كيف ندعم غزة، سؤال مشروع في أيام باتت تتسارع فيها الخطى لدعم غزة وأهلها، تسارعا حدّ العشوائية والتخبط في الكثير من التفاصيل، فوسط كل ما نراه ونتابعه ونسمعه باتصالاتنا الهاتفية مع من نعرف في غزة، يأتي هذا السؤال فارضا نفسه، كيف ندعم غزة بعد دمار طال بنيتها التحتية وغالبية مبانيها السكنية، ومساجدها وكنائسها ومدارسها، والأهم كيف ندعم أهلنا في غزة والذين لم يعد يخلو أي بيت من بيوتهم إلاّ وقد استشهد عدد من أفراده، ولهؤلاء ألف سؤال وألف فكرة وألف علامة استفهام كيف ندعم ونقف معهم؟.
أينما اتجهنا بأعيننا اليوم نجد من يصدر رؤية خاصة به لدعم الأهل في غزة، لتبقى أشكال الدعم هشّة حتى اللحظة، وإن كانت بأغنية أو بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أو صور لتغدو صور الحرب «حرب صور»، أو فيديو لحدث تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي ليبدو في نهاية المطاف محفوظا عن ظهر قلب منّا جميعا، في سعي من المصورين تحديدا لتخليد ما يحدث عبر عدسات كاميراتهم، لكنه لم يدعم ولم يقدّم سوى صورة، لكل هذا بالطبع وغيره إيجابيات كثيرة في دعم الأهل في غزة، لكنه ليس دعما يعيشه الغزيون، حتى بتنا نرى الكثير من السيدات تحديدا يرفضن التصوير ويطلبن بصوت مرتفع عدم تصويرهن وتصوير أفراد أسرهن، لكن في كل ذلك أهمية للتوثيق ونقل الحقيقة وفي النشر أيضا أهمية كبرى، وإيجابية، لكن تبقى حلقة الدعم الحقيقي الذي يلمس نتائجه الغزيون فارغة.
في الاختصار بمثل هذه الأحداث، انجاز، وحتى نصل لصيغة حقيقية وعملية لجواب السؤال كيف ندعم غزة؟، علينا أن نضع الأردن تحت مجهر الاهتمام بهذا الشأن، ونوجه بوصلة العالم عربيا ودوليا نحو آليات الدعم الأردني الذي تلمّس الاحتياجات في غزة، والتي كان أهمها الاحتياجات العلاجية والصحية، فكان أن حضر بهذا المجال بدعم حقيقي ملموس، ليكون أول دولة تنشئ مستشفى ميدانيا خلال الحرب على الأهل في غزة، وهو بالطبع المستشفى الميداني الثاني، وبذلك حقق دعما ملموسا، على أرض الواقع يعيشه الغزيون ويستفيدون من خدماته التي يقدمها نشامى ونشميات المستشفى، والذي جاء بكامل المستلزمات الطبية التي من شأنها تقديم كامل الحاجات الصحية.
ولم يقف الدعم الأردني بقيادة وتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني عند حدّ «الميداني» إنما قام بإنزالات جوية للمستلزمات الطبية اللازمة لست مرات متتالية، وتوفير العلاج لعشرات الأطفال المصابين بالسرطان من غزة في الأردن، وبالطبع رافق كل هذا مساعدات إنسانية تصل للأهل في غزة من كافة المعابر المتاحة، هكذا يكون الدعم، وفي التجربة الأردنية الجواب الحقيقي لسؤال كيف ندعم غزة؟، دون ذلك يبقى تفاصيل إيجابية تفيد وتخدم لكنها لا تدعم بدعم حقيقي ملموس.
عند أي اتصال مع أي مواطن في غزة، نسمع كلمات واحدة، بأن الأردن السند والعون الحقيقي، وأن جلالة الملك هو من أبقى ويبقي الملف «الغزي» أولوية أردنية وعالمية، بإصرار دائم على تحقيق السلام ووقف الحرب، وحضوره على المحافل الدولية كافة، ما يجعل من الأردن الداعم الأهم للغزيين، ومن يقف معهم بمواقف حقيقية ملموسة، يكمل مواقف عربية ودولية، لكن في السند الأردني حقيقة واضحة أنه دعم وسند يعيش إيجابياته المواطن في غزة.