د. فاطمة النشاش - قد لا تكون الأنانية أسوأ عيب بشري، ولكنها بالتأكيد واحدة من أكثر العيوب التي لديها سمعة سلبية للغاية، وأحد الأسباب التي تجعل الأنانية تمتلك هذه السمعة السيئة هو على وجه التحديد حقيقة أننا جميعا أنانيون إلى حد ما، ونحن بحاجة إلى الأنانية للبقاء على قيد الحياة (حرفيًا ومجازيًا).
طوال سنوات نمونا وتطورنا تعلمنا وأُخبرنا مرات عديدة أن الأنانية هي "نوعية" بشرية سيئة وسلبية، وطُلب منا مرارًا وتكرارًا مشاركة ألعابنا، وقضاء وقت فراغنا في أنشطة لم نكن نريد بالضرورة ممارستها فقط حتى لا نبدو أنانيين، الأنانية سيئة.. إنها تأكل روحك وتجعلك إنساناً بشعاً.. أو على الأقل هكذا أخبرونا... ما لم يخبرونا به هو أن الكثير من الأشياء في الحياة ليست سوداء أو بيضاء، بل هي عادة ما تكون في الظل الرمادي، فيمكن تصنيف الأنانية من سلوك أناني "حصرًا"، إلى سلوك أناني "بالكاد"، وبالتالي ليس كل سلوك له دلالة أنانية عليه هو سلوك سيء كما نحن للأسف مبرمجون على التفكير.
أين يقف مجتمعنا من حب الذات؟
غالبا ما يُعد حب الذات واحدًا من أنقى وأوضح أشكال الأنانية، وهو في الواقع مرادف للأنانية في مجتمعاتنا، أن تحب نفسك هو أن تكون أنانيًا، وهذا بطبيعة الحال، يستحق البغض والغضب. لماذا يفهم تلقائيًا أن حب الذات هي علامة على الأنانية؟ ماذا نأخذ من الآخرين، إذا كنا نحب أنفسنا؟
حب الذات يعني أن تعطي نفسك قيمة مثل الآخرين، لا أكثر ولا أقل. القبول الحقيقي لهذه الفكرة، يزيل انعدام الأمن، فضلا عن الاستياء اتجاه الآخرين، لن تعود لديك الحاجة لإثبات نفسك للآخرين، أو الحاجة إلى تغيير الآخرين ليناسبوك بشكل أفضل. حب الذات لا يجعلك فخورًا، متبجحًا، أو حسودًا.. بدلا من ذلك يجعلك صبورًا، وأكثر تفهمًا للآخرين... وعمومًا حب الذات سيجعلك شخصًا أفضل.
ماذا عن أن تُدعى بالأناني عندما تأخذ احتياجاتك الخاصة بعين الاعتبار؟
يحدث هذا في كثير من الأحيان للأشخاص الذين بدأوا في القيام ببعض أعمال التطوير الذاتي، غالبا ما تركز حركة النمو والتطور الشخصي على الاعتناء بنفسك، بدءًا من الطعام الذي تتناوله، ومستحضرات التجميل التي تستخدمها، وكيفية علاج جسمك، والأهم من ذلك.. نفسيتك. وهذا يعني أن تأخذ بعين الاعتبار كيف تشعر "أنت" أكثر مما كنت تفعل من قبل، وبعض الناس من حولك معتادون على وضعهم في المقام الأول، لذلك، عندما تظهر بعض التغييرات في أولوياتك، قد تحصل على اتهامات ب "الأنانية". مهمتك هي الاعتراف بمحاولات التلاعب تلك وتذكير نفسك بأنه لا ينبغي لك أن تعتمد على الآخرين لتحديد ما هو السلوك الأناني وما هو غير الأناني، أنت الذين تحدد الأشياء بالنسبة لك، تماما كما يحددها الآخرون لأنفسهم. لذا، فلنتفق على أن: حبك لنفسك لا يجعلك أنانيًا... كما أن أولئك الذين يحاولون إقناعك خلاف ذلك لديهم أجندتهم الخفيّة الأنانية الخاصة بهم.