ناشطة الأمن والصراعات رحمة العزه - تُعد الملكة رانيا من الشخصيات البارزة في المشهدين العربي والعالمي، ودائما ما تثبت جلالتها بأنها ليست بملكة عادية إنما أيقونة في المجال الإنساني، ودائما ما يشغل تفكيرها هو كيفية ايصال الحقوق لاصحابها سواء افراداً كانوا أو شعباً، ولأنها شخصية مؤثرة وامرأة قيادية بامتياز، فإنها تستثمر هذه الصفات والمهارات، بجعل صفحتها على منصة "الانستغرام" منفذاً لنصرة المستضعفين، وإثارة الجدل حول القضايا الإنسانية وخاصة القضية الفلسطينية، ويتابع جلالة الملكة رانيا أكثر من 10 ملايين متابع على منصة "الانستغرام" من جميع أنحاء العالم بمختلف الثقافات والتوجهات، وأعلى المستويات الدولية والسياسية والإنسانية.
ففي غزة هنالك أكثر من 2 مليون شخص من رجال ونساء وأطفال ورُضّع وكبار سن وذوو احتياجات خاصة أبرياء، يحاربون ظلم الحصار الاسرائيلي، ويكافحون في ظل العدوان، محاولين أن يبقوا على قيد الحياة حتى هذه اللحظة، لتأتي جلالتها بكل إنسانيةٍ، لتستثمر حسابها على منصة "الانستغرام" لنصرة الوجع الفلسطيني، وضحايا أهل غزة التي طالتهم آلة الحرب الصهيونية، فمنذ بدء الحرب، ومنذ 7 اكتوبر لعام 2023 حتى الآن، سَخْرَت جلالتها حسابها للتحدث عن المجاعة الحاصلة، وتردي الوضع الصحي، وصعوبة وصول المساعدات، وحالة الذعر التي يعيشها أبرياء غزة، وآخرها عندما تحدثت في اليوم العالمي للتعليم ووجهت كلمة للضمير العالمي تحت عنوان "مدارس غزة خالية اليوم من طلابها، بدلا من الرياضيات والعلوم والفن يتعلم أطفالها في كل لحظة أن العالم لا يبالي بمعاناتهم".
وكان لجلالة الملكة مقال كتبته عام 2014 تحت عنوان "غزة صناعة "ديستوبيا" عصرنا الحالي"، تحدثت فيه عن الظلم الذي يتعرض له أهل غزة ضمن الحصار والعدوان عليهم، وكأنها مدينة في رواية خيالية ينتشر فيها الظلم والقتل والحرمان، في حين أنها ليست برواية لإحدى القصص الخيالية إنما حقيقة يعيشها أهل غزة يومياً، وجسدت لنا جلالتها في حديثها عن الصمت العالمي غير المبرر للجرائم الواقعة على أهلنا في غزة بقولها الآتي: "استمرار الصمت في وجه الظلم اللامتناهي يجعل من مجتمعنا الدولي مثل آكلي الفستق في أرض رواية "ألعاب الجوع"، بأصوات التشجيع والهلهلة وهز الرأس على كل محاكمة جديدة وكل وفاة جديدة... هل سنقف متفرجين بينما تتعزز أساسات "ديستوبيا" عصرنا أمام أعيننا؟ أم ستوحدنا إنسانيتنا المشتركة وتدفعنا للعمل لإنقاذ أهل غزة؟... في إنقاذنا لهم، إنقاذ لإنسانيتنا".
ولأن الجانب الأسرائيلي يسعى لتصدير رواية معينه للعالم، سعياً منه لتبرير حربه وتلفيق الأكاذيب بدون أدلةٍ، فلم يحتمل وجود رواية مخالفة، إذ شن الإعلام الإسرائيلي هجوماً على الملكة رانيا بعد المقابلة التلفزيونية التي أجرتها مع الإعلامية كريستيان أمانبورعلى شبكة "سي إن إن" الأمريكية، وعبرت جلالتها عن صدمة العالم العربي وخيبة أمله بسبب المعايير المزدوجة في العالم، والصمت الذي صم الآذان في وجه العدوان الإسرائيلي على غزه، مما جعل نفتالي بينيت عضو حزب اليمين المتطرف، يتهم جلالتها بالكذب، وليس هذا فقط، بل إنما سعى إعلامهم الى تشويه صورتها أمام العالم، على أنها ملكة تدعم الإرهابيين وتدافع عنهم -باعتبار أن شعب غزة الأبرياء هم ارهابيون- وأن سبب تحدثها عن القضية هو لأصولها الفلسطينية، مما يعكس النظرة العنصرية الإسرائيلية تجاه كل فلسطيني، وهذا الهجوم الأسرائيلي هدفه خلط الأوراق وتحويل الموضوع من كلمة حق في وجه الظلم الى صناعة أسرائيل لفتنة وطنية، وتدمير صورة الملكة رانيا عالمياً.
وحديث جلالتها عما يجري في غزة هو انساني بحت، حيث أن مواقفها المشرفة في كل قضية إنسانية حاضرة بقوة، بل أيضاً جلالتها تقدم المساعدة والنصح والإرشاد للناشطين الإنسانيين بناءً على خبرتها الطويلة في المجال الإنساني، فليس معقولاً أن ملكةً مثلها بتاريخ إنساني يشهد له العالم تبقى صامتة ومتفرجة، كما تؤكد جلالتها على أن الإنسان الفلسطيني له احترامه وكرامته وحقوقه المكفولة بموجب القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، وهذه الجهود يجب أن نثمنها، لأنه يدل على إرادتها القوية لإيصال الوجع الغزّي للعالم، معبرةً عن همومه وتحدياته، ساعيةً لتحقيق تغيير ايجابي، يكفل حق الفلسطيني في إنشاء دولته، فكيف لا نُحب ملكة القلوب وهي صوتُ الإنسانية الأردني.