجل, في حافلات إدارة السجون, توافقهم قوات كبيرة من الجيش والشرطة والمخابرات ونقاط رقابة على الطرقات وطائرات تحوم في سماء البلاد طول الوقت, خوفا من اعتداءات. وعند وصولهم, بدأت عملية الفحص الطبي لكل أسير وأسيرة وعملية تشخيص ثم أدخلوا الى خيام أقيمت خصيصا لاستيعاب عدد كبير من الأسرى.
الجدير ذكره أن اليمين الاسرائيلي يصعد من حملته لرفض هذه الصفقة وتوجه الى المحمة العليا لكي تلغيها. وقال المحامي زئيف دسبيرغ, الذي فقد شقيقته وزوجها في إحدى عمليات التفجير, إن "نتنياهو وقع على صفقة تتناقض جوهريا مع كل ما قاله في الماضي ضد المفاوضات مع المخربين". وأضاف: "لقد بنى نتنياهو كل مجده وثروته على نظريات في مكافحة الارهاب, سقطت كلها اليوم وبدت وهمية. وهذا ليس تغييرا حكيما في المواقف, بل خنوع. مجرد خنوع لحركة حماس".
وكان دسبيرغ واحدا من أربع جهات تقدمت حتى الآن بدعاوى الى محكمة العدل العليا في القدس, طالبين إلغاء صفقة شاليط والطعن بقانونيتها. وستبحث هذه الدعاوى ظهر اليوم, الاثنين. ومع أن المحكمة العليا ردت مثل هذه الدعاوى في الماضي ورفضت التدخل فيها كونها "قرارات سياسية وأمنية مهنية", إلا أن المدعين هذه المرة يطرحون المسألة من جوانب تقنية, مثل: "مدة 48 ساعة التي حددت لرفع دعاوى غير كافية لقراءة الملفات وتحضير اعتراضات وهذا يمس بجوهر الديمقراطية", و"يجب تقسيم الأسرى الفلسطينيين إلى مجموعات وفقا لخطورة الأفعال التي ارتكبوها" وغير ذلك. ومع ذلك فإن التقديرات تشير الى ان المحكمة لن تخرج عن تقاليدها وسوف ترفض التدخل هذه المرة.
وأحضر المدعون, وفي مقدمتهم جمعية "الماغور لضحايا الارهاب", مجموعة من الجنرالات اليمينيين ليقدموا تقارير وشهادات عن "الأخطار المستقبلية لهذه الصفقات" ومجموعة من العائلات التي ثكلت أباءها في عمليات مشابهة ليشرحوا "مدى معاناتهم من إطلاق سراح قتلة أعزائهم". وينتشر هؤلاء على وسائل الاعلام الاسرائيلية يهاجمون الصفقة ورئيس وأعضاء الحكومة ويتهمونهم بالمشاعر الكالحة إزاء الضحايا ويتهمونهم بخداع المواطنين ومحاولة إسكارهم بإعادة الجندي الأسير جلعاد شاليط وإخفاء أكبر قدر من المعلومات عن الأسرى المحررين.
وتوجه ممثلو خمس منظمات يمينية برسائل إلى وزراء حزب الليكود ونوابه البرلمانيين, قائلين: "إننا نحمل كل منكم فردا فردا مسؤولية شخصية عن جريمة اطلاق سراح الأسرى". وهددوا: "إعلموا أن العدالة ستلاحقكم, إن لم يكن اليوم ففي المسقبل, لأن ما فعلتموه اليوم سيؤدي الى مقتل عدة مئات وربما ألوف من الاسرائيليين. فاستعدوا للمثول أمام المحاكم في قفص الاتهام ودفع تعوبضات كبيرة لذوي الضحايا".
ولكن نتنياهو ووزراءه الذين صوتوا إلى جانب الصفقة يستمدون التشجيع الكبير من نتائج استطلاع رأي أجرته القناة التجارية المتلفزة," القناة العاشرة" أمس ودل على أن 69% من الإسرائيليين يؤيدون صفقة التبادل مع حماس, فيما يعارضها 30% من المستطلعة آراؤهم ". ومع أن غالبية تضم 62% من الاسرائيليين, ترى أن الإفراج عن أكثر من ألف سجين فلسطيني ضمن الصفقة من شأنه زيادة الأوضاع الأمنية سوءً, فإن الأكثرية تؤيد الصفقة "لكونها تعيد لاسرائيل جنديا مخطوفا".
العرب اليوم