زاد الاردن الاخباري -
( الغد ) - أعلن مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية بالوكالة محمود العقرباوي أن "الدائرة تجري حاليا مسحا شاملا لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين للوقوف على حقيقة أوضاعها"، مؤكداً الرفض الأردني لإضافة "الهولوكست" في مناهج "الأونروا".
وكشف في حديثه إلى "الغد" عن قيام الحكومة بوقف عدة خطوات للوكالة لـ "التنصل" من مسؤولياتها وتسليم جزء من خدماتها، مثلما رفضت، مع الدول المضيفة محاولاتها، بضغط دول مانحة، لإدخال مادة ما يسمى "المحرقة اليهودية" ضمن مناهجها خارج نطاق المواد المدرسية.
وأكد أن المخيمات تمارس دورها وتشارك في الحياة السياسية والعامة، و"لا يد طولى للدائرة عليها"، مضيفا أن لجان تحسين الخدمات "ليست عيون الدائرة داخل المخيمات"، ولا توجه لانتخاب أعضائها، أو توسيع مساحة المخيمات القائمة.
وأضاف ان "الأردن يعتبر الأصلب موقفاً تجاه حقوق اللاجئين"، موضحا أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة لا يلغي القرارات الأممية المتعلقة بقضية اللاجئين".
وبين أن المسح الشامل، الذي تنفذه الدائرة على ثلاثة عشر مخيما موزعة على أرجاء المملكة لمدة عام تقريبا، بالتعاون مع مؤسسة "فافو" النرويجية الممولة بنحو مليون ونصف المليون دولار، سيساعد في الوقوف على حقيقة الأوضاع القائمة في المخيمات ونسب الفقر والبطالة داخلها.
وأكد أن نتائج المسح، المتوقعة مطلع العام القادم، ستساعد في تحديد الحالات الاجتماعية والظروف المعيشية داخل المخيمات، وبناء الدراسات والخطط للمشاريع والاحتياجات الاجتماعية المدروسة وفق معطياتها الواقعية.
وستسهم خلاصتها، أيضاً، بحسب العقرباوي، في دفع الدول المانحة لتأمين الدعم المالي اللازم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بموازنات حقيقية، لتنفيذ برامجها وتقديم خدماتها للاجئين، كما تزود المنظمات الدولية بقاعدة معلوماتية دقيقة لتقديم مساعداتها لمجتمع اللاجئين.
وبموازاة ذلك، يستعد الأردن، الذي يترأس اللجنة الاستشارية للأونروا للدورة الحالية (مدتها عام)، لاستضافة اجتماعات 23 دولة مانحة للوكالة ومضيفة للاجئين الشهر القادم في البحر الميت، لبحث الوضع المالي الصعب للأونروا وسبل دعم ميزانيتها العامة.
وشدد العقرباوي على ضرورة "أن يفي المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه الوكالة، وعدم تحميل أعباء إضافية للحكومات المضيفة، خاصة الأردن".
ولفت إلى عقد اجتماعات تنسيقية لوضع استراتيجية وخطة عمل محكمة لإنجاح الدورة القادمة، والخروج بتوصيات ناجحة قابلة للتطبيق لدعم الوكالة وحشد الموارد المالية لها، بما ينعكس إيجابيا على اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة.
ورأى أنه "لا توجد حتى الآن أية إيحاءات من الدول المانحة والجهات الداعمة للوكالة تشي بتوجه، ولو جزئي، لتصفية عمل الأونروا، كما لم يبدر من الولايات المتحدة، بصفتها أكبر دولة مانحة، ما يوحي بأنها تسير في طريق إنهاء وجودها".
وزاد أن "الوكالة أنشئت بقرار الأمم المتحدة العام 1949 لرعاية وخدمة اللاجئين الفلسطينيين في مناطق الشتات والدول العربية المضيفة، فيما تعهد المجتمع الدولي بدعم استمرار مهامها إلى حين حل قضية اللاجئين".
واستطرد قائلا "ليس من الحكمة حل الوكالة وإنهاء صفتها ومهامها ما لم تحل قضية اللاجئين، باعتبار أن تأسيسها جاء وفق اعتراف دولي بقضيتهم والتزام تجاههم إزاء تشريدهم وتهجيرهم عن ديارهم وأراضيهم"، بفعل العدوان الصهيوني العام 1948.
وقال إن تركيز الأردن والدول المضيفة الأخرى ينصب على بقاء عمل الوكالة، وفق المهام المنوطة بها، وحشد الموارد المالية لدعم موازنتها حتى تستطيع تلبية احتياجات ومتطلبات اللاجئين في مناطق عملياتها الخمس (الأردن، وسورية، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة).
واستبعد العقرباوي ربط قضية اللاجئين بالنتائج المحتملة لطلب العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية على حدود 1967 المطروح أمام مجلس الأمن الدولي، مفسرا ذلك بأن "الوكالة ئنشأت بقرار دولي لرعاية وتشغيل اللاجئين وإغاثتهم، استنادا إلى قرارات دولية صدرت لضمان عودتهم وتعويضهم".
وأكد أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يلغي القرارات الأممية المتعلقة بقضية اللاجئين الفلسطينيين"، خاصة القرار الدولي 194، الذي ينص على حق العودة والتعويض.
وأوضح أن "الخطاب السياسي الأردني متمسك بحقوق اللاجئين باعتبارها خطا أحمر، لا يمتلك أحد حق التصرف فيها".
وأشار إلى سعي الأردن الحثيث لتخفيف المعاناة الانسانية، التي يعيشها مجتمع اللاجئين، لافتا إلى الجهد الدبلوماسي على الساحة الدولية للتعريف بقضيتهم وحقوقهم.
وأكد أن "اللاجئين في الأردن يثمنون عاليا دور جلالة الملك لإحقاق حقوقهم الوطنية بالعودة والتعويض، ودعمه المتواصل لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف، وتقديرهم للمكارم الهاشمية التي استهدفت تحسين مستوى معيشتهم وتطوير الخدمات المقدمة إليهم".
وتابع أن "الأردن يعتبر الدولة المضيفة الوحيدة الداعمة للأونروا سياسيا ومعنويا"، مستعرضا لقاءات المسؤولين الأردنيين المتواصلة مع إدارة الوكالة بهدف دعمها وتسهيل مهامها وحل عوائق عملها وبحث سبل تمويل موازنتها.
ولفت إلى اتصالات الحكومة مع الدول المانحة، لحثها على دعم موازنة الوكالة "حتى تبقى رمزا لقضية اللاجئين"، وعدم تحميل الدول المضيفة أي أعباء إضافية، مقدرا الدعم الأردني السنوي للاجئين الفلسطينيين "بنحو 700 مليون دينار خدمات مباشرة وغير مباشرة".
وشدد على الموقف الأردني من ضرورة استمرار عمل الوكالة وتقديم خدماتها للاجئين، ورفض أي تخفيض لها، تزامنا مع السعي الحثيث لدى الدول المانحة لدعمها ماليا والمجتمع الدولي معنويا.
وقال إن هناك "تراجعا بنسبة معينة من خدمات الوكالة بسبب عدم كفاية ميزانيتها، وليس تراجعا كبيرا يمس البرامج الأساسية التعليمية والصحية والإغاثة الاجتماعية المقدمة للاجئين".
وأوضح انه "لم يصب التراجع قيمة تبرعات الدول المانحة السنوية المقدمة للوكالة، ولكنها لا تتماشى مع متطلبات اللاجئين المتزايدة، بحيث لم تعد الميزانية تلبي كافة الاحتياجات".
وتحدث العقرباوي عن مقترح الأونروا الأخير بتسليم الحكومة 24 مركزا نسائيا وتأهيلا مجتمعيا مقابل تبعيتها الكاملة للوكالة، وذلك بعد نحون نصف قرن على تأسيسها في إطار الأونروا.
وجاء الموقف الحكومي الحاسم، بحسب العقرباوي، "برفض تسلم جزء من خدمات الوكالة والمطالبة بإبقاء النشاطات والخدمات الماسة باللاجئين في المخيمات ضمن برامج الوكالة ورعايتها وإداراتها وميزانيتها".
وتكرر ذلك مع خطوات للوكالة للتنصل من مسؤولياتها وتخفيف الضغط عن كاهلها، أوقفتها الحكومة، مثل استحداث برنامج التعليم الموازي في كلية عمان الجامعية - ناعور، حيث رفضته الدائرة وأوعزت بعدم السير في إجراءاته.
وأوضح أن الوكالة تقدم خدمات إنسانية لمجتمع اللاجئين "ولا يجوز تحولها إلى مؤسسة مالية ربحية تستوفي عوائد نقدية منهم، عملا بقرار تفويضها الأممي".
ولفت إلى قيام الدائرة بدور رقابي وشريك أساسي مع الوكالة ومتابع حثيث لأنشطتها وداعم لتنفيذ عملها وبرامجها في المخيمات بما يخدم مصلحة اللاجئين.
ويندرج، في هذا السياق، مقترح الوكالة الأخير بإدخال منهج ثقافي وإثرائي في مدارسها خارج نطاق المواد المدرسية، يتحدث عما يسمى المحرقة اليهودية "الهولوكست"، بضغط من إحدى الدول المانحة، وهو الأمر الذي رفضه الأردن كليا مع الدول المضيفة.
وبين أن محاولات الوكالة تلك خضعت لمداولات اجتماع دوري سنوي للدول العربية المضيفة للاجئين مع مدراء التعليم في الوكالة ومناقشة السياسة العامة نحو البرنامج التعليمي في مدارسها.
وتابع أنه "تم رفض المقترح وجرى التأكيد على ضرورة التزام الوكالة بما تقرره الوزارة من مناهج أساسية أو اثرائية أو ثقافية وبما يتم تدريسه والالتزام بما تقرره الوزارت المعنية في تلك الدول".
وأشار إلى الضغط الأردني على الدول المانحة لإنصافه في ميزانية "الأونروا"، التي لا تتجاوز 20 % من إجمالي نسبتها العامة للوكالة، بما يقدر بنحو 105 ملايين دولار للعام الجاري، من أجل تلبية الحد الأردنى لاحتياجات اللاجئين في المخيمات.
يشار إلى أن 42 % من إجمالي 5 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عمليات الوكالة الخمس، يعيشون في الأردن، ما جعله "أكبر دولة مانحة من الدول المضيفة"، وفق العقرباوي.
وتطرق إلى الإشكاليات الحادة داخل المخيمات، مؤكدا عدم وجود توجه لتوسعة مساحاتها القائمة "فهي منذ إنشائها محددة برقعة مساحتها الموجودة حاليا ولا مجال لتوسيعها، فضلا عن كونها مخيمات طوارئ لإيواء اللاجئين إلى حين حل قضيتهم".
ولكن، وفق العقرباوي، تم التعامل مع الاكتظاظ السكاني، نتيجة الزيادة الطبيعية للاجئين، بالسماح للاجئين بالتوسع العمودي ببناء طابق ثان للحفاظ على هيكلية المخيمات القائمة.
وبين أن الحكومة نفذت حزمة بنية تحتية لتحسين مستوى الخدمات وضمان سلامة الصحة والبيئة وتأمين حياة آمنة ومستقرة داخل المخيمات من خلال حزمة الأمان الاجتماعي، وذلك بإيجاد شبكات صرف صحي ومياه وأرصفة وإنارة الشوارع وفتح خدمات عامة من محال ومرافق خدمية لخدمة أبناء المخيمات.
وقال إنه "لا توجد سيطرة حكومية على المخيمات، ولا تشكل لجان التحسين عيون الدائرة ولا يدها الطولى داخلها"، وإنما هيئات شعبية أهلية تطوعية تتبع الدائرة لتكون حلقة وصل بينها وبين اللاجئين، لتقديم الخدمات العاجلة والحيوية.
وبين أن معظم المخيمات تشارك في العمل السياسي والاجتماعي والأندية الرياضية والشبابية والمنتديات الثقافية، وهناك أحزاب سياسية أردنية تعمل داخلها، مثل جبهة العمل الإسلامي وأحزاب يسارية وقومية وغيرها.
وأضاف ان "اللاجئين يثقون بالسياسة الأردنية باعتبارها خير حافظ لحقوقهم، كما يتفهمون الطرح السياسي الأردني لكل القضايا السياسية فيما يتعلق بخدمة قضية اللاجئين".
وأوضح أن مهام اللجان منصبة على تقديم الخدمات للاجئين وتحسين وضعهم، مقدرا المخصصات السنوية لثلاثة عشر مخيما بنحو مليون دينار.