زاد الاردن الاخباري -
يصارع الطفل، الذي يقيم في مركز للإيواء بمخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة، متاعب الحياة التي تجلت ملامحها الأخيرة بـ“الجوع والعطش وانعدام النظافة”.
ففي الوقت الذي من المفترض أن يعيش فيه الطفل صلاح (12 عاما) طفولته بكافة تفاصيلها ويحصل على حقوقه كاملة، يجد نفسه مرغما على المكافحة من أجل البحث عن طعام لأسرته.
يأتي ذلك في ظل المجاعة التي يعاني منها سكان محافظتي غزة والشمال جراء نفاد الأغذية الأساسية، بعد 4 شهور من الحرب والحصار الإسرائيلي المشدد.
ومؤخرا، لجأ سكان غزة والشمال لاستخدام أعلاف الحيوانات بديلا عن الدقيق لصناعة الخبز وسد رمقهم.
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، فإن نحو 600 ألف مواطن في شمال غزة، يتعرضون للموت نتيجة المجاعة وانتشار الأمراض والقصف الإسرائيلي، فيما حذرت الأمم المتحدة، في بيان سابق، من أن 2.3 مليون شخص في قطاع غزة معرّضون لخطر المجاعة.
ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان القطاع يعانون من “انعدام الأمن الغذائي”، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
إطعام العائلة
أمام مركز الإيواء، يجلس صلاح برفقة مجموعة من أصدقائه يطهو حساء “العدس”، داخل قدر متوسط الحجم لا يكفي بالعادة لعشرة أشخاص، لكنه سيوزعه على 20 فردا من عائلته.
ومنذ أكثر من ساعتين، بدأ صلاح بطهي هذا الحساء الذي لم ينضج بعد بسبب ضعف النيران المستخدمة، والتي أشعلها باستخدام الأوراق.
وتعد الأوراق أسرع اشتعالا من الحطب كما أنها تحترق بسرعة كبيرة، ما يضطره لوضع كميات كبيرة منها بشكل متتال من أجل ضمان استمرارية اشتعالها.
الدخان المنبعث عن احتراق هذه الأوراق يصيب الأطفال المتجمعين حولها باختناق وسعال متكرر.
ويقول صلاح إنه يستيقظ من ساعات الصباح الباكر ينظف خيمة النزوح الخاصة بهم، ليشرع مباشرة بالبحث عن الطعام وطهيه.
ويوضح أن هذا الحساء سيتناوله أفراد الأسرة بدون أي إضافات، في ظل انعدام توفر الدقيق اللازم لصناعة الخبز.
وبالكاد يساهم هذا الحساء القليل بسد رمق العشرين فردا من عائلته، في ظل عدم توفر أي نوع آخر من الطعام، كما قال.
انعدام مقومات الحياة
يستخدم الطفل صلاح الأوراق لإشعال النيران، في ظل عدم توفر الحطب وندرته وارتفاع أسعاره، فضلا عن ندرة توفر الوقود وغاز الطهي.
ويقول: “لا يوجد حطب ولا أخشاب ولا غاز ولا طعام ولا دقيق، لا يوجد شيء هنا”.
ويذكر أن سكان الشمال يصبّرون أنفسهم بأقل القليل من أجل البقاء على قيد الحياة.
وفيما يتعلق بمياه الشرب، يقول الطفل إنها بالعادة غير متوفرة حيث يضطر هو وأفراد عائلته من الأطفال لقطع مسافات طويلة من أجل الحصول على المياه.
ويضيف مستكملا: “نحمل الجالونات المعبأة بالمياه لمسافات كبيرة وصولا إلى هذه الخيمة في مركز اللجوء”.
كما أن انعدام سبل ومستلزمات النظافة، من الأمور التي فاقمت مصاعب الحياة التي يعيشها الطفل صلاح وعائلته وضاعفت معاناتهم.
وقال عن ذلك: “مياه الصرف الصحي (المجاري) تتسرب إلى مراكز الإيواء، للشوارع، ما يزيد الأوضاع سوءا”.
إلى جانب ذلك، فإن الخيمة –في فترة المنخفضات الجوية- معرضة للغرق بمياه الأمطار، فيما تتسرب إليها مياه الأمطار المختلطة مع مياه الصرف الصحي، كما قال.
وأشار إلى أن انعدام مستويات النظافة داخل مكان النزوح يتسبب بأمراض صحية للمتواجدين خاصة الأطفال من المواليد والكبار بالسن.
ومنذ اندلاع الحرب المدمرة على القطاع في 7 أكتوبر الماضي، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة.
ولأكثر من مرة، حذرت مؤسسات أممية ودولية من انتشار الأمراض والأوبئة جراء أزمة المياه في القطاع، وانعدام مستلزمات ومستويات النظافة.
الهدنة ضرورة
يعتقد الطفل الفلسطيني أن الملاذ الوحيد من هذه المجاعة والأوضاع الصحية المتردية التي يعيشونها في غزة والشمال، هو التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق النار.
وقال: “نريد هدنة توفر لنا عودة كريمة إلى منازلها، وتوفر لنا دخول المساعدات، والطعام والشراب والمياه ومقومات الحياة”.
ووصف حياته في مركز النزوح هذا بـ”المتعبة”، لافتا إلى أنهم نزحوا من مكان سكنهم منذ 7 أكتوبر الماضي.