د. فاطمة النشاش - يُعد الإعلام وسيلة قوية في تشكيل تصوراتنا وتوجهاتنا نحو العديد من القضايا، ولكنه في الوقت نفسه يستخدم النماذج النمطية بشكل مفرط لتبسيط وتعميم صورة الناس والجماعات والأدوار الاجتماعية، ومن أبرزها صورة المرأة ومكانتها في المجتمع، النماذج النمطية هي مفاهيم مسبقة عن خصائص معينة تميز فئة أو مجموعة من الناس، وتعكس القيم والمعايير والتوقعات السائدة في المجتمع.
واحدة من أكثر النماذج النمطية شيوعاً وانتشاراً في الإعلام هي تلك المتعلقة بالمرأة، فهو يلغب دورًا مؤثرًا في تحديد دور المرأة وفهمها، ولكنه في كثير من الأحيان يَعرض المرأة بشكل يُقلل من دورها ويُظهرها بصورة محدودة ومقيدة، فتظهر إما ككائن جمالي وجنسي يستهدف الرجال، أو كربة منزل وأم مطيعة ومخلصة، أو كضحية مقهورة محتاجة للحماية والرحمة. دون التركيز على تنوع وتعدد قدراتها وإمكاناتها، ويُخفي عن المتابع تنوع وتعدد وإبداع وإنجازات المرأة في مختلف المجالات والمستويات، مما يُقيّد فرصها في تحقيق تطلعاتها وتفعيل مساهمتها في تطوير المجتمع.
إن استخدام الإعلام للنماذج النمطية عن المرأة له تأثيرات سلبية على المجتمع بأكمله، فهو يؤثر على هوية وثقة وطموحات المرأة نفسها، ويحد من خياراتها وفرصها في الحياة، كما يؤثر على تصور وموقف وسلوك الرجال تجاه المرأة، ويزيد من التمييز والعنف والاستغلال ضدها.
يُعد تغيير هذا المنظور مسؤولية مشتركة بين الإعلام والمجتمع، فعلى الإعلام أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والاجتماعية في تقديم صورة عادلة ومتوازنة وموضوعية عن المرأة، تٌبرز تنوع قدراتها وإمكاناتها في مختلف المجالات والأدوار. كما يجب أن يُشجع المجتمع على رفض هذه النماذج ودعم المرأة في تحقيق التفوق في كافة الميادين. كما يجب أن يكون أداة لتعزيز حقوق ومكانة ودور المرأة في المجتمع، من خلال توفير ثقافة التقدير والاحترام والتكافؤ بين الجنسين، بما ينعكس على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع.
تمتلك المرأة قدرات هائلة للمساهمة في تطور المجتمع والحياة الاجتماعية والاقتصادية، ومن المهم جدًا أن يعمل الإعلام على تقديم صورة لما تقدمه المرأة في المجتمع، مساهمةً بذلك في بناء مجتمع يَحترم ويُقدّر دور المرأة ويمكّنها من تحقيق قدراتها الكاملة.