فايز شبيكات الدعجه - إذا بالغ احدهم في الموعظه بذم صفه قبيحة، واعرب عن رفضه القاطع الدنو من حدودها، فاعلم أنها احدى صفاته وطبع اصيل فيه.
كان احدهم يجمعنا ويلقي علينا محاضرة صباحية في التفاني والاخلاص، ويشرح لنا فقه الشرف لغة واصطلاحا، ومكوناته واركانه الاساسية وتفرعاته وانواعه.. وعن اجزاء الشرف الكبير والشرف الصغير والفرق بينهما.
محاضرات ظاهرها نصائح وباطنها تحذير من مغبة خروجنا عن خط اخلاقيات الوظيفة، فكان يعلمنا كيفية ممارسة التفاني على أصوله .وعن احتراف النزاهة. وخطوات اتقان الاخلاص، ويسهب في شرح معاني الوطنية وطرق الوصول الى الولاء التام.ويؤكد انها طرق لا يزيغ عنها الا هالك.
كانت محاضرا كثيفة، وجرعة سلوكية نتلقاها كجزء من روتين العمل اليومي، وكان الى ذلك شديد الحرص على ادارة الوقت، وصارم في هذا الجانب على وجه التحديد بحيث اذا قلت له صباح الخير كيفك اليوم يا معلم انشالله بخير، فيرد عليك رجاءاً خلينا بموضوع الشغل، بمعني (صباح الخير) تكفي والباقي زياده وهدرا لوقت العمل..على اي حال لن اطيل فقد قبض عليه متلبسا بجرم الرشوه مكرره. وثبت انه بارع في ممارسة الفساد.وصدق فيه قول الشاعر:- ومهما تكن عن امريء من خليقة.. وإن خالها تُخفى على الناس تُعلم.
وبما ان الشيء بالشيء يذكر، وان (الخُرّاف بيجيب خُرّاف) فيقال ان احداهن كانت تقضي آناء الليل واطراف النهار وهي تتحدث عن حسنات سلاسل الفضيله، وادواتها، وكيفية الاستمساك بالشرف الرفيع في السرّاء والضرّاء، وتلعن كل اشكال الرذيلة، وتمعن في شتم الرذلاء والرذيلات على حد سواء، لكن تبين اخيرا انها والعياذ بالله... تعق الوالدين... تعقهما كل يوم.
ويمكنني اضافة واحده عن حاله من واقع الميسورين الذين يحضون على صلة الارحام ولا يكفون عن ذكر مساويء القطيعة ومخاطرها يوم الدين واختهم تقطن بينهم تشحد الملح، وأخرى عن الطفرانين الذين ملينو من المناصب بالحرام ولا يكتشف امرهم الا في وقت متأخر بعد ان فعلوا السبعة وذمتها.