نجح جلالة الملك في خطابه الأخير أمام الرئيس بايدن بشكل لافت في إيصال صوت ومعاناة الشعب الفلسطيني وأهلنا في غزة هاشم إلى الشعب الأمريكي بوضوح تام وبلغة يفهمها الشعب هناك كما يحب.
فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، قامت إسرائيل وأدواتها الإعلامية بنشر روايات كاذبة وتسجيلات مصورة ملفقة حول ما يجري هناك. فأتقنت أمام المجتمع الغربي دور الضحية على أكمل وجه، ساعدها بذلك الكثير من القنوات والمحطات والصحف الأمريكية والغربية وحتى العربية التي تدين بالولاء للنفوذ الصهيوني المسيطر على هذا الفضاء المؤثر جدًا في الرأي العام.
نعم، انقسم حديث جلالة الملك إلى شقين متزنين متوازيين سياسي وإنساني وكان له وقع كبير على المواطن الأمريكي كما كان وبكل تأكيد له تأثير على صناع القرار في الولايات المتحدة.
إعلاميًا يُقاس نجاح أو فشل أي لقاء من خلال ردود الفعل التي يتحدث بها الجمهور (الشعب) ومن المثير للإعجاب أن مجمل الردود كانت تتحدث وبشكل واضح عن قوة وتأثير كلام الملك على المتابع الأمريكي حيث علق أحدهم قائلًا إن ملك الأردن يتحدث بشكل أفضل من معظم السياسيين الأمريكيين، وهذا يعطينا دليلاً على صدق المحتوى الذي تحدث به جلالة الملك. وقال آخر: «شكرًا لملك الأردن على قول الحق ووقوفه إلى جانب الإنسانية». وقال ثالث «هذا الخطاب يمنحني بعض الأمل، القادة الجيدون ممكنون وحقيقيون» وقال آخر «هذا ما يريده الشعب الأمريكي، هذا ما يريده العالم، لماذا لا يأتي هذا من زعيمنا» وأضاف معلق آخر «ملك الأردن هو حقا ملك» فهو شخص يمتلك حسًّا سليمًا، وهو الوحيد الذي يملك الشجاعة ليطالب بوقف فوري ودائم لإطلاق النار»، ومن أبلغ التعليقات ما قاله أحدهم «كيف يمكنني التصويت لملك الأردن ليكون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.
نعم إن الخطاب الملكي لم يشكل فقط حالة ذهول في البيت الأبيض، بل استفز ساسة إسرائيليين، وجعلهم يشنون هجومًا شرسًا على الأردن عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن شاهدوا تأثيره في الرأي العام الأمريكي وحجم المتفاعلين مع صدق حديث الملك، محاولين طمس الحقائق وارتداء ثوب المستضعفين الذين يدافعون عن أنفسهم...
نعم وبكل وضوح وبعد هذا الكلام نقول إن الرسالة الملكية وصلت إلى الرأي العام الأمريكي والغربي ونعلم جميعًا أن للرأي العام هناك دورًا مهمًا في التأثير على القرار السياسي وهو المهم الآن للضغط على صناع القرار في الكيان وخصوصًا أن الانتخابات الأمريكية على الأبواب، وأن التصلب في الرأي الأمريكي قد يكلف الرئيس بايدن الكثير على الأقل انتخابيًا....
اليوم لم يبقَ للسردية الإسرائيلية بشأن ارتكاب مقاتلي حماس انتهاكات في 7 أكتوبر كثيرًا من القبول وأن روايتهم الكاذبة بدأت تتصدع وبشكل ملفت وما نراه اليوم من تغير واضح في الشارع الأمريكي والغربي بكل تأكيد سيكون له أثر على صناع القرار هناك لوقف الحرب وبشكل دائم..
أما محلياً، فرسالتي الى صناع القرار ان تتسارع خطواتهم لتقف على نفس المسافة والتناغم والزخم الذي يتحدث بها جلالة الملك والشعب ، وان تكون افعالهم بحجم الأردن الكبير قيادة وشعبا، فبعد حديث الملك الواضح الشفاف يجب ان لا يبقى للمرجفين وأصحاب القرارات الرمادية المتناثرة أي وجود..
اليوم واقولها بكل وضوح على الحكومة ان تسارع في ترجمة كلام الملك الى واقع وان يكون لها دور حيوي في التسوية التي يتحدث عنها الجميع فكلنا يعلم ان للاردن دورا مهما في ذلك بحكم علاقتة الراسخة مع الاشقاء هناك وعلاقتة مع المجتمع الغربي وان يتم ردم اي فجوة تعطل ذلك..
اليوم على مجلس الأمة أن يستمع لصوت الملك والشعب، وأن لا يتأخر في إعادة النظر في كل الاتفاقيات مع هذا الكيان الغاصب وخصوصا التي لا تخدم الأردن ولا تدعم الأشقاء هناك، فمن غير المعقول وبعد هذا الوضوح الملكي أن يبقى الباب موارباً فمن المفروض انكم نبض الملك والشعب.