من الطبيعي أن يترك العدوان على غزة أثرا مباشرا على مسار الدولة والمجتمع، لكننا وبعد مرور أشهر على العدوان نعيش حالة من الرتابة أو السكون على الصعيد الداخلي باستثناء بعض النشاطات أو المناسبات، لكن استمرار العدوان ووقوفنا جميعا دولة ومواطنين مع الأشقاء، يجب ألا يغمض عيوننا عن ضرورة أن نذهب خطوة كبرى أو استدارة ضرورية إلى الداخل دون أن يؤثر على مستوى تضامننا مع الشعب الفلسطيني.
العدوان ترك آثارا سلبية على دول المنطقة وخارجها ونحن منها، فالجانب الاقتصادي مهم وهو قطاع تأثر كثيرا بالحرب، ومع التقدير لما تم من خطوات لمعالجة الآثار علينا، إلا أن الأمر يحتاج أكثر من ذلك، وخاصة في ظل التوتر الأمني والعسكري في البحر الأحمر.
نحن قبل العدوان كان لدينا مشكلات اقتصادية وبعد الحرب زادت هذه المشكلات في عدد من القطاعات، أي أن الجهد المطلوب زاد كثيرا.
وواضح أن الحيوية السياسية الداخلية متواضعة المستوى باستثناء ما يتعلق بأزمات الإقليم وغزة، لكن تفاصيل الدولة الداخلية تحتاج إلى تنشيط وعودة التواصل بين الدولة والأردنيين، تواصل بجدول أعمال مختلف بعد تأثيرات العدوان وتطورات الإقليم، تواصل يذهب بعيدا في قضايا الناس، ولعل قرب إجراء انتخابات مجلس النواب مع نهاية الصيف القادم- إن شاء الله- يوفر لكل المؤسسات في الدولة جدول أعمال مختلف لكل أشكال التواصل ومستوياته.
العدوان على غزة قد يستغرق شهورا طويلة، وحتى لو توفرت الإرادة والظروف لوقف الحرب، فإن تفاصيل ما بعد ذلك وترتيباته تحتاج إلى شهور لإنجازها، ولهذا لا يمكن أن نضع كل القضايا جانبا ونبقي الاهتمام بها في حده الأدنى إلى أن تنعم المنطقة بالهدوء، فهذا الحلم لم نصل إليه، فعندما تهدأ الأمور في بلد تشتعل في قضية وبلد آخر.
ولعل أجواء الحرب صنعت لدى بعض المسؤولين الذين لا علاقة لهم بإدارة المرحلة كسلا وهدوءا سلبيا والمبرر ما يجري في غزة، فهذه المؤسسات وهؤلاء المسؤولون يحتاجون إلى إعادة تشغيل مرة أخرى، فالمشكلات والأزمات لن تتوقف حولنا.
لنبقِ كل الجهد المطلوب لمساندة الفلسطينيين سياسيا وإنسانيا وفي كل مجال لكن مشكلاتنا الداخلية والقضايا التي تحتاج إلى إنجاز وهموم الناس لا تنتظر، بل إن الانشغال عنها ووضعها جانبا يفاقمها ويزيدها، وننهي حالة الكسل والاسترخاء لدى بعض المسؤولين والمؤسسات الذين يبررون ضعفهم بالحرب، مع أنهم بعيدون عن إدارة أي تفاصيل بها.
الاستدارة للداخل الأردني بشكل أكثر وضوحا وخطوات كبيرة لم يعد ترفا بل ضرورة ننتظرها ونحتاجها في أقرب وقت.