شاهد العالم الإسبوع الماضي تحليق نسر هاشمي في سماء غزة في ليلة باردة ليلقي المساعدات من مواد إغاثية وعلاجية على أهلنا في غزة , هذا النسر هو عميد آل هاشم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين الذي خاطر بحياته في تلك الليلة دون إكتراث لما سيحل به لأن عقله وقلبه مع أهل غزة , فما أعظمها من تضحية من أجل من تُحب , وهي رسالة لكل الشعوب والقادة في العالم المحبين والمشككين , لتُنهي كل مقولة أو فكرة شوشت على الموقف الأردني بقيادته الهاشمية في ظل الدعم المتواصل بكل ما نملك من غالي ونفيس لأهلنا في فلسطين في حرب الإبادة التي تشنها عليهم إسرائيل.
لم تمضِ أيام قليلة حتى شد الرحال هذا النسر العربي الهاشمي برحلة خاطفة للذهاب إلى صناّع القرار في العالم الغربي لكل من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا , وذلك عندما إستشعر الخطر الكبير الذي سيحل بأهلنا في غزة إذا تم إجتياح مدينة رفح, هذه المدينة المسالمة التي نزح إليها 1.3 مليون فلسطيني جُلهم من النساء والأطفال لطلب الأمن والأمان, حيث طالب جلالة الملك من أولئك القادة بالإيقاف الفوري لهذه الحرب الهمجية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين, وفتح جميع المعابر والممرات لإدخال المساعدات والمعونات للفلسطينيين.
إن ما نشاهده من تمهيد لإجتياح مدينة رفح من رئيس حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة,هو تعبير عن الفشل العسكري والسياسي على مدار الأربعة شهور ونصف الماضية , فلم تتحقق الأهداف من حربهم الإبادية على أهلنا في غزة من إسترداد للمحتجزين أو القضاء على المقاومة الفلسطينية, لتتكشف بعدها حقائق هذه المرحلة والتي يريد منها الرئيس المتطرف نتنياهو إطالة أمد الحرب للهروب من وجه العدالة, ولتحقيق الهدفين التاليين:أولهما الضغط على المقاومة الفلسطينية للتنازل بسقف مفاوضاتهم في إطلاق المحتجزين الإسرائيليين , والهدف الثاني تهجير الفلسطينيين من مدينة رفح بعد حصارهم التام وإستهدافهم الممنهج بالتجويع والقتل .
هذه مهزلة تاريخية في إبادة جماعية للفلسطينيين في غزة لم يشهدها العالم منذ عقود طويلة في ظل صمت عالمي ,حيث قارب عدد الذين إستشهدوا أو جرحوا أو فقدوا على 110000 شخص معظمهم من النساء والأطفال, فالبرغم من الإدانة الدولية من محكمة العدل الدولية في لاهاي, وتبدل المواقف الغربية ومناشدة المؤسسات والهيئات الدولية لإيقاف هذه الحرب , لا يزال صوت آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية هي المسموعة في غزة .
الخبير والمحلل الإستراتيجي
المهندس مهند عباس حدادين
mhaddadin@jobkins.com