زاد الاردن الاخباري -
تشهد إسرائيل في هذه الأيام نقاشات ساخنة وخلافات في الرأي حول آلية التعامل المناسبة مع وصول المصلين من داخل الخط الأخضر والضفة الغربية إلى المسجد الأقصى في رمضان، إذ يحاول وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير تقليص عدد المصلين إلى أقصى حد، متذرعًا بعملية طوفان الأقصى وآثارها، بينما تخشى أطرافٌ أخرى في المنظومة الأمنية من أن يتحول المسجد الأقصى في رمضان لبؤرة انفجار أخرى إلى جانب الحرب في غزة والمواجهة مع حزب الله في الشمال إثر عملية طوفان الأقصى.
وأعلن المتطرف ايتمار بن غفير، وزير الأمن القومي المسؤول عن جهاز الشرطة، أنه يرفض وصول المصلين من الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى في رمضان، مدعيًا أن المسؤولين الذين يؤيدون السماح بالوصول إلى الأقصى في رمضان "لم يتعلموا من الخطأ" الذي أدى إلى عملية طوفان الأقصى. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها يوم السبت، ولم يعلق عليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وسيطرح ايتمار بن غفير اقتراحه في جلسة الحكومة الأسبوعية التي ستنعقد اليوم.
وبحسب إذاعة جيش الاحتلال، فإن بنيامين نتنياهو يريد مجلسًا محدودًا لاتخاذ القرار بشأن صلاة الفلسطينيين في الأقصى، يشارك فيه إلى جانبه، بيني غانتس، وغادي آيزنكوت، وأريه درعي، وايتمار بن غفير، وياريف ليفين، رون ديرمر، ويسرائيل كاتس، بينما يطالب ايتمار بن غفير بمناقشة الأمر في مجلس الوزراء الموسع.
وقالت "قناة كان"، ليلة الأحد، إن شرطة الاحتلال اقترحت نشر قواتها في باحات المسجد الأقصى أثناء صلاة الجمعة في شهر رمضان، وبررت اقتراحها بأنه يتيح لها التدخل السريع في حال قيام مصلين "بأفعال تحريضية" أو رفع علم حماس.
وأشارت القناة أن جهاز الشاباك يعارض التواجد الدائم للشرطة في باحات المسجد الأقصى.
من جانبهما، جيش الاحتلال وجهاز الشاباك يقترحان تحديد عمر الفلسطينيين من الضفة الغربية الذين سيسمح لهم بالدخول إلى المسجد الأقصى في رمضان بـ45 عامًا فما فوق، في حين تطلب الشرطة أن يكون العمر 60 عامًا فما فوق. أما بخصوص الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر، فتطلب الشرطة أن يكون دخولهم للمسجد الأقصى مقتصرًا على الذين تزيد أعمارهم عن 45 سنة، بينما يرفض جهاز الشاباك أي قيود على وصول فلسطينيي الداخل إلى المسجد الأقصى.
وبحسب موقع واللا، فإن مسؤولين في شرطة الاحتلال قالوا أمام لجنة الكنيست لشهر رمضان، إن شهر رمضان من العام الحالي يجب أن يكون له "مقاربة مختلفة" كونه أول رمضان يحل بعد طوفان الأقصى ويتزامن مع الحرب على قطاع غزة، وفي هذا السياق يتم تنفيذ العديد من العمليات في مقر قيادة الشرطة.
وأضاف المسؤولون، أن الشرطة حددت "نقاط احتكاك" بين اليهود والمسلمين في اللد والرملة وحيفا والناصرة لتجنب "حوادث عنف"، ويتم تدريب الشرطة في هذه المدن على قمع عمليات "الإخلال بالنظام العام" حسب وصفهم، هذا إلى جانب حوارات مع رؤساء السلطات المحلية في هذه المناطق حول هذه المسألة.
وأفادت القناة 13، أن جهاز الشاباك وجه "تحذيرًا حادًا" إلى المستوى السياسي من أن الحد من وصول الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر والقدس إلى المسجد الأقصى "قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة بينهم".
بينما قال المراسل العسكري للقناة 12 نير دفوري، إن التحذيرات بخصوص المسجد الأقصى وشهر رمضان تشمل الضفة الغربية أيضًا، فالجيش يخشى من أن اشتعالها سيستدعي نقل قوات من التي تقاتل في قطاع غزة بعد طوفان الأقصى إلى الضفة الغربية، أو إعادة استدعاء جنود الاحتياط الذين تم تسريحهم مؤخرًا.
وبيّن نير دفوري، أن قيادة جيش الاحتلال تعتقد أن فرض الانفجار ستصل إلى ذروتها بعد ثلاثة أسابيع من شهر رمضان، أي مع دخول العشر الأواخر من الشهر الفضيل، منوهًا أن أحد أسباب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر كانت الانتهاكات المتواصلة من كبار المسؤولين للمسجد الأقصى.
يؤكد هنا، المراسل السياسي للقناة 12 أبرهام يرون، أن الجيش والشاباك يحذران من أن قبول سياسة ايتمار بن غفير بخصوص المسجد الأقصى "قد يشعل قطاعات كاملة تعتبر في الوقت الحالي تحت من السيطرة، وتحويل المسجد الأقصى إلى بؤرة تتوحد فيها الساحات".
وتابع: "مسؤول أمني رفيع المستوى قال لي هذا المساء: هذا برميل متفجرات حقيقي".
هل الفلسطينيين يصلون في الاقصى؟
ومنذ الانتفاضة الثانية عام 2000، وإقامة الجدار الفاصل الذي فصل الضفة الغربية عن القدس، أصبح ممنوعًا على الفلسطينيين من الضفة الغربية الوصول إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه، سواءً في شهر رمضان أو في بقية أيام السنة.
وقبل سنوات، بدأت سلطات الاحتلال تنفذ سياسة جديدة، إذ تسمح لمن تزيد أعمارهم عن 60 عامًا من الضفة الغربية بالوصول إلى المسجد الأقصى في أيام الجمعة من السنة، وطوال أيام شهر رمضان، بينما تضع في شهر رمضان من كل عام عمرًا محددًا للأشخاص الذين يسمح لهم بالوصول إلى المسجد الأقصى من الرجال والنساء، وهذا العمر، في الغالب (45-50 سنة) للرجال وأكبر من 40 سنة للنساء، ويتم تحديده سنويًا وفقًا للوضع الأمني في الضفة الغربية والقدس، وتوصيات جهاز الشاباك وجهاز الشرطة وكذلك الجيش.
وبعد طوفان الأقصى، أغلقت سلطات الاحتلال المسجد الأقصى بالكامل حتى أمام أبناء مدينة القدس والفلسطينيين من داخل الخط الأخضر، ومنعت إقامة صلاة الجمعة لأكثر من شهر، ثم سمحت بالصلاة لأعداد لا تزيد عن خمسة آلاف شخص فقط في يوم الجمعة، قبل أن يزيد العدد في الجمع الأخير عن 12 ألف شخص، ويصل يوم الجمعة 17 شباط/فبراير إلى 25 ألف مصل للمرة الأولى منذ 133 يومًا.
ويشهد الأقصى في رمضان سنويًا إفطارات جماعية، واعتكافًا طوال الشهر الفضيل يبلغ ذروته في العشر الأواخر منه، وهي أبرز المظاهر التي يريد الاحتلال الحد منها خاصة بعد طوفان الأقصى، وقد دأبت قوات الاحتلال على اقتحام المسجد وإطلاق قنابل الغاز وقنابل الصوت لفض الاعتكاف.
ويبرر ايتمار بن غفير اقتراحه بتقييد وصول فلسطينيي الداخل إلى المسجد الأقصى، بالمواجهات التي شهدتها مدنٌ وقرى داخل الخط الأخضر بالتزامن مع العدوان على غزة عام 2021، واحتمالية تكرر ذلك هذه السنة أيضًا، دعمًا لعملية طوفان الأقصى، غير أن هذه الادعاءات تنطلق من نيته تقليص وجود المصلين على نحو غير مسبوق في المسجد الأقصى، باعتباره أكبر الداعمين لفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المسجد، وقد سبق له أن شارك في اقتحامه عندما كان عضوًا في الكنيست ثم عندما أصبح وزيرًا، وكان أحدها في شهر رمضان 2023.