حديث رئيس الوزراء حول ان أداءنا الاقتصادي حتى الربع الأخير من العام 2023 كان إيجابياً، واقتربنا من نسبة نمو 2.8 % يعكس جهود الحكومة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتعاون مع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات.
ومع ذلك، فإن حرب الإبادة الإجرامية على قطاع غزة والتوترات في باب البحر الأحمر تمثلان تحديات جديدة قد تؤثر في هذا التوجه الإيجابي.
فالحرب على غزة تسببت في دمار واسع وأزمات إنسانية واقتصادية، مما أدى إلى تعقيد المشهد الإقليمي وزيادة الضغوطات على الأمن والاقتصاد في المنطقة، إضافة إلى ذلك، فإن الاضطرابات في باب البحر الأحمر لها تأثير مباشر على حركة الشحن والتجارة الدولية، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي للدول في المنطقة.
المشهد السياسي في الإقليم يفرض على الحكومة العمل على إعداد خطط طوارئ لضمان استمرارية العمليات الاقتصادية وتخفيف الأضرار التي قد تلحق بالبنية التحتية الحيوية والقطاعات الاقتصادية المهمة، حيث يشمل ذلك تعزيز الشبكات اللوجستية وتأمين طرق بديلة للتجارة والشحن لتقليل التأثير على سلاسل التوريد العالمية.
ومن الضروري إعادة تقييم الأوضاع الاقتصادية في ضوء هذه التطورات، إذ يجب على الحكومة التركيز على عدة محاور، منها: تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على القطاعات التي تأثرت بالأزمات، مثل السياحة والتجارة الخارجية، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار المحلي والدولي، مع التركيز على الاستثمارات التي تعزز الاستقرار وتوفر فرص العمل.
وفي موازاة ذلك، يجب دعم القطاعات الرئيسية مثل الزراعة والصناعة، التي يمكن أن تساهم في النمو الاقتصادي وتوفير الغذاء والسلع الأساسية، وتطوير استراتيجيات فعالة لإدارة الأزمات والتخطيط للمستقبل، مع التركيز على تقليل الأضرار الاقتصادية والاجتماعية. وفي سياق الأزمة، يبرز قطاع السياحة في الأردن كإحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث أثرت الأزمات الإقليمية والتوترات الأمنية سلبًا على جاذبية الأردن كوجهة سياحية، ولمواجهة هذا التحدي، يمكن تعزيز السياحة الداخلية والثقافية والبيئية، مع تقديم حوافز للمستثمرين في هذا القطاع.
كما أن التوترات في منطقة البحر الأحمر تهدد سلاسل التوريد والتجارة الخارجية، مما يتطلب من الحكومة العمل على تنويع مصادر الاستيراد واستكشاف طرق بديلة للشحن والتجارة، بما يشمل تعزيز التجارة مع الدول العربية الأخرى.
ومع تأثير الأزمات على سلاسل التوريد الغذائية، تبرز الحاجة إلى تعزيز الاكتفاء الغذائي عبر دعم الزراعة المحلية وتطوير تقنيات الزراعة المستدامة والفعالة، مما يتطلب إعادة تقييم الأوضاع الاقتصادية ووضع خطط طوارئ لضمان استمرارية العمليات الاقتصادية وتخفيف الأضرار التي قد تلحق بالبنية التحتية الحيوية والقطاعات الاقتصادية المهمة.
وفي نهاية المطاف، يتطلب التعامل مع التحديات الراهنة نهجاً متكاملاً يجمع بين الاستقرار السياسي، والنمو الاقتصادي، وتعزيز العلاقات الدولية.
وهذا يعني تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق توازن يفضي إلى نمو اقتصادي واستقرار على المدى الطويل.
ويبقى السؤال، ماذا نحتاج؟ إن الإجابة تكمن في تطوير استراتيجية اقتصادية متعددة الأبعاد لتحصين الاقتصاد الأردني ضد الصدمات الخارجية وتعزيز النمو والاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.