هذا الصباح (صباح أمس الإثنين)؛ وصلتني على هاتفي رسالتان، من هاتف مسؤول أمني سابق، رفيع، ويبدو انه أرسلهما لعدة أصدقاء، وليس لي وحدي، وللدقة أقول أعاد إرسالهما، لأنهما تم إعادة إرسالهما عدة مرات، والرسالتان هما (فيديوهان يعني فيديو عدد 2)، فيهما محتوى أردني ثمين جدا، أنصح كل المستائين أو الذين لا يفهمون الموقف الأردني، أو حتى (الكذابين)، الذين يجيدون تشويه مواقفنا وتاريخنا.. والناس العاديين، أنصحهم جميعا بأن يبدأوا يومهم بمشاهدتهما، ففيهما من المحتوى (العفوي) ما هو كفيل ببث روح الإيجابية والفخر بالأردن، شعبا ودولة ومؤسسات ونبضا صادقا، حتى الكذاب و»الساقط» سيفخر بهما ويترفّع عن السقاطات والصغائر.
في الفيديو الأول، يتحدث الطبيب حسام أبو صفية، وهو مدير مستشفى (كمال عدوان)، يقدم الشكر لشباب «حيّ الطفايلة»، الذين نجحوا في توصيل وجبات غذائية للمستشفى الواقع في الشمال من غزة، بعد ان تمكنوا قبلها من ارسال شحنة من حليب للأطفال في غزة، ويثمن الدكتور ابو صفية ممتنا، جهود شباب حي الطفايلة في العاصمة عمان، وجهود الأردنيين في دعم ومساندة أهل غزة، ثم وفي الفيديو نفسه، مقطع آخر، يظهر فيه شخص يشيد بامتنان كبير بجهود شباب حي الطفايلة، ويتلو على مسامعنا ما طلبوه من كوادر المستشفى، في تقبل مساهمتهم البسيطة الأخرى، وهي (عِجْلٌ حيّ، مربوط بحبل)، ولون العجل أحمر، طلب الطفايلة أن يتم ذبحه وإطعام لحمه لمن يتواجد في المستشفى، وجرى تصوير العجل حيّا، ثم مذبوحا، والامتنان بادٍ على وجوه كل من يظهر في المقطع، والفخر والاعتزاز يتناميان في نفسي، بشباب حي الطفايلة وبسائر الجهود الأردنية، التي يقلل بعضنا من شأنها، بل ويتنكر لها، ويتهمنا بالتقصير، ويزاود علينا ..
أما الفيديو الثاني؛ فقد تجسدت فيه عدة صور ومعانٍ أردنية، أبدؤها بالحديث عن مصدر الفيديو، وهو «إذاعة حسنى»، وهي إذاعة محلية أردنية خاصة، تجترح دوما نجاحات إعلامية بلا جهود «رسمية»، ولا عبقريات خارقة او ملاحظات وتقارير غبية، حيث كان المذيع يجري اتصالا مع طبيب اردني يتواجد في احد المستشفيات الميدانية «المدنية» في غزة، وهو طبيب طوارئ سلطي اسمه د منصور الحياري، مضى على وجوده في غزة 16 يوما فقط، بعد ان حاول أكثر من مرة الذهاب إلى غزة منذ شهر 10 اكتوبر الماضي، وفشل، ثم وصل أخيرا، وأخذ بالإجابة عن أسئلة الزميل «الغرايبة» في إذاعة حسنى.
يقول الطبيب الحياري باعتزاز كبير: إن الجهود الأردنية الرسمية والشعبية، تحوز كل التقدير والفخر، لدى أهل غزة الصابرين الصامدين، ويوضح أن أي شيء يقدمه الأردنيون هو مهم جدا بالنسبة للناس هناك، مهما قلّ شأنه، فهو عظيم، ابتداء بالمظاهرات والتفاعل الشعبي، مرورا بالمساعدات مهما كانت قيمتها وحجمها، والمواقف السياسية التي تظهر في التفاعل السياسي المحلي والدولي، وانتهاء بالمواقف والجهود الملكية الكبيرة، فكلها في عين المتابعة والتقدير والامتنان لدى الناس في غزة، وتحدّث عن قصص يومية تصف حال الناس، الذين يراجعون المستشفى الصغير الذي يعمل فيه الطبيب الحياري.
الحياري؛ تحدث بمشاعر وطنية جياشة، حين سأله المذيع عما يسمع ويعرف عن جهود المستشفيات العسكرية الميدانية، التي تتواجد في غزة، فألهبني الرجل اعتزازا وفخرا، سيشعر به مثلي، كل اردني يشاهد الفيديو، حين بدأ حديثه أولا عن حجم الخدمات التي يقدمها المستشفى للمصابين في غزة، وعن عمق وشدة أثرها في حياة الفلسطينيين الصامدين في غزة، وتحدث عن روح التفاني والإخلاص والتضحية التي يتمتع بها العسكر، الأطباء وسائر الكوادر في الخدمات الطبية الملكية، حيث قال إن زميلا او صديقا أو قريبا له، يعمل في كوادر الخدمات الطبية الملكية، أخبره بأنه وفور طلب مديرية الخدمات الطبية الملكية من كوادرها، التطوع للذهاب إلى غزة، قال إنه وخلال أقل من ساعتين، اكتمل العدد بل وزاد عن المطلوب بأضعاف، فكلهم يريدون الذهاب لتقديم الخدمة لمن يحتاجها في غزة، وهذا تفانٍ وصدق ونخوة أردنية أصيلة، لا يمكن لأحد في الدنيا أن يشكك فيها أو ينجح بالمزايدة عليها.. يقول الطبيب الحياري بأنه كان يخرج في المظاهرات في الأردن، مطالبا بتقديم الدعم لنصرة أهلنا في غزة، ويؤكد بأن هذه المشاعر وما يخالطها من تفكير، سيختلف تماما، ويتحول إلى التفكير بأعمال مختلفة تماما حين يكون الشخص متواجدا في غزة، يقوم بعمله الطبي المطلوب للشخص المناسب، وسيفهم عندئذ، حجم الجهد الأخوي الأردني الذي يقدمه الأردنيون جميعهم، ومن مختلف مواقعهم..
هذه مواقف وجهود أردنية، منسجمة مع كل التاريخ الذي يجمع الشعبين الشقيقين، والذي لا يحتاج لا لحبر ولا لحروف لتوضحه لمن ينسى، لأنه تاريخ تعمّد بالدم والتضحيات المستمرة التي يقدمها الأردنيون بلا منّة، للدفاع عن فلسطين، مقدساتها وترابها وتاريخها وحقوق شعبها..
لا يوجد طفايلة وحيارية وغرايبة وخدمات طبية ملكية في أي مكان في العالم، إلا في الأردن، ففيه شعب صادق صابر كريم حتى بدمه وأرواح أبنائه، يقدمها كلها من أجل فلسطين شعبا ومقدسات، ودوما متأهب لتقديم المزيد منها.
حمى الله الأردن والأردنيين، ونصر الفلسطينيين وثبتهم في أرضهم ووطنهم.