زاد الاردن الاخباري -
الأديبة الدكتورة سناء الشعلان ضيفة الأستاذة ريم الكيالي في برنامجها الاذاعي مسيرة ورد ، عبر أثير إذاعة سقيفة المواسم الأدبية اخراج الأستاذ عبد الرحمن الريماوي و تدقيق لغوي الأستاذ محمد شتية ، حيث بدأت الحلقة بالترَّحُم على شَهداء فلسطين ، ثمَّ التعريف بالأديبة الدكتورة الشعلان؛ المُلقبة بشمسِ الأدبِ العربي ،و المَعروفَة بسَيدةِ القِصةِ القصيرةِ العربية، حيث حصلت على بكالوريوس في اللغةِ العربيةِ و آدابها من جامعةِ اليرموك ،وشهادة الماجستير في الأدبِ الحَديثِ من الجامعةِ الأردنية ،والدُكتوراة في اللغةِ العربيةِ من الجامعةِ نفسِها بتقديرِ امتياز، لتُعَين في هيئةِ التدريسِ في الجامعةِ الأردنيةِ ،كما وَ عملت الدكتورةُ الشعلان محاضِراً جامعياً في عدةِ جامعاتٍ محليةٍ و دُولية نذكرُ منها؛جامعةُ مصطفى اسطمبولي في الجزائر ،جامعةُ استنبول في تركيا ،جامعةُ الشرق الأوسط و جامعةُ آل البيت في الأردن ،جامعةُ جواهر لا نهرو في الهند ،وجامعةُ ترتيست في إيطاليا وغيرها الكثير ،عضو رابطةِ الكتابِ الأردنيين ،واتحادِ الكتابِ العرب ،و دار ناجي النعمان الثقافية، و رابطةِ الأدباءِ العرب، وهيئة تحريرِ ضفاف الدجلتين العليا ،والمعهدِ الدولي لتضامنِ النساء، و جمعيةِ النُقادِ الأردنيين، وكالةِ أنباءِ عَرار بوابةِ الثقافة ِالعربية ،ومُنظمة كُتّابٍ بِلا حدود واللجنةِ التَحضيريةِ الدوليةِ لمُؤتمراتِ عُمداءِ الدراساتِ العُليا والبحثِ العِلمي لاتحاد الجامعاتِ العربيةِ في جامعةِ الأقصى في غزّة العِزّة، في التَحرير أيضاً، فالدكتورة سناء مُحررة في صحيفةِ بلا حُدود، و مركزِ التأهيلِ و الحُرياتِ الصحفية، كما أنها مندوبةٌ دُوليةٌ في مُنظمةِ السلامِ و الصداقةِ في الدينمارك ،و مديرةُ فرعِ مكتبِ الأردنِ لمُنظمةِ الضميرِ العالمي لحقوق الإنسان/استراليا، ومديرةُ تحريرِ مجلةِ "وجهات" العلمية، كما أنها عضوُ تحريرٍ في مجلة "أوراق" الصادرةِ عن رابطةِ الكُتّابِ الأردنيين ،و نائبُ رئيسِ مجلس إدارة ِجريدةِ "رأي الأُمة" المِصرية.
وللدكتورة الشعلان في صحيفةِ الدستورِ الأردنية عامودٌ أسبوعيٌّ ثابت، وفي صحيفةِ أبعاد مُتوسطية المغربية ،وصحيفةِ الرائِدِ السُودانية، ومجلةِ أصداءَ الفلكيةِ في الإماراتِ العربيةِ المُتحدة ،مجلة الحكمةِ العراقية، و صحيفةِ التلغرافِ في أستراليا، وصحيفةِ حقِ العودةِ الفلسطينية ،بالعموم فالدكتورةُ سناء عضوٌ في الكثيرِ من المحافلِ الأدبيةِ وحاصلةٍ على ستةِ و سِتونَ جائزةٍ محليةٍ و عربيةٍ و دُولية ،في حقولِ الروايةِ و القصةِ القصيرةِ و المسرحِ و أدبِ الرحلاتِ و أدبِ الأطفالِ و البحثِ العلمي ،ولها تقريباً أكثرَ من خمسةٍ و سبعينَ مُؤلفاً مَنشوراً بين كتبٍ نقديةٍ مُتخصصةٍ ،ورواياتٍ ومجموعاتٍ قَصصيةٍ إلى جانبِ مِئاتِ الدراساتِ والمقالاتِ و الأبحاثِ المَنشورة ،لا سيما أن أعمالَ الدكتورة الشعلان تُرجمت إلى كَثيرٍ من اللغاتِ، و نالت الكثير من التكريماتِ و الدُروعِ و الألقابِ الفَخريةِ و التمثيلاتِ الثقافيةِ و المُجتمعيةِ و الحُقوقيةِ خلالَ مسيرتِهَا الحافلةِ بالعطاءِ..
بعد سِيرةٍ ذاتية تعريفيّة،بدأت الكيالي مَسيرة الورد مع المجموعة القَصصية "قافلة العطش"،وهي قِصَّة تقومُ في بُنيتِها الأساسيةِ على تيارينِ فكريينِ مُتضادين؛أحدُها التيار ُالمُساندُ والداعمُ للمرأةِ في مَطالبها المشروعةِ، وهو من يسعى لتخليصِهَا من المُعتقداتِ و الأفكارِ السلبيةِ التي تعيدُها للوراءِ أدراجاً ، ويُمثل هذا التيارُ "البدويُ الأسمر"، القصةُ تَصِلُ إلى ذُّروتِها عندما ترفضُ البطلةُ أن تنفك من أسرِها لدى القبلية،فتوجَهت الكيالي بسؤال الأديبة الشعلان عن الصعوباتِ التي تواجه ُالنساءَ على وجهِ الخُصوصِ أثناءِ مطالبتهِا لحقوقهِا المشروعة؟، فأفادَت أن المجموعة تتكلم عن الحُرية بالمُجمَل كقضيّة عامة، وتُقدم رؤيتها عن الحُب بما يحتمل من معانٍ، فقافلة العطش ينتظمها ثيمة كُبرى كحُب الوطن والحياة، وشكلت فكرة خاصة من حيث وحدة الموضوع كمجموعة قِصصيّة ، من حيث الأسئلة الوجودية التي تَطرحُها و مثالُها ؛هل هُناك بديل للحُرية..
وقَفت الكيالي على العِناون في المَجموعةِ القِصصية "قافلة العطش"،و توجهت للدكتورة الشعلان بسؤالها عن دلالة القافلة..ما المقصودُ بالعطَش؟وما هي المُعطياتُ الثقافيةُ والفكريةُ والنفسيةُ التي قامت عليها بنيةُ القِصة؟ وكيف للعنوانِ أن يحمِلَ مُجملَ هذه المُعطياتِ في كلمتين؟ والمُلاحظُ في القصةِ تغليبها لقيمِ الفردِ مُقابلِ قيمِ المجموعةِ ،فالبدوي الأسمر "الآسر" يمثلُ تياراً مناقضاً لمجموعةِ الرجالِ الذين جاؤوا لاستعادةِ النساء، والمرأةُ الجميلةُ "المأسورةُ" تُمَثِلُ تياراً مُناقضاً لمجموعةِ النساءِ اللواتي صَعِدنَ القافلةَ العطشى للعودةِ إلى ما كُنَّ عليه سابقاً، فما هي دلالةُ ذلكَ وانعكاساته كمجتمع عربيٍ مُحافِظ؟وما رأي الغالبيةُ في هذه الدلالة ،و هل من اليَسيرِ المُطالبةُ بالتغيير؟ ،فأوجَزت الأديبة الشعلان أن العنوان بشكل خاص هو بوابّة و عَتبة خَطيرة بما تحملهُ من انزياحات واسقاطات وأفكار مُسبقة عن العمل الأدبي ،علماً أن العتبة لوحة فنيّة قائِمة بحد ذاتها يُمارِسُ فيها المؤلَف حقّه في التواري والتخفِي ،أما عن اختيارها لعنوان القافِلة؛ فلأنها اختارت اسقاط البيئة الصحراوية أساس العروبة على خلفِيّة أن في كُل عربِي بدوِي صَغير، كما يقول الوردِي عالم الفلسفة العراقِي ، لهذا كانت القافِلة مُرتبطة بالعطاء كونها محمّلة بالعطاء ،لكن نجِد في العطش نقيضاً ،والإشارةُ هُنا في العطش ليس للماء، بَل الحُرية والحُبْ.
انتقَلت الكيالي بالحديث إلى المجموعة القِصصية "حدث ذات جدار"، و التي تنقسمُ إلى قسمينِ، الأولُ فيه سردٌ لما وقعَ "قريباً من الجدار" و الذي تضمنَ "إضاءةً على الظلام" فما هو المَعنى الذي أردتِ تسليطَ الضوءِ عليه باعتبارِ الجدارِ مركزَ الحدثِ و مِحورهِ؟ فسألت عن تعريفٍ صريحٍ لهذا المعنى وكيف تم توظيفِ تقنيةِ الراوي العارفِ بالأحداثِ ، فتكلمت الدكتورة الشعلان أن مجموعتها القِصصية التي اتسَمت بوحدة الموضوع ضمن الأدب التسجيلي، حيث قامت على تسجيل قضايا في أدب المقاومة الفلسطينية، و على وجه الخصوص الجدار العُنصِري الذي شَطر قلب فلسطين، وانعكاساته الحياتية والأسرية والمُجتمعية على شعب فلسطين، و القصص بالمُجمَل كانت حقيقية تعكِسُ الواقِع بوقائِعه.
توقَفت الكيالي على كلمات من المجموعة القصصيّة، "خالعاً كل ما عليهِ من غرفٍ ومكامنَ و مَراقب و جُنودٍ و بواباتٍ ،مُستسلماً للدَّكِ و التّهاوي تكفيراً عن ذنبهِ الأسود، ومُنداحاً في دموعهِ الاسمنتيةِ و في أحزانه" ،و بينت أن النص يُوضحُ الهيمنةَ التي فرضتها لعنةُ الجدارِ ،لتسأل عن السَببُ الذي اعتمدتِه لنقل الواقع بمحتوياتِه و تشعباتهِ كما أسلَفت فسألتها عن سَبب اختيارها للسردِ التقريريِ البحت والسردِ القصصيِ العابِر للواقعيةِ والتسجيليةِ في هذا النصِ على وجهِ الخُصوص، لتُجيب الشعلان أن الأدب التسجيلي ببُعده التاريخي مُتثِل و مُثقَل؛ مُثقِل على الكاتب و يُقيّده بالحدث، و مُثقَل بالأحدث و فحواه لا يحتمل المُغالطة، لهذا من الصعوبة استخدام الأدوات الفنية أو الحداثة و التجريب في هذا النوع من الأدب ، حيث أن القِصة لا تحتمل انزياحات و انفلاتات ، فالأدب التوثيقي وظيفي تأريخي، بالتالي لا يقوم على الدهشَة.
لقد سَعيت الشَعلان لإعطاءِ المرأةِ حقها من الإهتمامِ والتقديرِ ،و أن يَظهر أثرُها في الحياةِ العامةِ و القضايا المُختلفةِ ،و بدا ذلك جلياً في روايةِ "السقوطِ في الشَمس" والتي تقدمُ فلسفتَها الخاصةَ في الحُب والحياةِ والعلاقاتِ الإنسانية ،من خلالِ إسقاطاتٍ مُهمةٍ على المُجتمع والفردِ ،ضمن فنتازيا استرجاعية قائمة على المُفارقةِ و كسرِ المُتوقعِ، لتتوجَه الكيالي بسؤال عن الصورُ التي حملتهَا الروايةُ لغايةِ إنصافِ المَرأة، و تُجيب الشعلان بأن السقوط في الشَمس يحمل رؤية العمل الذي يقُدم دعوة للسقوط في الشَمس، لكن ليسَ بمعنى كيف تحترِق، بل بعميق المعنى يَعني يُشير إلى كيفية عدم السقوط في الشَمس، كيفَ لا تخسَر نفسَك وحُريتك وانسانيتك ،ضمن صُور مختلفة في حُب الوطن والنفسِ ومآلاتٍ كثيرة ،حيث أن الاحتراق هو الحُب الذي لا يؤدِي إلى نهاياتٍ سَعيدة، كما حدثَ من بَطلة الروايَة ،كما وطَرحت تساؤلات مثل هل يكفي أن تُحِبَ؟ ألا ينبغِي أن تُحِبَ و تُحَبْ، بمعنى يرفَع من ذواتنا و انسانيتنا .
"عامُ النمل" مجموعةٌ قصصيةٌ حازت على الجائزةِ الأُولى في مسابقةِ "ملامحَ الثقافيةِ"، تقومُ على التجريبِ والسردِ المُتداخلِ والمتوالدِ و احتضانِ القصةِ الطويلةِ لعددٍ كبيرٍ من القصصِ الصغيرةِ جداً المُنبثقةِ عنها ،فسألت الكيالي عن المُغامرةُ التي عاشت الأديبة الشعلان تَجربَتها في هذا اللون الأدبي وما هي السِمةُ الأكبرُ التي حملتها مُحتوياتُ المجموعةِ القصصية ، لتُجيب بأن هذه المجموعة على وجه الخُصوص شَكلت مِحوراً جديداً في مرحلة التجريد والحداثة ،وأنها تُحِبُ هذه الفترة من أدبها، لأنها تعتبرها الفترة التي عبّرت عنها وكانت ذروة التألُق في حُريتها الإبداعية، حيث قامت على تجريب مفاهيم جديدة للقَص، و رَسمت ملامح شَخصيتها القِصصية، من خلال نمطٍ مُعجَب و يؤمِن بالسَرد المُتداخِل الذي يعتمد على القِصة التُراثِية التي توجِبُ التوالُد و تُراوغ في شبكة الأحداثِ و تلجأ للاختزال.
بانتقال الكيالي إلى المجموعةِ القِصصية "تراتيل الماء" الصادرةِ عن مؤسسةِ الوراقِ للنشر ِ بدعمِ وزارةِ الثقافةِ الأُردنية ،والتي تناولتْ موضوعاتٍ حياتيةٍ وَ وجدانيةٍ وانسانيٍة مُتنوعة، مارستِ فيها الدكتورة الشعلان التجريبَ في هذه المجموعةِ بشكلٍ كبيرٍ بحيث انحازت إلى المضمونِ المُدهش بشكلٍ جديدٍ ، حيث لجأتِ إلى تقنية التَوليدِ في القصة أيضاً وكان للسَردِ الشفويِ التراثيِ مكانةً ، كي تُشكل مجموعتها القِصصيةِ ،حيثُ لجأتِ فيها إلى تفكيكِ التراثِ القصصيِ العربيِ و الإنسانيِ وأعادت تشكيله وفقَ رؤيتها ، فتوجهت الكيالي بالسؤال عن تقنيةُ التوليدِ أو الإنبثاقِ التي تكررَ استخدامها لها وكيف يُمكن للكاتبِ أن يدفَع المُتلقي إلى التواطؤِ مع القِصة الأساس؟ وما هو السِرُ الخَفِيُ الذي أشار َله الدكتور "خالد السليكي" عن هذهِ المجموعة ، فأجابت الأديبة الشعلان أنه رؤيوياً تنتمي هذه المجموعة إلى "عام النمل"، مع أنها تسبقها، و فيها قَفزة كَبيرة في تجربتها والمشهَد من خلال جُرأة تحطيم الشكل القِصصي من خلال لعبة الانبثاق للالتقاء بنهاية مُشتركة قابلة للقِسمة على جميع الأقسام ،لتكون القِصص أحياناً سردية، تاريخية، شعرية، ما يشبه الترميزات والإشارات الصوفية، كما و أردفت الأديبة الشعلان أنها استفادت من الأشكال التراثية و الدينية والشعبية من خلال إعادة تفكيكها و الخروج عن متنها للإفادة من الدهشة والمُباغثة و كَسر المُتوقع من خلال ألعاب سردية مُمتعة أساسها الخُروج عن المألوف.
"أرض الحكايا" مجموعة ذات قِصصٍ تلعبُ على وَتر الأُسطورة و سَطرِ الخُرافةِ وصَدى الحكايةِ الشَعبيةِ ،صَدرت عن نادي الجَسرةِ الثقافيِ في الدُوحة، في هذهِ المجموعةِ تختزل فيها الشعلان اللاواقعَ وتُقدمه كواقعٍ بِكُلِ جُزئياته، توجهت الكيالي بالسؤال عن ما يُميز هذهِ المجموعةُ التي حملتْ البحر َالكاذبَ ،وملكَ القلوبِ الذي بلا قلبْ..و بالنسبةِ لقصةِ أكاذيبِ البحر التي تتكونُ من أكذوبةِ الجزرِ ،و أكذوبةِ اللؤلؤِ ،أكذوبةُ النوارسِ والأمواجِ والمّدِ والمَرجانِ.. والتي تقومُ على فوضى التَشظي والاسترجاعَ والاستشرافِ كيفَ أمكن صياغةَ التداخلِ في الحواراتِ الداخلية والخارجيةِ لأجل نقلِ الحالةِ الشعوريةِ التي يعيشُها أبطالُ القصةِ.. ضمن نصٍ مُتماسك؟ فقالت الدكتورة الشعلان أنها تجربة تجريدية تمت من خلال اعادة تفكيك الأفكار والحقائق المُسلمة،حيث أنها يُمكن أن تقوم على شَكل آخر غير مألوف، مثلَ القلب الذي لا يملك الحُب على سبيل المثال ،فهذه المجموعة تتكلم عن المسكوت عنه في الحياة ،حيث أن القصة تحمل اسمها من الأساس "أرض الحكايا"، فيُفاجأ القارِئ بأن رجل المُنارة الذي كان الناس يَبوحون له بالحقائِق؛ لا يَسمَع! ،عدا عن أن القِصة تُقدم شَكوى و تقع على عاتق المُجتمع البَحث عن الحُلول.
تطَرقت الكيالي إلى المجموعة القصصية "ناسكِ الصومعة" التي تنقسِم إلى نوعينِ من القصص؛ قصصٍ قصيرةٍ و قصصٍ قصيرةٍ جداً، استغلت فيها الشعلان العناصرَ الخارجيةَ المُكونةِ لهذه المَجموعةِ و نعني بها ؛ الغلافَ و العُنوانَ و الاستهلالَ ، بطريقةٍ تستفزُ القارئَ و تدفعهُ لقراءةِ الكتابِ، ثم انتقلت إلى قِصةُ الأطفالِ الحائزةِ على جائزةِ "أنجال الشيخ هزاع بن زيد آل نهيان" لثقافةِ الطفلِ، والتي تحكي عن ملكٍ شابٍ يُشرعُ في رحلةٍ صعبةٍ كي يعيدُ الشمسَ المسلوبةَ إلى وطنهِ ،وفي طريقِ رحلتهِ يُواجهُ صعوباتٍ، و يُضحي في سبيلِ إعادةِ الشمسِ بمالهِ وجواهرهِ وسَيفهِ وحِصانهِ وصولجانِه وعينيهِ وقلبهِ ،فسألت عن هي القيمُ التي حملتها القصةُ؟ وهل من صُعوبةٍ تواجهُ كاتب القِصة في ايصالِ هذه القيمِ لهذهِ الفئةِ العُمريةِ الحساسةِ ،وكيف ساهمتْ الرُسومُ بإضافةِ جماليةٍ إلى القصة؟،لتتكلم الأديبة الشعلان بأن أدب الأطفال تكون الأراء فيهِ مُتوالدة ، كما أن أدب الأطفال موضوع حيوي في العالم العربي ،و يؤخذ على محمل الجدية والحساسية ،فهو من الصعب الكتابة فيه واحترافه ، ومن يعمل فيه يعلم أنه سهل شبه مستحيل لا يتأتى إلا بالخبرة والتخيل، بما ينطوي عليه من مسؤوليات ومحددات واشكالات وشراكات عمل تُحَتم على الكاتب العمل ضمن معايير مُحَددة ،حيث للصورة مكان في الحدث المعرفي و لها شروطها و ألوانها و إلى آخره من التقنيات..
تدريسُ التاريخِ ليسَ بأمرٍ سَهلٍ ،إنه أمنيةُ مُدرس التاريخ الفلسطيني في المجموعة القِصصية "تقاسيم الفلسطيني" التي حازت على جائزةِ فلسطينَ العالميةِ للآدابِ ،تقدمت الكيالي بالسؤال عن ما هي تقاسيم الفلسطيني بمنظر الشعلان الشَخصي؟وكيف ساهم انتماء الدكتورة الشعلان في إظهار هذه المجموعةِ القصصية بهذهِ اللمسةِ المُتقنةِ؟ و في قصة "الكنعاني" على وجهِ الخُصوص، لفتَ انتباه الكيالي وصف وجهَ الطالب الشهيدِ "سعد" بالشمسي ،كيف للمفرداتِ أن تزيدَ من عُمقِ المشهَد؟ وهل للخيالِ دور في إثراءِ الصورةِ الفنيةِ؟، فأجابت الشعلان أنها تَعتبر نفسها ابنة القضية الفلسطينية ،لهذا كتبت عنها بمنظور شخصي فيه من التفاصيل و المُعايشة ما يجعله أدب تسجيلي لأنها تُمثل القُدرة من الخروج من الذات إلى الآخر الصادق ،فكيف لو كان العمل في القضية الفلسطينية التي تتفاعل معها و تعتبر الكتابة فيها ليس ارثاً بل سِجلاً للدور و الرسالة التي تقع على عاتقها ككاتبة حريصة على نقل الصورة الحقيقية ،وبالعودة إلى "تقاسيم الفلسطيني" فالتقاسيم مُصطلح توثيقي و التقسيم هو عزف مُنفرد لا يأتي وحيداً بل تكون عُزوفات مُنفردة تُشكل مَشهداً مُتكاملاً كالمشهد الفلسطيني ،وبالنسبة لها فهذا العمل الأدبي تجربة شخصية مُتداخلة، لها من الخُصوصية أكبر مما لها في العموميات.
بالانتقال إلى المَسرح ،مسرحية "البُعد الخامس" والمُقتبسة عن روايةِ "أَعشقُني" وكتبها الأديب المَغربي "عبدُ الإله بنهدار" ، سألت الكيالي عن رأي الأديبة الشعلان في التجربةِ المَسرحيةِ لنصٍ روائِي في الأساس، و إن كانت ترى تحدٍ في عمليةِ نقلِ الثّقلِ السرديِ إلى الفعل الدرامي ، فتكلمت الشعلان عن تصورها استحالة الأمر، و لكن بعد سنوات حتى تم العمل بشكله المسرحي وجدت أن الأمر مُمكن، رغم صعوبة التحويل من جنس أدبي إلى آخر مع الحفاظ على بُنيات العمل وثيمه الكُبرى ،حيث أن لكن نوع خصوصيته، فكان ذلك تجربة استثنائِية ناجحة، و تجربة تفتخر بها و تَطوق إلى رؤيتها على خشبة المَسرح.
" أم بطبوطة تصَلي في جبال الهمالايا" هو مُنحنى تجريبيٌ في أدبِ الرحلات، و هذا النوعُ يلزمُ الرّحالةُ بالوفاءِ لمصداقيةِ الخبر، وفقَ مسارٍ وقائعيٍ معروفٍ وأحداثٍ مُحددةٍ على أرضٍ صلبة ،بالإضافةِ إلى صورة المجتمعاتِ و ثقافتها ، مما جعلَ الشعلان تَتجاوز المَألوف بِكتابة نصوصٍ سرديةٍ تُفزعُ المُتلقي و تثيرُ انفعالَه ،و تُذكي فُضولَه نحوَ الأشياءِ ،و كيف ساهمتْ زيارتها للعديد من البُلدان في اثراءِ هذا النوعِ الأدبي ،هذا ما سألته الكيالي لتجيب الدكتورة الشعلان بأن هذا العمل يُعتبر عملاقاً بتخطيه مئات الصفحات، و فأجأتنا بأنها لا تُحب هذا العمل الذي ينطوي تحت أدب الرحلات، لأنه يُدخلها في باب التسجيلي ،و لكنها حين كتبتهُ كان بمثابة تحدٍ لها، لأنها كتبته بشكلٍ مُختلف حيث طاله أعمال بحثية و تجارب شخصية و يوميات و تاريخ وسرد وتراجم ،فكان خليط من الكَثير، وأجمل ما كان فيه أنه لأول مرّة تكون الكاتبة في أدب الرحلات أُنثَى ، وأن الأمر لم يقتصَر عليها بل على وُجود والدتها رفيقة لها ، كما أن الرواية كُتبت على لسان والدتها، فكانت الرِحلة بحثاً عن الدهشة بِأربعةِ عُيون.
"الطريق إلى كريشنا" رحلاتٌ في كشمير والهند والتي كُتبَ عنها في الصُحف أنها فتنةُ العجيبِ و الغريبِ ،وحازت على جائزةِ ابن بطوطة لأدبِ الرحلةِ ،في هذا العملِ هُناكَ شراكةٌ مع والدة الشعلان الأديبة "نعيمة المشايخ" -رحمها الله تعالى- ، سألت الكيالي عن حقيقة هذه المعايشةِ الثنائيةِ؟وما هي أهمُ المُشاهدات التي طرحتها الطريقُ إلى كريشنا، فتكلمت الأديبة الشعلان أن الرحلة إلى الهند كانت بمثابة كيف نرى العالم، علماً أن الهند تحتوي على سِير وأساليب وطقوس و روائِح لا تُعَّد و لا تُحصَى ،لدرجة أنها خرجت من الهند بيقين أنها لم ترَى الهند لأنها أشبَه بكوكب أكثر منه شِبه قارة!، بقدرِ ما تحتويه من قناعات و ديانات و سياسات و لغات أيضاً..
كَتبت الشعلان (لأن العالمَ مُمزقٌ بالأنانيةِ والتعصبِ والمادةِ والحُروب ، تعبِرّين في الشعرِ و النثرِ و القصصِ و الرواية عن معاناةِ الإنسانْ ، بلغةٍ صوفيةٍ و روحيةٍ وجدانية ، و تؤيدينَ قول شكسبير " يلجأ المتألمون للكتابة كيلا يمتصهُم الألم")، فسألت الكيالي؛هل الألمُ سَببٌ يدعو للكتابةِ وإن كان الإبداعُ الكتابيُ يقتصرُ على المُتألمين وماذا عن المُتأملينَ في هذا المَوقِف، فأجابت الشعلان أن الألم ليس معيار نَجاح ، ولكن استيفاء شروط الايداع هي الأساس في ذلك، وتطرقت إلى مثال عقد مسابقة في الأدب لِمَن يَكتُب أفضَل قِصة تُقام ضِمنَ مجموعة أطفال ،وأن الإجابة الاعتباطية بأن النجاح حليفَ "أطفال الشوارع" ليست منطقِية ،لأن الطفل الفائِز هو الذِي سوف يستوفي عملهُ على الشروط الابداعية لكتابة القِصة ،والدليل أننا لا نُدّرس فنون الألَم بل نُدرس أعراف الكِتابة.
نوهت الكيالي أن الدكتورة الشعلان حازت على جائزةِ كتارا للروايةِ العربية في قطر عن روايتها "أصداء ديمة" في ألفين و ثمانية عشر، وجائزة هيفاء السنعوسي في الكويت عن نصها المُونودرامي في مسرحية "ماطر جداً و قليلاً " ..و غيرها الكَثير من الجوائزِ العالمية، وانتهت الحلقة بشكر الأديبة الدكتورة الشعلان على خُلاصة تجربتها و وقتها و قَبول استضافتنا لها في مسيرة ورد .
ريم الكيالي