أكد المتحدث باسم الحكومة الأردنية، مهند مبيضين، في تصريحات لـCNN بالعربية، الخميس، أن الأردن متمسك بالسلام كـ"خيار استراتيجي".
إن اﻟﺴﻼم ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ الإﺳﺘﻘﺮار واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺸﻪ اﳌﺠﺘﻤﻊ واﻷﻓﺮاد وﻳﺘ ﻤﺘﻊ اﻟﻔﺮد ﻓﻴﻪ ﺑﻜﺎﻓﺔ ﺣﻘﻮﻗﻪ و يمﺎرس واﺟﺒﺎﺗﻪ واﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻪ دون ﺿﻐﻂ أو إﻛﺮاه.
من خلال السلام يمكن للناس التعلّم، ونشر الثقافة، وبناء المجتمعات، والنهوض اقتصاديّاً واجتماعيّاً، فالحروب تدمّر ولا تبني، البناء لا يكون إلا في أوقات السلم. السلام يجعل الناس واعين ومدركين لمغبة الدخول في الحروب والتي ستكلفهم حياتهم مقابل هذه الغطرسة البشريّة.
تحكي الأساطير الإغريقية عن سيزيف ملك سيلينا المحارب البارع الذي ارتكب من الأفعال ما أغضب عليه آلهة الأوليمب فقضت عليه بتلك اللعنة الرهيبة التي إرتبطت باسمه.
وكانت لعنة سيزيف هي إجباره على أن يحمل صخرة عملاقة إلى قمة جبل شاهق. وما إن يصل إلى هذه القمة حتى تنحدر منه الصخرة وتسقط إلى سفح الجبل فيعود مرة أخرى ليحملها إلى القمة. وما إن يصل حتى تسقط لأسفل. وهكذا يظل سيزيف في هذا العناء الأبدي.
وقد أصبح سيزيف نموذجا لكل من يقوم بمهمة عبثية يكابد خلالها المشقة والعناء بلا جدوى ولا نتيجة سوى العذاب والإحباط، ورغم ذلك يواصل القيام بها ويتحمل آلامها دون كلل أو ملل خضوعا لقدره، وامتثالا لمصيره المأساوي.
وقصة العرب مع إسرائيل منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 أشبه ما تكون بلعنة الإغريقي سيزيف حيث كتبت عليهم المعاناة غير المجدية في الحرب والسلام. وكلما توهموا اقترابهم من هدف استعادة حقوقهم المسلوبة اكتشفوا أنهم يعودون للمربع رقم واحد وأن عليهم البدء في رحلة الألم والعذاب من جديد.
ومما يزيد من خطورة هذا العبث أن العرب دائما هم الطرف الذي يدفع ثمنه. فكلما قدم الجانب العربي أقصى قدر ممكن من التنازلات، وبعد أن تتأكد إسرائيل من أنها "عصرت الليمونة العربية حتى آخر قطرة فيها، يتحرك الداخل الإسرائيلي بشكل أو بآخر لكي تبدأ لعبة البحث عن السلام من جديد ومن المربع رقم واحد بالتحديد.
والوسيلة المفضلة لدى الإسرائيليين لتحقيق هذا الهدف هي تغيير الحكومة سواء بسحب الثقة منها أو اغتيال رئيسها كما حدث مع اسحاق رابين أو بإجباره على الاستقالة على طريقة أولمرت، أو بإجراء انتخابات مبكرة لتغيير القيادات الإسرائيلية.
والمؤسف في الأمر أن العرب لا يتعلمون. ودائما يرقصون على نفس هذه النغمة الإسرائيلية المكررة والمملة. فهم ينتظرون الزعيم الإسرائيلي الجديد ويحلونه من كل التزامات وتعهدات سلفه لتمر سنوات أخرى من المحادثات والمفاوضات.
وعندما يأتي وقت حصاد جهود السلام يتم تغيير المسؤول الإسرائيلي الذي يختفي وتختفي معه كل التزاماته دون أن تسقط تنازلات العرب والفلسطينيين التي يصر كل مسؤول إسرائيلي جديد على أن تكون هي النقطة التي يبدأ منها جهوده الوهمية لتحقيق السلام.
إن الحرب على غزة مستمرة والضحايا يتزايدون يوماً بعد يوم، وما نراه ليس فقط قتل الأبرياء، وتدمير سبل عيشهم، لكننا نشهد جهدًا منهجيًا، لإفراغ غزة من شعبها.
لقد رأينا مقدار الدمار في شمال قطاع غزة وهو مؤشر على سياسة إسرائيلية يبدو أنها مصممة على طرد سكان غزة منها، ضمن سياسة ممنهجة يدافع عنها أعضاء الحكومة الإسرائيلية، من أمثال المنغولي بن غفير والخنزير سموتريتش وآخرين من الذين يقولون علناً وبصراحة أنهم يريدون مسح الفلسطينيين من على وجه الأرض
لكن وببساطة فإن إسرائيل تتحدى الجميع، وتتحدى حلفاءها، والقانون الدولي، والأمم المتحدة وهي تشن هذه الحرب بدرجة من الوحشية كما كرر العديد من مسؤولي الأمم المتحدة، وتتصرف وكأنها غير خاضعة للمساءلة ويمكن أن تفلت من جرائم الحرب التي ترتكبها، وواقع الأمر أن هذا ما يحدث، فهي تنتهك كل مبدأ من مبادئ القانون الدولي، والعالم غير قادر على فعل أي شيء حيال ذلك، وبالتالي فإن ضحايا هذه الحرب ليسوا فقط من الفلسطينيين الأبرياء الذين يقتلون، بل من بين ضحايا هذه الحرب مصداقية القانون الدولي، وعملنا الجماعي المتعدد الأطراف والقيم الإنسانية والإيمان بالسلام
عندما يقول نائب رئيس الكنيست إننا يجب أن نحرق غزة، وعندما يقول وزراء إسرائيليون إننا يجب أن نقتلهم، إنهم حيوانات بشرية، ماذا يعني ذلك لك ولكل من يؤيدك!
إن جرائم إسرائيل فاقت مجازر حروب القرن20- 21 من أبرزها قتل الأطفال، إستهداف المدنيين العزل، إستهداف البنية التحتية وتعطيل الطاقة والكهرباء وقطع المياه وضرب المنشآت الصحية، مصادرة المنازل والأراضي والحرمان من الجنسية والانتهاك والتجاهل المتعمد للقوانين الدولية حيث واستخدام الأسلحة المحرمة على مستوى العالم ضد الفلسطينيين، وتزيف الحقائق وتشويه الاثار التاريخية، وممارسة الإرهاب الدولي، وفرض حصار كامل على الاف من المدنيين بالإضافة الى التمييز الديني والابادة الجماعية
توصف الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة بكافة الأوصاف المنافية للقانون الدولي والإنساني من مجازر إلى محرقة إلى إبادة جماعية، وبلغت من الهمجية مبلغا يتجاوز الفشل الأخلاقي إلى ما هو أكثر.
الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي