مع احكام سيطرة القوات الاسرائيليه على خان يونس المركز تقترب معركة رفح الفاصلة من الاشتعال، وهى المعركة التى لا تقف حدودها على الخطوط العسكرية والأمنية فحسب كونها معركة إنسانية في الجوهر والمضمون ويستخدم فى طياتها كما هو متوقع وسائل "للتهجير القصري والترحيل الاختياري القهري" بعدما تم حصر أكثر من مليون ونصف نازح فى محور فيلادلفيا ورفح الحدودي المصري تمهيدا للدفع بهم خارج نطاق قطاع غزة، وهي جملة النصر التى يريدها نتنياهو لإعادة احتلال غزة وإدارتها بالطرق ذاتها التي تتم بها إدارة الضفة والقدس تحت الاحتلال على ان ياتى ذلك بإطار حكم إداري محدود بالشكل والمضمون، بحيث يكون درجة التحكم الأمني والعسكري فيه لاسرائيل مع ابقاء للسلطة المدنية محدودية الإدارة فى مسألة الادارة الذاتية للشؤون المعيشية والأمور الحياتية.
الأمر الذي زاد من حدة الاحتقان بين تل أبيب ومصر الى الحد الذى رفض رئيسها عبدالفتاح السيسي استقبال مكالمة نتنياهو المخصصة للسيطرة على المنطقة الحدودية في محور فيلادلفيا المصرى الفلسطيني حسب القانون الدولي منذ انسحاب شارون من قطاع غزة وما تلتها من ترتيبات امنية مصرية اسرائيلية أخذت طابع الأعراف التنسيقية بين الدولتين بحيث تكون اسرائيل صاحبة السيادة وكلمة الفصل لإدخال القوافل الاغاثية او غيرها من البضائع الا ان فتور العلاقات الإسرائيلية المصرية لم يدم طويلا بعد اللقاء الأمني الاسرائيلي المصري الذي استمر لخمس ساعات وانهى مسألة قطع العلاقات وبين مسؤولية مصر بإدخال المساعدات واتفق الجانبين على جملة محددات أمنية من المفترض ان تدعم جهود الهدنة وعدم تجاوز الحدود الحمراء في معركة خان يونس المصيريه وخطوط البيان الحدودية فى رفح.
معركة رفح الإنسانية التي ستأخذ ابعاد التهجير القصري والترحيل القهري ستحدث ضجة كبيرة كما يتوقعه كثير من المتابعين لاسيما وان مصر هددت بسحب السفير المصرى من تل أبيب، وستقوم واشنطن بإيقاف الإمدادات العسكرية لإسرائيل وتعمل جاهدة بهذه الأوقات من أجل الوصول ل "هدنة تفضي لوقف اطلاق نار" يتم عبرها تبادل المعتقلين بالاسرى وتقوم فرنسا بذات الاتجاه بعقد اجتماع في الاليزيه الملف الاقتصادي الخاص للحالة الاغاثية والمعيشية في غزة وراحت بريطانيا عبر مجموعات مدنية لها بالدفع بقضية في المحكمة الجنائية الدولية بعد نجاح اللوبي الضاغط على المحكمة الدولية العليا في لاهاي من الحصول على شهر إضافي للحيلولة دون إصدار المحكمة قرارها الاحترازي بوقف إطلاق النار لحين تغيير الكثير من أعضاء المحكمة العليا بعد السادس من نوفمبر القادم وهو الموعد الذي سيتم معه تغيير سيطال بعض أعضاء المحكمة الرئيسيين.
وهو ما يجعل من معركة رفح / فيلادلفيا تشكل معركة انسانيه قضائية كما هى عسكرية ميدانية غايتها تقوم على التهجير والترحيل مهما لزم الأمر وارتفعت الفاتورة الاسرائيليه لدرجة باهظة على حد تعبير نتنياهو و وصول الأسرى إلى عداد القتلى فى حال تم اجتياح خان يونس والدخول الضمنى بمعركة رفح الفاصلة، وهو ما جعل من صورة مشهد القطاع مشهد فيه من الدراما الإنسانية أكثر مما يحمله من صورة ميدانية لمعارك عسكرية سيحمل تبعات عميقة نتائج تنعكس على الصورة الكلية للقضية الفلسطينية التي باتت مهددة بشكل ضمنى للتصفيه بوسائل عسكرية.
فان نجاح حكومة نتنياهو بإعادة احتلال غزة يعني بالمحصلة توسيع قدرتها على تنفيذ ما تريد الوصول اليه بالقدس والضفة، وهو ما يهدد الامن الوطني الاردني كما المصري للخطر الشديد ويضع القضية الفلسطينية فى وحل التصفيه وخلاص اسرائيل من الهاجس الديموغرافي الذي تخشاه فى مسعاها لتحقيق مشروع الدوله الواحده الذى احد اساسياته تتمثل بوجود أقلية عربية داخل إسرائيل يمكن هضمها بإطار المشروع "الدولة الواحدة" الذي تريده تل أبيب كما تقره طهران ... لكن تتحفظ عليه واشنطن وترفضه عمان كما القاهرة كما القانون الدولي الذي أكدت نصوصه على ضرورة الالتزام بمشروع حل الدولتين على خارطة تماس 67 وهو ما يجعل معركة رفح قائمة بين مشروع الدولة الواحدة "الإسرائيلي الايراني" ومشروع الدولتين "الأمريكي العربي".
وهو المتغير الذى جعل من طاولة البحث تتغير زواياها بمبادرة بريطانية تتحدث عن خروج قيادات المقاومة الفلسطينية مقابل إخراج المعتقلين والأسرى وادخل المنطقة بتغيير قواعد الاشتباك طالت "برج 22" على الحدود الأردنية وجعل من الأمور تزداد تعقيدا بعد تسليم الاسلحة الامريكية لاسرائيل وجعل من سخونة الأجواء فى الجنوب اللبناني على شفا الاندلاع مع اقتراب معركة رفح التى يجب ان لا تبدا مهما كلف الامر كونها خط احمر عريض اردني مصرى يسمح بتصفية القضية الفلسطينية بالطريقة العسكرية !؟ وهو ما يرفضه الملك والجيش والأردن وفلسطين ويجعل من الجميع يصطف خلف الراية الهاشمية بهذا التوقيت الدقيق و كما فى جملة البيان العسكرية.
د.حازم قشوع