الدكتور المفكر طارق فايز العجاوي - بداية اعتقد جازما ان العلم وسيلة اما الثقافة فهى غاية وعليه فالعلم وسيلة يفترض بها ان توصل الى غاية بقصد تحقيق التقدم لبنى البشر والرفاهية لذلك فان الثقافة ليست وسيلة وانما غاية بحد ذاتها على اعتبار انها الفعالية الوحيدة التى تؤمن للعقل - الذهن - نوعا من الصفاء والتوازن وبالتالى فهى الموكولة قطعا بتهذيب الشخصية البشرية وهى ايضا تسمو بها الى ارقى درجات الرقى والكمال
*** العلم هو اختصاص فى مجال محدد بينما الثقافة فهى موسوعية لا تقتصر على علم بذاته فرغم ازدياد اهمية الاختصاص فى عصرنا الحالى الا ان الثقافة سمتها الطاغية هى الموسوعية والشمولية فكما قيل عندما تعرف شيئا عن كل شىء فانت مثقف بينما عندما تعرف كل شىء عن شىء فانت عالم وشتان ما بينهما
**** العلم اقل ثباتا من الثقافة على اعتبار ان العلم ممكن ان ينسى وايضا ممكن ان يتغير او يزول بينما الثقافة من صفاتها الديمومة والشمول والواضح ان كثيرا من النظريات العلمية قد تلاشت واندثرت بعد ان ثبت خطؤها كنظرية دوران الشمس حول الارض وهذا على سبيل المثال لا الحصر اما المعطيات الثقافية فهى ثابتة باقية ما بقيت الارض وربما تزداد اهميتها مع مرور الزمن
***** المؤكد ان العلم سبق الثقافة ولكن زواله قبلها قطعا كون الثقافة لا يمكن اكتسابها الا بعد مرحلة اولية من التعليم ومبناها هذا الاساس الضرورى من العلم لذلك هناك قاعدة سائدة عند ارباب الفكر مفادها ان الثقافة هى ما ياءتى فيما بعد لذلك الفرد منا يتعلم قبل ان يتثقف وايضا قد ينسى ما تعلمه من معلومات ومهارات الخ ولكن تحت اى ظرف لا ينسى ثقافته على اعتبار ان الثقافة هى محصلة قبل ان تكون معارف مفردة وهناك قول وانا اقدره عند احد علماء الفلسفة واظنه هيريو مفاده ان الثقافة باقية عندما ننسى كل شىء
****** بقى فارق جوهرى لا بد من الاشارة اليه الا وهو ان العلم لا وطن له بينما الثقافة وطنية وهذا لا يعنى ان صفة الموسوعية للثقافة تتعارض مع كونها وطنية وعليه فالعلم لا وطن له لذا لا يصح ان نقول هذا عالم مصرى او عالم كورى الخ كون العلم تراث لبنى البشر دون استثناء وعلى العكس من ذلك يجوز لنا ان نقول هذه ثقافة صينية وتلك ثقافة عربية وهذا لا يعنى ان تتاءثر قومية او شعب بثقافة شعب اخر فهذا لا يعارض المفهوم الذى اوردناه والثقافة ايضا ممكن توريثها وهذه نقطة غاية فى الاهمية فاللاحق يحافظ على ما ورثه من السابق وانا اعتقد ان الثقافة سيفا يذود عن التراث لذلك نجد بينهم رابط متين وعرى لا تنفصم ولا تنفصل فالانسان ينال ثقافته الفردية من الصفر اما الامة بمجموعها لا تبداء ثقافتها من الصفر وانما عند حدود درجة معينة من المخزون الثقافى - الكم التراكمى من الثقافة - التى وصل اليها الاوائل - الاجداد - من ابنا جلدتنا
قولا واحدا اذا كان العلم نصيب الانسانية جمعاء فالثقافة كما اشرنا انفا وطنية الصبغة وعليه ممكن للمؤثرات العالمية ان تحدث اثرا فى الثقافة فى حين الثقافة عندما تنبثق عن ابنائها تكون قطعا وطنية وبناءا على ذلك لا يمنع بقية الشعوب على وجه الارض من تذوق تلك الثقافة
ويقينى ان الثقافة لا تستحق لقب - وطنية - الا اذا حازت لقب الاصيلة ولهذا يجب ان لا تكون دخيلة او هجينة ولكى تستحق الثقافة لقب الاصيلة يجب ان تتشرب وتتشبع بالتراث والثابت والمثبت ان هذا التشبع - اقصد تشبعها بالتراث - لا يتعارض بالجزم مع المعاصرة والامثلة كثيرة لا يتسع المجال لذكرها
والله من وراء القصد
*** تكرار نسخ المقال / 41.798 من المرات
#الدكتور المفكر طارق فايز العجاوي .