إن مؤتمر الحاخامات الذي عقد في مدينة فيلادلفيا في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر أصدر بيانًا يقول: إن الرسالة الروحية التي يحملها اليهود تتنافى مع إقامة وحدة سياسية يهودية منفصلة! وإزاء هذا فكر هرتزل في طريقة يواجه بها هذا الوضع، وهداه تفكيره إلى أن يحول الموضوع إلى قضية دينية يلهب بها عواطف جماهير اليهود. . ورأى أن فلسطين هي المكان الوحيد الذي يناسب هذه الدعوة الجديدة، ولليهود بفلسطين علائق تاريخية ولهم فيها مقدسات دينية، وارتفعت راية الدين على سارية المشروع والتهبت العواطف، وانتصر رأي هرتزل وإن يكن بعد وفاته، فقد احتضن المؤتمر اليهودي العالمي فكرة الوطن اليهودي في فلسطين عام 1905، بعد موته بسنة".
فمن ثم يتضح أن دعوى حق المواطنة لليهود في فلسطين هو اتجاه معاصر سارت فيه الصهيونية التي تهدف لتحويل اليهودية من ديانة إلى جنسية.
فإن تكلمنا عن حقهم التاريخي المزعوم، فسنجد أن دعوتهم مردودة من حيث أقدمية السكنى والمواطنة، حيث أن أول من سكن فلسطين هم (اليبوسيون)، من بطون العرب الأوائل، فأقدم اسم لبيت المقدس هو (يبوس) وله ذكر في توراتهم، وشاركهم في سكناها الكنعانيون العرب، ثم أطلق عليها (أورشالم)، أو مدينة (شالم) معبود اليبوسيين، ثم بعدها بقرون طويلة أتى إليها إبراهيم عليه السلام لأول مرة.
لاتزال الممارسات الإسرائيلية والخروقات التي ترتكبها قوات الإحتلال ضد الشعب الفلسطيني مستمرة في تحد سافر لقواعد القانون الدولي، وتواجه فلسطين الظروف الصعبة والتحديات الجسيمة بسبب الإحتلال الإسرائيلى والممارسات العدوانية على الشعب والارض والمقدسات والحقوق.
.لقد فشلت المحاولات الصهيونية في تذويب هوية الشعب الفلسطيني، وفشلت في تصفية القضية الفلسطينية، كما فشل التعويل على تآكل هذه القضية بالتقادم، لكن الجيل الجديد ممثلاً في أطفال الحجارة، رفع راية المقاومة عالياً، وتمسك بحقه في تقرير المصير، ولم يعد ممكنا تجاهل حقه، في إقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني، ودون توحيد الجهد الفلسطيني، سوف تظل القضية عائمة في وسط صراع ثقيل، وسوف يبقى الشعب الفلسطيني، يعاني أكثر انواع الاضطهاد في القرن الحادى والعشرين، فالأردن لم يدخر وسعاً من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، كما أظهرت دعمها التام لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الإنقسام لمصلحة الأرض والشعب.
لذلك"مهما طال أمد الإحتلال أو قصر، لن يكون هناك حل نهائي وعادل ومشروع ودائم للقضية الفلسطينية سوى حل العودتين، وليس حلّ الدولتين كما كان شائعا".
لقد وقع الليهود في خديعة كبرى ومؤامرة ضخمة من قبل أمريكا وبريطانيا، عندما تم تجميعهم في فلسطين، حيث وجدوا أنفسهم في صراع دموي مع أهل الأرض في القدس و الضفة الغربية.
و "يدرك ذلك كثير من اليهود الصهاينة الذين أجمع العديد من مفكريهم بعد الإجتياح الطوفاني للمقاومة في 7 أكتوبر، مثل كوهين ديفيد، وشلومو آلوني، وعزرا روزنثال، وفرانز إيهودا، على أن تجميع اليهود في فلسطين كان خطأ فادحاً قادهم إلى الدمار".
"كثير من اليهود رأوا أنه ليس هناك حل ناجع وأبدي ويتوافق مع القانون الدولي للقضية الفلسطينية إلا حل العودتين، وليس حل الدولتين".
لأن "هذا الحل يتمثل بعودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم وفق قرارات الأمم المتحدة، وعودة اليهود إلى بلدانهم الأصلية التي جاؤوا منها غزاة للقدس و للأرض المقدسة، وما زالوا يحتفظون بجنسياتهم الأصلية، حيث الأمان والرفاهية ورغد العيش".
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي