لم تقف جهود القوات المسلحة/ الجيش العربي في محاربة آفة المخدرات عند حدّ المواجهات العسكرية على المعابر والحدود، إنما تعدّت ذلك بالكثير من الخطى المتقدّمة جدا في هذه المهمّة الاستثنائية، لجهة التوعية والتثقيف، ومؤخرا الدراما السينمائية، برؤى مميزة وإيجابية خرجت بها مديرية الإعلام العسكري بفيلم سينمائي قصير مدته (23) دقيقة، بمضمون ثري لملم كافة أطراف معادلة المخدرات من تعاطي وتجارة وظروف برؤى إخراجية وأدائية عالمية.
فيلم «الحِمل» السينمائي فكرته جاءت لتنفيذ رؤية القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية الإعلامية تجاه استخدام كافة الوسائل الاتصالية والاستفادة من الدور الهام للفن للوقاية والتوعية من خطر آفة المخدرات التي تعاني منها العديد من المجتمعات في المنطقة والعالم، كما كشف حقيقة واقع تجار المخدرات والعصابات والمهربين الذين يستغلون ضعف الوعي المجتمعي وفي بعض الأحيان الحاجة المادية لدى البعض للإيقاع بهم، تحديدا في جانب الترويج والتهريب والتوزيع، وبوسائل غاية في السلبية والعنف، كل هذه التفاصيل جمعها الفيلم بمدة لم تتجاوز (23) دقيقة، لتجد نفسك وأنت تتابعه أمام عمل سينمائي ضخم عالمي بمحتوى أيضا ضخم وبأدوات وظّفت الرؤية العسكرية الوطنية في محاربة المخدرات بشكل دقيق وواقعي.
هذا العمل السينمائي الضخم، عندما نصفه بالعالمية ليس مبالغة، إنما هو حقيقة فيلم عالمي، ووصل لمهرجانات عالمية عديدة، فقد اعتمدت إدارة مهرجان أونيروس السينمائي ومهرجان نيويورك السينمائي الدوليين في الولايات المتحدة الأمريكية - ولاية نيويورك الفيلم، لهذا العام مع عدد من الأفلام العالمية ضمن فئة الأفلام القصيرة، ليس هذا فحسب إنما وصل إلى التصفيات نصف النهائية بعد قبوله واختياره خلال منافسات شهر كانون الثاني لهذا العام في المهرجانين، كما وصل التصفيات النهائية في مهرجان CKF السينمائي الدولي في بريطانيا عن فئة الأفلام القصيرة، بمعنى أنه فيلم عالمي ينافس على السجادة الحمراء آلاف الأفلام العالمية، ووصل بعدد من المهرجانات لتصنيفات متقدمة جدا، ما يجعله حقيقة عالمي التفاصيل الفنية والفكرة والتنفيذ، والأداء.
تجربة رائعة ومميزة عندما تتابع الفيلم الذي سعدت برؤية بعضا من تفاصيله، وعمليا تأخذك التجربة التي هي الأولى من نوعها مديرية الإعلام العسكري، تأخذك نحو عالم السينما العالمي المختلف، وبتفصيل بعيدة تماما عن الفانتازيا أو البُعد التجاري، والمضمون الهش، فهو فيلم «من النوع الثقيل» بحرفية المعنى، إضافة إلى أنه تميّز بأنه تم أردني من ألفه إلى يائه، برؤى وطنية مميزة، وبمشاركة مجموعة مميزة من الفنانين الأردنيين، وبإخراج عبقري أبدع به مخرج وكاتب السيناريو الرائد محمد جميل التويجر، الذي أيضا تعدّ تجربته الأولى في الإخراج السينمائي، ليخرج «الحِمل» بصورة نادرة محليا، وعربيا وحتى دوليا، جاعلا منه قصة بأبعاد إنسانية توعوية تثقيفية حدّ الحقيقة لتعيش الفيلم وأنت تتابعه فهو حقيقة تفكير خارج الصندوق.
وما يضيف من ثراء الفيلم وأهميته، أنتج بشكل كامل من مديرية الإعلام العسكري، ونفّذه المركز الإعلامي العسكري كتابة وإخراجاً وإنتاجاً وتصويراً ومونتاجاً من قبل الكوادر العسكرية الإعلامية العاملة فيه، ليكون فيلما سينمائيا ابداعيا مختلفا، وضع الأردن بمكان متقدّم في عالم السينما الذي ما يزال حضوره متواضعا به تحديدا في المهرجانات الدولية، ليحضر بقوة ومهنية وتميّز من خلال «الحِمل» هذا الإبداع العبقري.