خلال احدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس السويسرية عبر مسؤول الدبلوماسية الامريكية انتوني بلينكن عن اسفه بسبب سقوط ضحايا جراء القصف الصهيوني بالاسلحة الامريكية على قطاع غزة وقال « ما يحدث في غزة يفطر القلب»!، لا نريد ان نُدخل عقولنا في اسئلة أفلاطونية ونقول هل لديكم قلوب بالاساس تنفطر على ما يجري في القطاع الدامي، ام هل مثل هذه الاستفسارات والتساؤلات تخرج واشنطن من حرج ما قامت وتقوم به تجاه الشعب الفلسطيني سواء في القطاع او الضفة الغربية، خاصة وان عمليات القتل والاستهداف اخذت ابعادا ابشع مما يتخيله اي عقل، حتى انها اصبحت ملهمة لكتاب الافلام المقززة من مدى رعبها.
هذا المنتدى لم تخلُ جلساته الخاصة من حوارات كثيرة كان منطلقها ما يحدث في قطاع غزة والعدوان الصهيوامريكي على القطاع، فيما اشار بعض الدبلوماسيين العرب خاصة عما يجري في الضفة الغربية ونقل الغيظ والحنق الصهيوني النازي الى مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية التي حتى الساسة والعسكريون في دولة الكيان يحذرون من ان هذه الممارسات ستؤدي حتما الى انفجار الاوضاع هناك.
على طاولة المناقشات، كان طرح جدي لتداعيات هذا العدوان الهمجي الشرس على الفلسطينيين والخوف عالميا من توسع دائرته اكثر مما هو عليه الوضع الآن حيث وصلت التداعيات الى مضيق باب المندب ومضيق هرمز وبحر العرب وبالتالي التأثير المباشر والمتراكمة اثاره يوما بعد الاخر وبالسرعة القصوى على الاقتصاد العالمي، وتم بحث كل شيء الا وقف العدوان الصهيوني على القطاع، حيث انضمت المانيا الى التأييد المطلق للممارسات الصهيوامريكية هناك، كما جاء على لسان وزيرة خارجيتها، لتحدث استهجانا كبيرا ليس على مستوى الشعب الالماني بل على مستوى الكثير من قادة الاتحاد الأوروبي الذين تغيرت نبرة تأييدهم للعدو الصهيوني الى انتقاد لاذع لممارسات وافعال آلة قتله العمياء.
الابرز في هذه النقاشات في الجلسات الاصرار الامريكي ليس فقط على اليوم التالي لوقف النار في القطاع ولا على اصلاح السلطة الفلسطينية ولا على ضرورة عدم وجود حركة المقاومة حماس في ادارة القطاع، بل اكثر من ذلك ....والمتمثل في سلطة فلسطينية ترضى عنها حكومة الكيان الصهيوني، كما اكد وقال بلينكن!.
تتحدث واشنطن ممثلة بكافة مسؤوليها ودبلوماسييها رفعي المستوى وكأن الارض خلت من اهلها، وكأن دماءهم السائلة على تراب القطاع والضفة ماء لا قيمة له، وكأن الشهداء والجرحى والمفقودين اعداد ليس إلا، فيما تبقى حسرته والمه قائما متجددا على ضحايا السابع من اكتوبر الماضي، والذين هم بالمناسبة من اعترفت دولة الكيان بقتل عدد كبير منهم، وكشفت التكنولوجيا زيف الصور المروجة لهؤلاء.
ليس هذا فحسب، بل فرضت شروطا تتجاوز فلسطين الى الدول العربية غير الموقعة على اتفاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني وجعلته شرطا لبدء عملية وقف اطلاق النار، اي ان اطلاق النار والعدوان مستمر دون انقطاع للقضاء على «حماس» والذي هو بالمناسبة وباعتراف قادة الحرب النازيين هدف مستحيل تحقيقه.
منذ بدء عملية العدوان على القطاع وتعزيز الهجمات على الضفة الغربية، والخطاب الامريكي اشد تعصبا من الصهيوني، على الرغم من انه من اليوم الاول كانت الرؤية واضحة لاسباب هذا الدعم منقطع النظير لهذا العدوان الذي لم يحدث له مثيل في التاريخ الحديث، فهي لم تتعلم بعد من الدرس القاسي الذي لقنته العملية العسكرية الروسية الخاصة في اوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد والامن العالميين، بل لازالت تصر على ان تكون احد محاور الشر في العالم والذراع الاطول في اشعال نيران الحروب في كل مكان بغض النظر عن الضحايا من البشر.
دائما تغرد خارج سرب الارادة العالمية...بل وتحاول فرض ارادتها على العالم ليغردوا في سربها، فكافة حواسها لا تعمل الا لما تريده، والعالم يقول لها ان للارض اهلها وناسها ولن يتخلو عنها فحماس اصبحت حركة تحرر عالمية متجاوزة مفهوم النضال والمقاومة الوطنية، وتأييد موقفها تجاوز حدود فهم واشنطن، ولا بد ان تستيقظ يوما لتجد تراجع قوى الشر الصهيوني امام مقاومة شعب استمرت لقرابة ثمانية عقود ولم تيأس.