منذ اللحظة الاولى لاندلاع حرب غزة، حرص الأردن على تصميم استراتيجية عمل داعمة للقضية الفلسطينية تقيها من التصفية وتحميها من التسوية من الإيقاع الأحادي العسكري الذي تشنه آلة الحرب الإسرائيلية ، لتعمل على إسنادها سياسيا ودبلوماسيا وانسانيا وشعبيا وإعلاميا، وفق برنامج عمل حرص الأردن خلاله على تقديم أقصى ما يمكن من تقديمه تجاه قضية الاردن المركزية بعمقها الوطني.
ومن وحى ايمان الاردن بمركزية القضية الفلسطينية على الصعيد الوطني وعلى المستوى القومي ، فلقد حرص الأردن على بذل كل ما بوسعه من أجل دعم فلسطين القضية ، لاسيما وأن القضية الفلسطينية والقدس تعتبر عند الهاشميين قضيتهم الاولى كما تعتبر عند الأردنيين قضيتهم الوطنية المركزية ، وهو ما جعل من الجسم الاردني يتحرك بصورة منسقة ومنسجمة الأركان بين القيادة والقاعدة الهرمية للدولة من أجل تحقيق آليات الدعم والاسناد.
فعلى الصعيد السياسي حرص الأردن على تشكيل غطاء سياسي للمقاومة الفلسطينية، وعمل على تنفيذ جملة سياسية بين فيها خطوط المسارات المتمثلة بوقف إدارة الازمه الفلسطينيه والعمل على حلها ، كما حدد فيها الخطوط الحمراء التى لا يجوز تجاوزها سياسيا في مسألة التهجير وعمل عبرها لتغيير الصورة الانطباعية التي روجتها الرواية الإسرائيلية عندما صورت المقاومة الفلسطينية بالارهاب المعتدي على السيادة الاسرائيلية، حيث استطاع عبرها من حيازة تعاطف امريكي واوروبي لجانبها فكان لابد من تغييرها.
وهو ما جعل الملك والدبلوماسية الأردنية تسعى لتغيير الصورة الانطباعية للرواية الاسرائيلية ودحضها عبر زيارات مكوكية ولقاءات ثنائية جاب عبرها بعض الأقطار العربية والاوربية، لتحقق نجاحات وتوضح عبارة ما تقف عليه المقاومة الفلسطينية وتقوم على اظهاره بالطريقة الصحيحة، كما عمل الملك والدبلوماسية الأردنية لتشكيل علاقة عضوية مع الرئيس المصري وقيادته ضد عمليات التهجير، كما عمل الملك والدبلوماسية الأردنية ايضا لايجاد منظومة عمل رادعه للتهجير باعتبارها وسيلة تصفية للقضية الفلسطينية كما تعتبر اداة تقسيم بالبعد الاستراتيجي يجب مجابهتها بكل الوسائل والسبل ، كما تشكل اداة التهجير بانواعها القسري والناعم وسيلة تهديد للدولة العضوية للقضية الفلسطينية فى حال تم ترسيمها، كما تشكل تهديد مباشر لمشروع حل الدولتين الذي كفله القانون الدولي ، وهي الدوافع التي استوجبت من الملك والدبلوماسية الأردنية مواجهتها بطريقة سياسية مباشرة كونها تضع الحل الفلسطيني فى الحواضن العربية وليس في وعاء الجغرافيا السياسية للدولة الفلسطينية المراد ترسيمها بموجب القانون الدولي وهو ما كان بحاجة لمواجهة دبلوماسية ومجابهة سياسية.
واما فى الاتجاه الدبلوماسي فلقد حرص الملك والدبلوماسية الأردنية على توحيد الجهود العربية من اجل حماية القضية وبناء كتلة عريضه عربية واسلامية ودولية تكون في مواجهة التيار الاسرائيلي في المحافل الدولية والامم المتحدة ، من اجل عدم إعطاء أهلية أممية لإسرائيل تساعدها فى تنفيذ مآربها بإعادة احتلال غزة والقدس والضفة وتهجير سكانها الأصليين بإسناد من قطعان المستوطنين في الداخل الفلسطيني وهو ما عمل الملك والدبلوماسية الأردنية على ردعه بتحقيق نجاحات غير مسبوقه للكل الفلسطيني ومشروع مقاومته ضد المحتل الجاثم على الشعب الفلسطيني ومقدراته.
واما فى الاتجاه الإنساني فلقد استطاع الأردن من ترتيب حملة اغاثية داعمة للشعب الفلسطيني برا وجوا وقام بإنشاء مستشفى ميدانى داعم فى جنوب القطاع مستثمرا علاقات جلالة الملك مع الرئيس جو بايدن باختراق الحصار المفروض على القطاع من اجل ايصال المعونات الدوائية والصحية والمعيشية اللازمة للإنسان الفلسطيني المحاصر في غزة كما عمل الأردن باتجاه المتمم على بناء مستشفى ميداني داعم في الضفة الغربية في نابلس احترازي وقائي فى مواجهة حملات التجييش التى قام بها الوزير المتطرف بن غفير فى تسليح عشرات الآلاف من المستوطنين كما قام الاردن ايضا بزيادة أعداد حراس الاقصى الى خمس أضعاف لحمايته من الاعتداءات التي يتعرض إليها من قطعان المستوطنين.
واما فى الاتجاه الشعبي فلقد هب الشعب الاردني هبه واحدة لنصرة الأشقاء في فلسطين وقام بتنظيم حملات شعبية وتظاهرات جماهيرية واسعة عمت كل المحافظات حيث نادت جميعها بوقف اطلاق النار وانهاء الاحتلال وأكدت كل المسيرات بان الهم الاردني والفلسطيني هو هم واحد وان القضية الفلسطينية هي قضية وطنية أردنية لا يعلوها قضية لأن فلسطين بوصلتها وتاجها القدس وهو الشعار الذي أطلقه الملك ليكون شعارا للدولة بكل مؤسساتها بسياساتها الداخلية والخارجية بمواقفها الرسميه والشعبيه وهو ايضا ما جعل من النموذج الاردني وتفاعله يسقط بظلاله على معظم الشوارع العربيه والعالميه نتيجة استمراريته الدائمة وتفاعله الإيجابي والبناء مع القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها وحيثيات عملها.
واما فى البعد الإعلامي فلقد قدم الأردن برامج موحدة مع تنوع المشاهده وعلى كل قنواته المتلفزة والإذاعية وفي صحافتنا الورقية ومواقعه الالكترونيه كما في شبكات التواصل الاجتماعي نهجا فريدا فى التعاطي فى العدوان على غزة وحالة الاقتحامات التى تتعرض لها القدس والضفه على مدار الساعات والعمل فى تغطية مستمره وأخذ حديث المجتمع الأردني يقوم على التحليل والرصد والمتابعة نتيجة اهتمام الجميع بالشأن الفلسطيني وبتفاصيل العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة كما بالقدس والضفة الغربية.
وعلى صعيد متصل فلقد حملت حملة المقاطعه الشعبيه على البضائع والمنتجات التى أعلنت دعمها لإسرائيل نتائج كبيره وكان لها اثر كبير بترجمة الآراء الشعبية والمواقف الوطنية ترجمة حقيقية كونها جسدت للجميع حالة الوعي والإحساس الوطني الذي يقف عليه الكل الاردني فى دعم فلسطين العقيدة.
ولم تقف حملة المقاطعة عند هذا الحد بل إن مظاهر الفرح فى الاوساط الشعبيه توقفت بشكل كامل كما توقفت معظم الأفراح وهو ما تجلى مع إعلان المسيحيين في الاردن من إلغاء مظاهر الفرح فى الاعياد المجيدة واقتصارها على الشعائر الدينية تماما كما فعلت بيت لحم لتؤكد الاردن ان وحدتها الوطنية وحدة صلبة عصية على الاختراق فالاردن لا يسمو فوقها قضية وقضيته الرئيسيه كانت وستبقى على الدوام فلسطين وتاجها القدس.
الحالة الاجتماعية هذه وما رافقها من تداعيات، حملت انعكاسات سلبية على المنحى الاقتصادي، وجعلت من الدورة المالية و عجلتها الاقتصادية بطيئة وثقيلة أثرت على الناتج القومي الإجمالي وحملت آثارا سلبية على مؤشر النمو بسبب دخول الكل الاردني بالمشهد الفلسطيني، كما أثرت على حركة التجارة المحلية واسواقها وجمدت الحياة السياحية فى البلاد بعد توقف حركة الطيران المنخفض التى تعتمد عليها السياحة باعتبارها العنوان الرئيسي في الاقتصاد الخدماتي الذي يعتبر سمة اقتصاد الاردن الوطني.
ولقد سجلت الملكة رانيا العبدالله حضور لافت وكان لحضورها بالموقف والرسالة أثر بالغ على الحواضن الشعبية الدولية مع مطالبتها المؤثرة لقاءات متلفزة وشبكات تواصل اخرى من اجل وقف الاعتداءات التى يتعرض لها الإنسان الفلسطيني فى حياته ومعيشته كما حملت الأميرة سلمى طائرة الاغاثة الى غزة بصورة لافتة صورة معبرة عن مكنون التضامن بين الهاشميين وغزة هاشم ليؤكد جلالة الملك عبرها فلا اغلى من سلمى الى غزة وهو ما جعل القيادة والشعب كما الحكومة ومجلس الأمة في خندق الدفاع عن فلسطين القضية والهوية ...فلسطين المقاومة والنضال التى قدمت من أجل الحرية والاستقلال ما لم يقدمه شعب حتى غدت فلسطين ايقونة الحرية للعالم اجمع وجعلت من الإنسان الفلسطيني وإرادته تشكل حالة اعجاز وبطولة جسدتها ايقونه أبو عبيدة التي غدت تحمل رمزية عند الأطفال كما عند الشباب بطريقة لافتة كما جعلت من عبارة "حلل يا دوري" تجسد حميمية العلاقة بين المقاومة فى الميدان العمل الاعلامى للمحلل العسكري الاردني.
الحالة الاجتماعية هذه وما رافقها من تداعيات، حملت انعكاسات سلبية على المنحى الاقتصادي ، وجعلت من دورته المالية وعجلته الاقتصادية بطيئة وثقيلة أثرت على الناتج القومي الإجمالي وحملت آثار سلبية على مؤشر النمو بسبب دخول الكل الاردني بالمشهد الفلسطيني، كما أثرت على الحركة التجارية المحلية واسواقها وجمدت الحياة السياحية فى البلاد بعد توقف حركة الطيران المنخفضة التى تعتمد عليها السياحة باعتبارها العنوان الرئيسي في الاقتصاد الخدماتي الذي يعتبر سمة اقتصادنا الوطني.
حاولت قبل دخول مسرح عمليات غزة ليشمل لبنان اثناء او بعد الانتهاء من حالة الاشتباك في غزة وتوسعها إقليميا أن أبين ما الذى قدمه الأردن فى العدوان على غزة والذي تعرض عبره لضغوط سياسية وأخرى ميدانية تمت مجابهتها من قبل الملك والجيش بعدما أخذت الدبلوماسية الأردنية كامل السقف المعطى لها فى الميزان السياسي وهي تواجه التهديد الخطير الذى تتعرض اليه القضية الفلسطينية من تهديد وجودى طال فلسطين العنوان والقضية وهو ما جعل الأردن ينتفض من أجل الذات الوطنية ومن أجل مصر الجناح العضوي الآخر للقضية الفلسطينية ومن أجل فلسطين ليبقى حلم قيام الدولة قائم على التراب الوطني الفلسطيني بتاجها القدس وصايتها الهاشميةِ.
د. حازم قشوع