يُكمل الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة، بوسائل مختلفة لا تتوقف فقط عند مجازره وحرب الإبادة على الأهل في غزة، إنما تجاوز ذلك بمزيد من الانتهاكات والجرائم السياسية والتي طالت مستقبل غزة وفلسطين والقضية الفلسطينية، حدّ وضع سيناريوهات لهذا المستقبل وكأن القادم من الأيام يخص إسرائيل وحدها، بعيدا عن الجانب الأهم والأساسي في القضية وهو الجانب الفلسطيني.
سيناريوهات أفضلها «سيء» وضعتها إسرائيل وشركاؤها لمستقبل غزة، أو ما بات يُعرف بغزة بعد الحرب، ويبني القادم على رمال أحلامه التي حتما ستطير مع أي نسمة هواء من الجانب الفلسطيني الصامد المتمسك بأرضه حتى آخر نقطة دماء في شراينه، فمرة يخطط للتهجير إلى الأردن ومصر وهو ما شدد الأردن على رفضه بل والتصدي له بكل ما أوتي من إمكانيات، ومرة يتحدث عن إدارة غزة ما بعد الحرب عبر قوات عربية أو أجنبية، وغيرها من عشرات السيناريوهات التي في مجملها كمن يبني قلعة على حفنة رمل على شاطئ مهجور، سرعان ما تطيح به أول موجة ماء أو هبّة ريح.
الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب على غزة، ووضع سيناريوهات لها رأى بها الأردن قفزا في الهواء، برفض مطلق منه الحديث عن هذه المرحلة، ذلك أن الأولوية الآن وقف الحرب والقتل والدمار في غزة، وما يتبع ذلك حتما سيكون له وقته فكيف للغد أن يسبق اليوم؟ فما هو مهم الآن وجاهر به الأردن بضرورة وقف الحرب، دون ذلك الحديث يبقى في إطار غير واقعي، وحديثا مرفوضا ولا ولن يتعامل معه الأردن، ولن يؤخذ به على محمل الواقع، فمن منطق الأمور أن تكون البداية من السطر الأول للحقيقة وليس من آخر سطر، كما تصرّ عليه إسرائيل!.
جلالة الملك عبد الله الثاني ومنذ بدء الحرب على أهلنا في غزة، أكد أن أي حل لا يؤدي لرد الحقوق إلى الفلسطينيين ستكون «نتيجته الفشل والمزيد من دوامات العنف والدمار»، ورفض جلالته فصل قطاع غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية، وبالطبع رفض جلالته بكافة اللقاءات وعلى كافة المنابر للتهجير وضرورة وقف الحرب ووقف إطلاق النار وايصال المساعدات الإنسانية، وفي كل هذا ثوابت أردنية، تجعل من أي حلول أخرى عبثية لن تجد أي تجاوب أو قبول أو تعامل من قِبل الأردن.
الأردن يرفض أي حديث أو سيناريوهات لمرحلة ما بعد الحرب على غزة، واعتبر نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي في تصريحات سابقة ما يطرح من سيناريوهات في سياق مرحلة ما بعد الحرب على غزة «غير واقعي ومرفوض ولا يتعامل معها الأردن»، ذلك أن أي حديث استباقي يروّج له البعض عن سيناريوهات ما بعد غزة «هو قفز في الهواء»، وفي ذلك لغة العقل والمنطق، وحتى لا تذهب إسرائيل لصناعة مرحلة تعتقد أنها قادرة على ذلك، دون أن تقدّم أي خطوة حقيقية تجعل من الممكن حاضرا لتحقيق العدالة والسلام لغزة وفلسطين.
أن توضع حلول وسيناريوهات وحلول لما بعد الحرب على أهلنا في غزة، في ظل ما يحدث اليوم على أرض الواقع من مجازر وحرب إبادة، وتدمير للبنى التحتية، ضرب خيال، والأردن لن يتعامل معها، بل ويرفضها، ويرفض أي حديث عن إدارة غزة ما بعد الحرب عبر قوات عربية أو غير عربية، وفقا لتأكيدات وزير الخارجية وشؤون المغتربين، فالأولوية اليوم لوقف الحرب والجرائم التي ترتكب ضد الفلسطينيين، وأي حديث آخر يتم بعد ذلك.