اختلف العالم أو اتفق مع قرار محكمة العدل الدولية الذي جاء بعبارات درست وقدمت برصانة متناهية تتماشى مع أعلى محكمة في المجتمع الدولي ومناسبة مع اهمية المكان ووجوده.
ورغم ما احدثه القرار من انقسام واضح بين مؤيد ومعارض أو بين غاضب وشاعر بالرضا لا بد أن نقول انه قرار تاريخي بالنظر الى صورة من ادين ومن الخصم.
ورغم ازدواجية المعايير حال مقارنته بقرار صدر عن ذات المحكمة لما يخص الحرب الاوكرانية الروسية الا ان قرار المحكمة حمل رسائل دبلوماسية لا يمكن التغاضي عنها ولا بد ان تقرأ جيدا من قبل كافة الدول ومن قبل الكيان الإسرائيلي بشكل خاص.
اولها ضرورة التعامل مع القانون الدولي الإنساني على محمل الجد واستعادة الاحترام والمكانة للمؤسسات الدولية والقانونية والتي شهدت تراجعا لم يحدث في تاريخها بسبب العدوان على غزة.
«القرار شكل صفعة للكيان» فعدم افشال الدعوى هو صدمة لم يسبق لها مثيل لمن اعتاد الإفلات من كل الاتهامات على مدى وجوده ليلقي القرار ظلالا سوداء على الكيان باسره.
قرار احرجه عالميا و عليه في كل محفل دولي قادم أن يتصدى لتهمة الإبادة الجماعية بدلائل لم تجد اعلى محكمة دولية سبيلا لرفضها.
وبات الكيان الغاصب يفقد المزيد من مصداقيته أمام شعوب داعميه حول معركة اظهرت للعالم انها «معركة وجود أو معركة زوال « لتخسر أخلاقياتها الزائفة رغم سعيها الدؤب لاستعطاف العالم حولها وهو ما سينعكس سلبا على داعميها.
ولانه كيان غاصب يستمر فشله بتحديه الصارخ لقرارات المحكمة والاستخفاف بها رغم ان الإجراءات المؤقته هي قرارات ملزمة قانونا وأن هذا التحدي وعنجهية التصريحات لن تفلح اطلاقا في تحسين صورتها الأخلاقية مهما فعلت لأنها وباستمرارها على ذات النهج من قصف وتهجير وقتل واعدام واعتقال وتخريب لكل مظاهر الحياة التي لم يتبق منها شيئا ستجد نفسها امام انتهاك محتمل لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بالإضافة إلى أنها تضع نفسها وكل مكوناتها في وضع يزدري أكثر الاتفاقيات الدولية قدسية واحتراما.
فشل يراه العالم الآن في غياب العقل والحكمة لقادة هذا الكيان والاصرار على تقديم الدليل تلو الاخر بانه كيان بني على الاغتصاب والقتل وليقدم بيديه دليل ادانته ليرسخ موقفا سيئا آخر أمام المحكمة والعالم ويزيل القناع تلو القناع عن حقيقة وجهه.
الإجراءات المؤقته التي اعلنتها المحكمة لا يمكن أن تنفذ الا بوقف الحرب ووقف إطلاق النار ووقف التجييش لقادتها وجنودها بتصريحات مقيته عنصرية ودموية.
والاصرار على ذات النهج هو استمرار لسوداوية صورته و احراج داعميه أمام شعوبهم وأمام العالم.
وأخيرا ورغم حجم الدماء والدمار وغياب الضمير سيجد الكيان نفسه ملزما باحترام قرار المحكمة ويجد نفسه مرغما على دعم حلفائه وأن يظل في إطار القانون الدولي وهو ما ركزت عليه المحكمة.
لهذا وأكثر هو قرار تاريخي شكل انعطافا واضحا في التعاطي مع القضية الفلسطينية لا سيما في ضوء ما يسجل من دعوات قضائية من قبل محامين دوليين من شعوب الدول الداعمة للكيان واتهام قادتهم بالمشاركة بالابادة الجماعية.
واخيرا ستبقى صرخات غزة وجراحها تلاحق قاتليها أمام كل المحاكم الدولية بعار القتل والتدمير والتجويع طال الزمان أم قصر.